رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نور

تحدثنا فى الأسبوع الماضى عن علاقة مصطفى النحاس ومكرم عبيد.. وقلنا إن هذه العلاقة كانت تثير حفيظة القصر الملكى، فقام أحمد حسنين باشا كبير الياوران فى القصر الملكى بالوقيعة بين مكرم عبيد باشا والنحاس باشا عبر ادعاءات على زعيم الأمة لا أساس لها من الصحة انتهت بإصدار مكرم للكتاب الأسود.
ولكن كيف تمت الوقيعة بين النحاس ومكرم؟
الخلافات السياسية التى حدثت بين النحاس ومكرم، بسبب «رغبة مكرم» فى رئاسة الوزراء، وكان أحمد حسنين باشا، رئيس الديوان الملكى، يتسم بالمكر لأنه قال للملك فاروق: إذا كنت تريد أن تنتقم من الوفد مزق العلاقة والصداقة بين مكرم عبيد باشا ومصطفى النحاس باشا، وهذا ما حدث فعلًا، حيث قال أحمد حسنين باشا لمكرم عبيد: «ليه إنت ما تبقاش رئيس وزارة وديانتك مش عائق كان فيه أقباط قبلك رؤساء للوزارة وأنت أقدر من اللى جاءوا قبل النحاس».
فى ذلك الوقت الذى كان يتولى مصطفى النحاس باشا رئاسة الوزارة مما زاد من احتقان العلاقة بين مكرم عبيد باشا النحاس باشا.
المشكلة الحقيقية لم تكن فى طموح مكرم عبيد، ولكن الأزمة كانت فى أن مكرم قام بتنفيذ الاتفاق بشكل عنيف، وهو ما سرده مصطفى النحاس باشا، عندما وجد تصرفات غريبة من مكرم عبيد داخل البرلمان، ويحكى النحاس واقعة إقالة مكرم عبيد عام 1942 قائلًا.. «ذهبت ذات ليلة لحضور جلسة مجلس النواب، وكان أحد نواب المعارضة يتكلم فى استجواب، ووجه النقد للوزير المختص ثم أعقبه عضو ثانٍ، فانتقد الحكومة كلها ورئيسها لأنها مسئولة عن هذا التصرف مسئولية كاملة، فإذا بـ«مكرم عبيد» يطلب الكلمة فأيد صاحب الاستجواب وزميله فيما قالاه، وهنا قام مُصطفى النحاس وقال: بصفتى رئيسًا للوزراء أعلن أن مكرم عبيد لم يعد وزيرا للمالية»!!.
طبعًا تصرف النحاس كان انفعاليًا، ولم يكن قرار إقالته من الوزارة دستوريًا إلا بعد موافقة مجلس الوزراء الذى كان وفديًا، ولأن مصطفى النحاس كان الزعيم الشعبى الذى يكتسح الانتخابات دائمًا وكانت الجماهير تهتف باسمه فى وجه الملك والسلطة والاحتلال، فقد كان له ما أراد، ولكنه فى نفس الوقت أصيب فى قلبه بطعنة صديق أوجعته، حتى أنه قال عما فعله مكرم«ظنى خاب فى صديق العمر، وتقديرى أخطأ فى رفيق النفى والسجن والجهاد، ولم أضق به مع تكرار اعتداءاته، بل احتملته حتى بلغ السيل الزبى».
ويقول محمد حسين هيكل عن هذا الخلاف كلامًا مهمًا سرده فى كتابه «سقوط النظام»، إن الفراق بين الاثنين(مكرم والنحاس ) كان من تدبير الملك فاروق ورئيس ديوانه أحمد حسنين باشا، وذلك انتقامًا من حادث 4 فبراير 1942.
ويقول الكاتب جلال الحمامصى فى كتابه «حوار وراء الأسوار» إنه فى ليلة من ليالى أغسطس عام 1942 ذهب إلى رئيس الديوان أحمد حسنين واتفقا على تسجيل ما سمياه الاستثناءات والانحرافات فى عريضة ترفع إلى الملك فاروق، وسافر الحمامصى إلى رأس البر وعرض الفكرة على مكرم، الذى وافق وشرع فى كتابة المقدمة، ثم اقترح الحمامصى تأليف العريضة فى كتاب سمى الكتاب الأسود، وذكر الحمامصى أن أحمد حسنين كان يتابع تأليف الكتاب ووافق على أن يتسلم العريضة لحفظها فى خزينة القصر حتى لا تقع فى أيدى حكومة الوفد، وقد أجمعت المصادر على أن أحمد حسنين أجاد الوقيعة بين مصطفى النحاس ومكرم عبيد.
كانت صداقة النحاس ومكرم لا مثيل لها، ولا تتكرر كثيرًا فى السياسة، تحدثت عنها الدكتورة منى مكرم عبيد، عندما وصفت علاقة عمها مكرم عبيد بالزعيم مصطفى النحاس، فقالت إن النحاس باشا كان يقوم بدور الممرض لأخيه مكرم عندما أصيب بالملاريا فى المنفى الذى قضيا فيه وقتًا طويلًا مع سعد زغلول فى جزيرة سيشل.