رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى 17 مايو الجارى نشر الحاخام «يعقوب يسرائيل هرتسوغ» الملقب بحاخام «جزيرة العرب» تويتة عبر منصة إكس «تويتر سابقًا» تلخص منهج الصراع العربى الإسرائيلى وفلسفة التسامح والسلام العالمى الذى يروج البعض له بحرارة وخبث وربما عدم إدراك، كتب يقول: «يسألنى الجمهور عن نهاية الحرب وانعكاساتها، وردى أن النهاية مرتبطة بالبداية والبداية بالنهاية، أى هما نفس الشيء، كل شيء يبدأ هنا وسيتم حله على جبل الهيكل بيت المقدس، إن جوهر عودتنا إلى أرض يسرائيل المقدسة هو بناء من جديد «بيت مكداش» وجعله مكانًا للعبادة لجميع الأمم».

سطور الحاخام السابقة تقول بوضوح شديد إن عمليات الإبادة والتطهير العرقى التى يمارسها الكيان الصهيونى ضد أهل غزة شيوخًا وأطفالًا ونساءً، لم تكن انتقامًا من «حماس» أو رد فعل على عملية «طوفان الأقصي» كما يروج البعض، لأن تلك العمليات لن تنتهى إلا بتحقيق الهدف المقدس بالعودة إلى البداية، بداية قيام مملكة إسرائيل التى رسم حدودها المقدسة أولئك القتلة، فالبداية كما كتب «يعقوب» هى النهاية والنهاية هى البداية!.

تفضح تلك السطور المصحوبة بصورة الحاخام وهو ينفخ البوق «الشوفار» فى محيط الأقصى، ماهية السلام العالمى الذى يدعون إليه، سلام تحت راية «الهيكل الجديد»، مكان العبادة وقِبلة الأمم فى المستقبل، فى إشارة ضمنية للديانة الإبراهيمية الجديدة، والاصطفاف الجديد خلف رايتها وراية هذا الحاخام الذى خلع لباسه الدينى مرتديًا الزى العسكرى مشاركًا فى مذابح غزة عقب «طوفان الأقصي»، مهددًا وقتها بأن رد الشعب اليهودى على تلك العملية سيجعل آثار إلقاء القنابل النووية على «ناجازاكى وهيروشيما تبدو نكتة»!.

تلك السطور التى لم يتجاوز عدد كلماتها الـ«55 كلمة»، هى مرآة لعقيدة المذابح المقدسة والإبادة الجماعية تنفيذًا لنصوص تلمودية، وامتدادًا طبيعيًا لمخططات التهجير الصهيونى مثل «يوسف فايتس 1890 -1972» عضو لجنة ترحيل العرب فى 1948  الذى قال فى مقترح قبل النكبة بثماني سنوات: «يجب أن يكون واضحًا لنا أنه لا مكان لكلا الشعبين فى هذا البلد.. بترحيل العرب يصبح هذا البلد مفتوحًا على مصراعيه أمامنا.. ببقاء العرب يكون هذا البلد ضيقًا ومحدودًا... الحل الوحيد هو أن تصبح أرض إسرائيل أو على الأقل الأراضى الغربية لإسرائيل، أى كل فلسطين من دون عرب.. يجب ألا تترك قرية واحدة أو قبيلة واحدة.. يجب أن يتم الترحيل.. لا يوجد أى حل آخر»!.

هذا التهجير القسرى وتلك الإبادة الممنهجة للبشر والحجر على مدار عقود، كتب عنها المؤرخ الإسرائيلى المعادى للصهيونية «د. إيلان بابه» يقول: «إن القرى والمدن الفلسطينية التى دُمرت ومئات الآلاف ممن هُجروا وذُبحوا كانوا ضحية جريمة وأيديولوجية لا نتيجة حرب عادية»، داعيًا إلى البحث عن مصطلح بديل لـ«النكبة»، حيث إن هذا المصطلح لا يعبر بشكل كافٍ عن حجم وحقيقة الجرائم الصهيونية بحق الفلسطينيين والبشرية!.

الخلاصة.. إننا أمام لحظة حاسمة وموقف جلل، وسط تحدٍ جدى للوجود العربى لم يكن مطروحًا من قبل كما أكد السيد «عمرو موسي» مخاطبًا «الجامعة العربية» التى جاءت دورتها الـ33 بالتزامن مع إحياء ذكرى «النكبة الـ76»، فى رسالة فحواها «نكون أو لا نكون»، لنرى البيان الختامى لتلك القمة بين «ندعو وندين ونؤكد ونعرب ونوجه»!، فكما كانت كلمات الحاخام «يعقوب» مرآة لخطط التهجير والقتل المقدس، فإن بيان «الجامعة» جاء انعكاسًا لنكبات الضمير العربى وسياساته.

فى النهاية.. إذا كان مصطلح «النكبة» لا يستوعب حجم الجرائم الصهيونية فى حق الإنسانية بشكل عام وأهل فلسطين بوجة خاص، فإن النكبة الأشد إيلامًا هى نكبة الضمائر العربية التى قبلت التعايش مع جرائم هذا «الكيان الصهيونى» وسمحت له بارتكاب تلك المذابح دون خوف من حساب أو عقاب!.

أخيرًا.. ربما أكتب عن غزة وما يحدث فيها فرارًا من شعور الهزيمة و«النكبة» التى نعيشها، فرارًا من هذا العجز الإنسانى أمام توحش طوفان الإبادة، أكتب عن غزة متمسكًا بحلم العودة ممسكًا بمفتاح الديار، أكتب عن غزة ربما يستيقظ الضمير العربى والإنسانى من نكبته.

[email protected]