رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لوجه الله

الثقوب السوداء.. هى إحدى الظواهر الكونية التى حيرت العلماء.. ولا يزال المجهول من أمرها أكثر من المعلوم.. لذا لا يصح وصفها بجرم سماوى.. إذ إن أكثر ما يقال عنها وعلى ألسنة العلماء «للأسف» لا يعدو مجرد تخمين.. دون دليل علمى موثوق.

حتى إن بعض العلماء قال متوهماً.. إن هذه الثقوب تمثل بوابات بين عوالم وأكوان مختلفة.. والبعض قال إنها بوابات للنفاذ إلى سماوات أخرى.. لكن أكثر ما قيل انضباطاً عن الثقب الأسود أنه جسم عالى الكثافة.. تشكل بفعل انهيار نجم بالغ الضخامة.. ما جعل له قدرة عالية على جذب وابتلاع أى شىء أو جرم يقترب منه.. حتى الضوء يستطيع جذبه وشفطه ببساطة متناهية.. والمعروف عن الثقب الأسود حتى الآن أنه يلتهم أى شىء فى طريقه.. أثناء حركته المستمرة مع الكون.. سواء كان هذا المسكين الذى وقع فى طريقه كوكب أو نجم ضخم..يدرك مصيره أو يجهله.. وما رصده علماء الفضاء عن الثقب الأسود هو واجهته فقط.. أو هكذا يظنون.. وهذا ما فتح الباب أمام الخيال البشرى لرسم صورة خيالية تقوم على افتراضات لا أصل علمى لها لوجهه الآخر.. فمنهم من قال إن الأجسام المبتلعة تتحول إلى هالة حول الثقب تحتفظ بخصائص مادتها.. ومنهم من توهم انتقال هذا الجسم إلى عالم آخر.. و«لحسن الصدف» فإن هذا العالم فردوساً ساحراً.. أجمل بكثير من عالمنا.. لم يرَ العلماء هذا العالم الآخر «الجحيم بعينه».. رغم أنه الأقرب للمنطق، لمخلوق يبتلع ويدمر كل ما يقترب منه.. كما أن المنطق يقول إن باطن هذا الثقب الأسود وفقاً لفرضية تعريفه لن يكون أكثر من مقبرة عفنة لبقايا أجرام محطمة ومنصهرة. 

ومن عجائب الكون الفسيح.. ودلائل وحدانية الخالق.. أن تجد تشابهاً رهيباً بين مفرداته.. من أصغر المخلوقات إلى أضخمها.. فشفرة تخليق البروتين فى جميع الكائنات الحية واحدة.. من النملة إلى الإنسان إلى الحوت الأزرق.. وكذلك نظامنا الشمسى تستطيع أن ترى صورة مصغرة له.. فى إلكترونات أى ذرة تدور حول نواتها.. فى توافق وتشابه مذهل.. يصعب على غير الموحدين إدراك فلسفته.. وكأن الخالق أراد أن يقول للإنسان إن الوصول إلى الخالق الأوحد للكون أمر يسير.. يمكنك تحقيقه من أى نقطة تحركت وفى أى اتجاه انطلقت.. «وفى أنفسكم أفلا تبصرون»!.

فلكل ما فى الكون الفسيح شبيه ومثال فى عالمنا.. ومنها الثقوب السوداء بالطبع.

فلا تعتقد أنك فى مأمن منها ولن تصطدم بثقب أسود دون وقوع كارثة كونية.. فالثقوب السوداء فى حياتنا.. تدور وتلتف حولنا.. تتربص بنا كضبع يحوم حول فريسته.. فمنها من يسرق مالك.. فلا تعرف أين ذهب.. ولا تجد لذلك مبرراً أو منطقاً.. ومنها من يستنزف ذهنك ويسرق أفكارك دون أن يظهر لها أثر عليه.. ومنها من يسرق عمرك ويجعلك تدور فى دوامات لا متناهية من اللا منطق واللا معقول.. ومنها من يسرق مشاعرك وخفقات قلبك.. لتراها تتسرب من بين يديك فى مسلسل هزلى لا ينتهى إلا بانقضاء العمر.

وكما عجز العلماء عن معرفة ما خلف الثقوب السوداء.. عجزنا عن إدراك من يقف خلف الثقوب السوداء فى حياتنا.. ما هدفه وما هويته وأين يذهب ما يبتلعه حتى الضوء من حولنا؟!.

وإن كان من المستحيل مقاومة تلك الثقوب السوداء فى حياتنا كما فى الكون.. فأبسط الأشياء أن نعرف كنهها.. لأن أبشع ما تسلبه منك تلك الثقوب هو ذاتك وانتماؤك.. انتماؤك للزمان وللمكان بل ولنفسك وعالمك الخاص.. فكشفك عن باطن تلك الثقوب السوداء هو كشف عن ذاتك المسلوبة..! وقانا الله وإياكم شر الثقوب السوداء.