عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كلمات

قد يعيش إنسان عمره كله ولا تواتيه سوى فرصة واحدة، فإن ضيعها ضاعت حياته كلها، وإذا اغتنمها تغيرت إلى الأبد حياته كلها.. وهكذا حال الدول أيضاً..
وصفقة رأس الحكمة بلا شك فرصة ذهبية للاقتصاد المصرى، ولكن طريقة تعامل الحكومة معها حتى الآن تثير مخاوفى.. لأننا نتعامل معها بمنطق من سيذبح الدجاجة التى تبيض ذهبًا لتناول وجبة من لحمها!
طبعًا يعلم كل المصريين أن الدفعة الأولى من فلوس رأس الحكمة تبلغ 35 مليار دولار، منها 11 مليارًا سيتم إسقاطها من ديون مصر هى حجم وديعة الإمارات فى البنك المركزى، وهناك 24 مليار دولار دخلت منها حاليًا 10 مليارات دولار والـ14 مليار دولار الباقية ستدخل خزينة البنك المركزى خلال شهرين.
ولو استبعدنا قيمة الديون التى كانت علينا للإمارات وقيمتها 11 مليار دولار، فسيكون لدينا 24 مليار دولار باقية من مقدمة الصفقة.. فما الذى تنوى الحكومة فعله بهذه المليارات؟
من الطبيعى والمنطقى أن تستغل الحكومة جانبًا من هذه الأموال فى ضبط سوق سعر الصرف والقضاء على السوق السوداء.. ويقول خبراء اللاقتصاد إن هذا الأمر يتحقق باستخدام ٣ مليارات دولار فقط..
إذن سيبقى 18 مليار دولار.. فما الذى ستفعله الحكومة بهذا المبلغ؟
حتى الآن تم أمران: أولهما تخصيص 10 مليارات جنيه من تلك الأموال لصندوق «قادرون باختلاف».
والأمر الثانى أعلنه المستشار محمد الحمصاني- المتحدث باسم مجلس الوزراء، والذى قال فى تصريحات تليفزيونية: إن الحصيلة الدولارية غرضها استيفاء الحاجات الأساسية للمواطنين، ومن ضمنها بطبيعة الحال استيراد السلع الغذائية والأدوية ومدخلات الإنتاج لدعم المصنعين، ومشروعات حياة كريمة..
ولو كانت هذه هى رؤية الحكومة للحصيلة الدولارية لصفقة رأس الحكمة فقل على الدنيا السلام.. لماذا؟.. لأن هذه الأموال رغم ضخامتها لو أنفقناها فى الأكل والشرب واستيراد سلعًا غذائية سيأتى عليها يوم وتنتهى وبعدها ستعود السوق السوداء للدولار أشرس مما كانت، ويعود التضخم بأعنف مما كان، وتعاود الأزمة الاقتصادية سيرتها الأولى، وبسيناريو كارثى.
وكنت أتمنى لو أن المليارات العشرة من الجنيهات التى تم تخصيصها لصندوق "قادرون باختلاف" قد تم تخصيصها لإقامة مشروع صناعى كبير يخصص عائده للصندوق، فسيكون ذلك أفضل بكثير للصندون وللقادرين باختلاف، لأن إقامة مشروع اقتصادى ضخم تابع للصندوق سيضمن عائدًا سنويًا ضخمًا لهذا الصندوق يستمر للأبد.
والمطلوب الآن من الحكومة أن تحدد على وجه الدقة وبشكل سريع ما الذى يجب أن تفعله بهذه المليارات لتحيق أقصى استفادة منها لصالح المصريين ولصالح الاقتصاد المصري
فإذا كانت الحكومة لديها خطة شاملة فى هذا الموضوع فعليها أن تعلنها للرأى العام، فإن لم يكن لديها هذا المخطط، فعليها أن تعقد اجتماعًا موسعًا مع متخصصين من كل التوجهات الاقتصادية (يمينيين ويساريين وإسلاميين) لتحديد أنسب طرق الاستفادة من فلوس رأس الحكمة.
وأتصور أن أنسب طرق الاستفادة من هذه الأموال هو استثمارها فى مشروعات صناعية ضخمة تضخ إيرادات سنوية مباشرة ودائمة فى شرايين الاقتصاد المصرى على سبيل المثال: مصر بحاجة إلى إقامة مجمع ضخم للحديد والصلب، فأساس الصناعة والتصنيع هو الحديد، وعيب ألا أن تكون أساس كل الصناعات فى يد القطاع الخاص وحده..
نريد مشروعات استثمارية تحقيق نهضة اقتصادية حقيقية.. مشروعات صناعية تحقق قيمة مضافة كبيرة لتكون مصدرًا للدخل القومى.. نريد مشروعات تحقق الاكتفاء الذاتى من السلع الاستراتيجية، نريد أن تصبح مصر أكبر دول العالم تصديرا لأفريقيا..
هذا ما يجب أن نفعله، أما أن ننفق هذه الأموال فى استيراد الأكل والشرب، وسداد ما علينا من ديون فسنكون كمن ذبح الدجاجة التى تبيض ذهبًا، مكتفيًا بتناول وجبة من لحمها!
[email protected]