رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ارتفاع مستمر فى السوق المصرية.. والنهاية مجهولة

فوضى فى سوق الذهب

بوابة الوفد الإلكترونية

يشهد سوق الذهب فى مصر حالة من الفوضى وتحركات سعرية غير مسبوقة، نتيجة عدة متغيرات أحدثت نوعًا من الارتباك فى أداء مؤشرات الذهب محليًا، خاصة بعد إقبال المصريين على شراء كميات ضخمة منه كاستثمار آمن لأموالهم، حيث بلغت مدخراتهم نحو 25 طنًا خلال عام 2023 وفق تقارير اتجاهات الذهب، فضلًا عن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وحرب إسرائيل وقطاع غزة، والاضطرابات الجيوسياسية على الحدود المصرية، إضافة إلى انخفاض القيمة الشرائية للجنيه، والمضاربة على الذهب والاحتكار، فضلًا عن ارتفاع سعر الذهب عالميًا، وإيقاف مصر لاستيراده.

وأمام كل هذه المتغيرات وقف المواطن المصرى حائرًا: أيشترى الذهب كمخزون للقيمة أم لا؟ بينما هناك شباب فرضت عليهم الظروف شراءه كجزء من مستلزمات الزواج الذى أصبح حلمًا بعيد المنال على الغالبية العظمى منهم بسبب ارتفاع التكاليف، حيث تعد الشبكة ضرورة وأمرًا واجبًا فى العديد من المحافظات وبعدد معين من الجرامات بما يفوق إمكانيات الكثير منهم. فيما اضطررت العديد من الأسر إلى تغيير عادات امتدت لمئات السنين لتقتصر الشبكة على «الدبلة» فقط.

وبدأت بعض المحافظات فى إطلاق مبادرات للاكتفاء «بدبلة الخطوبة» فقط للتخفيف عن الشباب والتقليل من تكاليف الزواج التى ارتفعت بشكل عام، بينما لجأ الكثيرون للذهب الصينى كبديل للشبكة.

البورصة العالمية بريئة.. ودولار السوق السوداء المتهم الأول:

 

اضطراب السياسة العالمية.. سبب جنون «المعدن الأصفر»

 

يؤكد خبراء الاقتصاد حول العالم استمرار صعود أسعار الذهب خلال عام 2024 عالميًا، بسبب الاضطرابات الجيوسياسية بالمنطقة العربية، والحرب على غزة، مع استمرار تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على دول العالم أجمع، إلى جانب اتجاه الأفراد والمؤسسات المالية والمصرفية حول العالم، إلى شراء كميات من الذهب كاستثمار آمن وحفاظا على مدخرات الأفراد والدول فى ظل استمرار الصراعات والنزاعات والحروب.

هدى الملاح

وفى هذا الشأن، تتوقع الدكتورة هدى الملاح، خبيرة الاقتصاد ومدير المركز الدولى للاستشارات الاقتصادية، استمرار ارتفاع أسعار الذهب خلال 2024، مع زيادة الطلب عليه محليا وعالميا، نتيجة لاضطراب الأوضاع السياسية بالمنطقة، والحرب على غزة، ودعم الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية للكيان الإسرائيلى، وتزايد التوترات على الحدود المصرية، فضلا عن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.

وأضافت مدير المركز الدولى للاستشارات الاقتصادية، أن تلك العوامل مجتمعة دفعت المواطنين إلى القلق والخوف على مدخراتهم، مع فقد الثقة فى الاستثمار مع تغيرات العملة وانخفاض قيمة الجنيه، حتى أصبح الاستثمار فى الذهب من وجهة نظر الكثيرين هو الملاذ الآمن الذى يضمن أموالهم مع تحقيق مكاسب كبيرة بمرور الوقت.

وأكدت «الملاح» أن هناك شُحاً فى الدولار فى السوق المصرى، بالإضافة إلى انخفاض القيمة الشرائية للجنيه، وهما عاملان دفعا المواطنين إلى الامتناع عن الاستثمار فى الدولار بسبب قلته وعدم استقرار أسعار الصرف، وأصبح الملاذ الآمن الآن هما: الذهب والعقارات، لافتة إلى ارتفاع أسعار العقارات إلى أرقام فلكية أيضاً، ومع نقص الخبرة فى تسويق العقارات وارتفاع أسعارها والتعرض لمحاولات نصب، بالإضافة إلى مشكلة عدم القدرة على التصرف فى العقارات بسرعة، كل هذه العوامل أدت إلى زيادة الإقبال على الذهب، وكل هذه العوامل تعزز من فرص الذهب لتحقيق ارتفاعات كبيرة خلال عام 2024.

وأشارت إلى تراجع واردات مصر من الذهب بنسبة 90% خلال العام الماضى 2023، بسبب نقص الدولار، علاوة على ارتفاع السعر العالمى للذهب، وإقبال البنوك المركزية على شراء كميات كبيرة منه لرفع احتياطيها، وتراجع الاعتماد على الدولار كاحتياطى رئيسى لدى البنوك المركزية عالميا، ولذلك من المتوقع أن يسجل الذهب ارتفاعات قياسية خلال 2024، على المستوى المحلى والعالمى، بالأخص مع ارتفاع حجم الطلب محليا ودوليا سواء من الدول أو الأفراد فى ظل استمرار الصراعات الجيوسياسية فى العالم.

وتابعت أن هناك عاملا آخر جوهريا من شأنه الصعود بأسعار الذهب، حتى مع تحقيق الوفرة واستقرار السوق من حيث المعروض، ألا وهو «احتكار الذهب» من قبل التجار والمضاربة عليه، إضافة إلى غياب الدور الرقابى للدولة على سوق الصاغة، لافتة إلى أن سعر الذهب فى السوق المصرى، مرتفع عن السعر العالمى بنسب عالية، بسبب احتكار تجار الذهب وسيطرتهم على السوق، مع تكالب المواطنين على الشراء وقلة المعروض.

هانى ميلاد رئيس شعبة الذهب 

من جانبه، استبعد المهندس هانى ميلاد رئيس شعبة الذهب باتحاد الصناعات فكرة حدوث ارتفاع فى أسعار الذهب خلال عام 2024، قائلا: «ماقدرش أقول هيحصل إيه.. لكن هناك مؤشرات تؤكد أن الذهب قابل للارتفاع خلال 2024».

وأوضح أن العوامل التى أدت إلى ارتفاع الذهب لمستويات قياسية خلال عام 2023 «قائمة»، ولا نتوقع انتهاءها، فالحروب والنزاعات مستمرة سواء فى الشرق الأوسط أو فى روسيا، والظروف الاقتصادية كما هى، بالإضافة لانخفاض معدلات الفائدة على الدولار، فكل هذه العوامل ستعزز من فرص الذهب فى الصعود.

وأكد رئيس شعبة الذهب باتحاد الصناعات، أن هناك إقبالا كبيرا من المواطنين على شراء الذهب، تحوطا وحفاظا على قيمة أموالهم من خفض قيمة الجنيه، نتج عن ذلك نقص المعروض ودفع الأسعار إلى الارتفاعات القياسية، مشيرا إلى أن سوق الذهب فى مصر، ينتظر انفراجة خلال فترة إجازة نصف العام، مع دخول كميات من الذهب مع العائدين من الخارج، لتعويض النقص فى السوق، لافتا إلى دخول 2.5 طن ذهب خلال 2023 مع القادمين من المصريين بالخارج والأجانب، والسوق مجرد رد فعل لكل ما يدور حوله من صراعات ونزاعات وأزمات اقتصادية.

 

 طفرة الأسعار متواصلة منذ عامين

خلال العامين الماضيين ارتفعت أسعار الذهب فى مصر بشكل غير مسبوق، ووصل سعر الجرام منه إلى أرقام فلكية، حتى أن الجرام عيار 21 تخطى حاجز ثلاثة آلاف جنيه لأول مرة فى تاريخه، والغريب أن هذا الارتفاع فى الأسعار على المستوى المحلى ليس له علاقة ببورصة الذهب العالمية، وهو ما يؤكد أن الفوضى هى التى تحكم سوق الذهب فى مصر، ومن المعروف أن هذه السلعة تخضع للسعر العالمى الذى تحدده البورصة العالمية، إلا أن ما شهده السوق المصرى جاء مخالفا لهذه القاعدة.

وتشير تقارير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى سبتمبر 2023، إلى تراجع واردات مصر من الذهب الخام غير النقدى من 9.115 مليون دولار خلال يونيو 2022، إلى 443 ألف دولار فى يونيو 2023، بانخفاض بلغ 8.672 مليون دولار، أى بنسبة 95%.

ويُرجع خبراء الاقتصاد، ارتفاعات الذهب إلى وجود «تلاعب غير مفهوم» فى السوق لا يمُت بصلة للسعر العالمى، بالإضافة إلى ارتباك السوق الدولارى داخل مصر، مؤكدين أن ارتباك سوق الذهب سيؤدى إلى انهيار حاد فى نهاية المطاف، ومن الوارد أن يصل جرام الذهب عيار 21 إلى 5 آلاف جنيه خلال عام 2024.

مصطفى بدرة، أستاذ الاستثمار والتمويل

وأرجع الدكتور مصطفى بدرة، أستاذ الاستثمار والتمويل، والخبير الاقتصادى، ارتفاع سعر الذهب خلال العامين الماضيين إلى اتجاه البنوك المركزية حول العالم لزيادة الاحتياطى الأجنبى من الذهب، مؤكدا أن الدول العربية وكثيرا من دول العالم استبدلت الاحتياطى الأجنبى من «الدولار» بشراء كميات كبيرة من الذهب، ما ترتب عليه انخفاض الاحتياطى العالمى من الدولار فى البنوك المركزية بنحو 2%، فى خطوة لـ«التحوط» من مخاطر عملة الدولار عالميًا.

وأضاف أن عمليات شراء البنوك المركزية لكميات من الذهب ارتفعت بشكل كبير خلال عام 2023، ورأى خبراء الاقتصاد حول العالم توجه الدول نحو سلعة استراتيجية، مثل: «الذهب» أكثر أمانًا، للحفاظ على احتياطاتهم فى مأمن بعيدا عن الدولار، مؤكدا أن البنك المركزى المصرى شأنه شأن البنوك المركزية حول العالم، اتجه إلى شراء كميات من الذهب لتكوين الاحتياطى الخاص به، ما أدى إلى ارتفاع فى سعر الذهب بلغ 10%، بالإضافة إلى زيادة شراء المصريين للذهب مؤخرا، حيث أشارت تقارير اتجاهات الذهب إلى شراء المصريين 25 طنا منه خلال عام 2023، بخلاف سماح الدولة فى مايو 2023 باستيراد الذهب من الخارج بـ«أى كميات» دون دفع ضرائب سوى القيمة المضافة، بهدف تهدئة السوق على خلفية الارتفاعات الكبيرة، وتم مد قرار مجلس الوزراء الخاص بالسماح بالدخول الذهب دون ضرائب حتى مايو 2024 القادم، مؤكدا أنه تم دخول 2 طن ذهب إلى السوق المصرى عبر القادمين من الخارج منذ مايو 2023، خلاف زيادة الطلب داخل السوق المصرية فى خطوة من المواطنين للحفاظ على مدخراتهم من انخفاض قيمة الجنيه.

وأكد «بدرة» أن توجه رجال الأعمال للاستثمار فى الذهب، مسألة عادية، وتوجه البنوك المركزية للاستثمار فيه سيؤدى حتما إلى ارتفاع الأسعار عالميا، مشيرا إلى أن سعر الأونصة «31 جراما» كانت بــ1600 دولار، وصلت خلال الأشهر الأخيرة من 2023 إلى 2070 دولارا، بزيادة تقترب من 50%.

وأشار إلى أن تجار الذهب يرفعون السعر دون رقابة خاصة مع تراجع المعروض، وكثرة الطلب على المعدن الأصفر من قبل المواطنين، فالسوق محكوم بآليات العرض والطلب، فكلما كان المعروض أقل ارتفع السعر، وفى حال زاد المعروض انخفض السعر.

وتوقع أستاذ الاستثمار والتمويل زيادة أسعار الذهب خلال 2024، سواء على المستوى العالمى أو المحلى، موضحا أن مسألة تحديد سقف للسعر غير محددة ولا أحد يمكنه ذلك، لأن الذهب كل يوم بسعر ومتغيراته كثيرة، ولكن المؤشرات تؤكد أن هناك مزيد من الارتفاعات، بناءً على تنبؤات خفض سعر الفائدة عالميًا، خاصة من قبل البنك الفيدرالى الأمريكى، ما يدفع الأفراد والمؤسسات والدول إلى اللجوء أكثر للاستثمار فى الذهب.

زيادة عشوائية

الدكتور خالد الشافعى، الخبير الاقتصادى

وفى السياق، قال الدكتور خالد الشافعى، الخبير الاقتصادى، إن ما يحدث فى سوق الذهب «كارثة والزيادة عشوائية»، وهناك «أيادى سوداء» تتلاعب فى سوق الذهب، متابعا: فى دول العالم هناك متغير واحد يحكم سوق الذهب وهو السعر العالمى، أما فى مصر فهناك مجموعة من المتغيرات، منها: سعر الدولار وآليات العرض والطلب وأسعار الفائدة والسوق السوداء.

وأكد «الشافعى» أن الدولة فقدت السيطرة على انتظام سوق الذهب، والكل يرغب فى تحقيق مكاسب، حتى لو على حساب الدولة واقتصادها واستقرارها، والذهب أحد روافد السوق المصرى والتحركات السعرية الحالية، نتيجة عادية لعدم انتظام السوق لأنه لم يزد عالميا غير 100 دولار فى الأوقية.

وأشار إلى أن سعر الذهب فى مصر يحدد بناء على سعر السوق السوداء للدولار، وليس على السعر الرسمى للدولة، وتكلفة أى نشاط تكون على أعلى سعر للدولار، بسبب غياب آليات ضبط السوق وغياب الرقابة المباشرة، معقبا: «كل السلع خارج الرقابة بما فى ذلك الذهب».

واسترسل: يجب على الدولة تحديد أولويات استثمارية أمام المواطنين، بدلا من الاتجاه العام نحو الاستثمار فى الذهب، حتى شهادات البنوك الناس عزفت عنها بسبب متغيرات العملة وانخفاض قيمة الجنيه، كذلك الأمر بالنسبة للمشروعات واضطراب سوق العقارات التى يصعب تسويقها الآن، لكن فى حال نجحت الدولة فى عمل انضباط فى السوق سيعود المواطن للثقة فى مختلف مجالات الاستثمار مرة أخرى.

وأوضح «الشافعى» أنه فى حال عدم قدرة الحكومة على ضبط الأسواق، سيواصل الذهب ارتفاعه خلال 2024، ولن يجد المواطنون ملاذا آمنًا للحفاظ على مدخراتهم إلا هو، ولذلك فالحكومة فى حاجة لإيجاد حلول فورية وسريعة ومواجهة تلك الأزمات برؤية وفكر اقتصادى منصف لمختلف فئات الشعب.

 

«الصينى»..  بديل شرعى لـ«شبكة العرائس»

أصبح الذهب الصينى «بديل شرعى» لشبكة العروس فى مصر، وحل اقتصادى على «أد الإيد» ساعد العديد من الشباب على إتمام زيجاتهم، خاصة بعد ارتفاع أسعار الذهب إلى أرقام فلكية خرجت عن قدرة الأغلبية العظمى من المواطنين، وزاد إقبال المصريين على شراء الذهب الصينى لاستكمال شبكة العروسة، أو شراء قطع إلى جانب خاتم الفرح الأصلى والدبلة.

وفى هذا السياق، يقول «ل. ع» تاجر ذهب صينى بحارة اليهود، إنه كلما ارتفع سعر الذهب، زاد إقبال الناس على شراء الذهب الصينى، فأغلب المواطنين حالتهم الاقتصادية على القد، ومحدش هيشترى جرام ذهب بأكثر من 3 آلاف جنيه، إلا إذا كان ميسور الحال، فى حين أنه يستطيع شراء «طقم ذهب صينى كامل» بـ200 جنيه.

وأضاف أن إقبال الأخوات المسيحيات على شراء الذهب الصينى أكبر، لأنهن يحببن الاكسسوارات بكثرة، ودائما ما يترددن على حارة اليهود لشراء الذهب الصينى، وإقبالهن كبير خلال هذه الأيام بالتزامن مع أعياد الميلاد المجيد.

والتقط أطراف الحديث تاجر آخر، قائلا: إن الذهب الصينى يُباع بالقطعة وليس بالجرام، لأنه فى النهاية مجرد إكسسوار، وعرائس كثيرات تأتين إلى سوق الذهب الصينى فى حارة اليهود، ويأخذن الشبكة كاملة، ويكتفى العريس بشراء «خاتم ودبلة أو توينز» من الذهب فقط، وأضاف أن الذهب الصينى وهو جديد لا يفرق عن الذهب الحقيقى فى شىء.

وأضاف: ممكن العروسة تيجى تنقى عشر قطع بألف جنيه، وهناك أطقم صينى كاملة بسعر 600 جنيه مكونة من أربعة قطع، والذهب الصينى يقدم تشكيلات متنوعة وعصرية، وجودته عالية، ولونه لا يزول إلا بعد فترة طويلة شرط الاستخدام الصحيح، وهو عبارة عن إكسسوار أخذ طلاء عالى، ويوجد منه الذهب الأصفر والأبيض وبعضه يحتوى على فصوص كثيرة.

وقالت «أم محمد» التى التقينا بها تتجول فى السوق، إنها تأتى إلى حارة اليهود، لشراء الذهب الصينى لتحضر بها الأفراح والمناسبات، لأن الذهب أسعاره مرتفعة جدا، والصينى شبه الذهب الحقيقى ولما لونه يتغير نشترى غيره.

 

المصريون يواجهون الأزمة بتغيير عادات الزواج

ألقت الأزمة الاقتصادية بظلالها على مناحى حياة المصريين، وأثرت على دخول الأفراد بشكل كبير، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية، إلا أن أعراف وعادات وتقاليد المصريين فى مراسم وطقوس الزواج تأبى أن تركع لهذه الظروف، رغم أنين الأهالى وآهات الشباب من أعباء الزواج، وتأخر سن الزواج لدى الفتيات، فما زالت العديد من المحافظات تصر على أن يأتى العريس بشبكة من الذهب تفوق قدرات الكثير منهم.

أطلقت بعض محافظات الصعيد، مبادرات مختلفة تهدف إلى تيسير الزواج، وإلغاء المهر، ولكن ظلت شبكة العروس هى «القشة التى قصمت ظهر البعير»، فاستجابت بعض القرى إلى تلك المبادرات لتقليل عدد جرامات الشبكة، التى تزيد فى بعض المحافظات على 100 جرام، فيما أصمت قرى أخرى آذانها، معلنة تمسكها بعُرفها وحق بناتها فى الشبكة.

وفى السياق، قالت رندا خالد، من قرية فديكاة بمحافظة أسوان، إن قرى ومدن أسوان فى الماضى كانوا يلبسون العروس ذهبًا بكميات كبيرة، ولكن مع ارتفاع أسعار الذهب والغلاء، دشنت بعض القرى مبادرات لتيسير الزواج على الشباب خاصة الشبكة وإعفائهم من عدد الجرامات الكبير، متابعة: الآن كل عريس يشترى الشبكة فى حدود إمكانياته المادية دون شرط، والأغلبية الآن تشترى الدبلة والخاتم وممكن المحبس، ولو ميسور الحال يشترى غوايش أو سلسلة على حسب ظروفه ورغبة العروس.

خلف الأنصارى

من جانبه، قال خلف الأنصارى، من نجوع قرية الدهسة بفرشوط شمال محافظة قنا، إن ارتفاع الأسعار والأزمة الاقتصادية الحالية أثرت على عُرف أهل الصعيد فى شراء شبكة العروس بعدد جرامات كبير كما كان فى الماضى، واضطرت أشهر عائلات الصعيد مثل: «الهوارة والأنصارى وبيت القاضى وبيت الصعيدى» إلى إبرام اتفاقية لشراء جرامات رمزية، وكتابة قيمة الشبكة المتفق عليها فى قائمة الزواج ضمانا لحق العروس فقط.

وأضاف «الأنصارى» أن أغلب أهالى قنا يُقيمون شبكة العروس فى حدود 25 ألفًا وحتى 30 ألف جنيه، وفى القائمة يكتبون 50 ألفًا ومفتوحة لـ100 ألف حسب اتفاق العائلات مع بعضها.

 

وفى الوجه البحرى لا يختلف الأمر كثيرا حيث أكدت شيماء محمد الجمل، من قرية شارلو سيدى غازى كفر الدوار ـ محافظة البحيرة: أن العروس لا تأخذ مهرًا، ومهرها هو مبلغ الشبكة وهذا عكس معظم محافظات الجمهورية، ولذلك فهذا المبلغ لا يدخل فى الجهاز إلا فى حالة اتفق أهل العروسين على ذلك، وتبدأ الشبكة من 70 ألف جنيه وحتى 150 ألف جنيه.

 

وأضافت أن ارتفاع أسعار الذهب لم يؤثر على عادات وأعراف القرى فى البحيرة، بل على العكس ارتفعت المهور إلى 150 ألف جنيه، والتى كان أقصى حد لها 70 ألف جنيه.

وقالت أسماء حمودة، من قرية الطود محافظة الأقصر، إن شبكة العروس تختلف من مكان لأخرى داخل مدن وقرى الأقصر، وفى ظل ارتفاع أسعار الذهب اضطرت القرى إلى الاتفاق على شراء جرامات محدودة من الذهب كشبكة، وهناك قرى اتفقت العائلات فيها على شراء «الدبلة فقط»، وقرى أخرى يشترون «دبلة ومحبس وخاتم» على حسب حالة العريس المادية والاتفاق يكون بالتراضى بين العائلات.

وأكدت أن هناك قرى أطلقت مبادرة لكى تكون شبكة العروس «موحدة» دبلة وخاتم، ولكن ميسور الحال يشترى حسب رغبته.

وتختلف محافظة المنيا فى أعرافها عن باقى محافظات الصعيد، وتتمسك بتقاليدها رغم الظروف الاقتصادية وارتفاع أسعار الذهب، فتقول «أ. ح» من مغاغة المنيا، أن شبكة العروس «جزء أصيل» من طقوس الزواج بالمحافظة، فتصل الشبكة إلى 100 جرام ذهب عيار 21، والمتوسط يكون 50 جراما على الأقل، والناس تقول فقير وعلى قده، والشبكة ليس لها علاقة بالمهر أو الجهاز، وتكتب فى قائمة الزواج وزنًا وليس قيمة نقدية.

وقال سيد خلف الله، من الشرقية، إن أغلب شباب المحافظة يعملون فى الخليج ويشترون الذهب من الخارج بكميات كبيرة، لذلك يجدون شبكة العروس ليست عبئا عليهم.

 

وأكد «خلف الله» أن معظم شباب مدينة بلبيس فى أوروبا، ولذلك فأقل شبكة تكون من 50 إلى 70 جرامًا.

محيى عبدالمحسن 

وقال محيى عبدالمحسن من قرية دسيا، بمحافظة الفيوم، إن شبكة العروس تختلف من منطقة لأخرى داخل قرى المحافظة، ولكن التقليد السائد هو ضرورة تقديم «شبكة»، وهناك عائلات تيسر الزواج بجرامات رمزية، وتكتب عدد الجرامات فى قائمة الزواج.

وأضاف: فى أغلب قرى الفيوم يتمسكون بتقديم شبكة العروس، حتى مع ارتفاع أسعار الذهب والأزمة الاقتصادية، مؤكدا: لم يتراجع الأهالى عن عاداتهم وتقاليدهم فيما يتعلق بـ«الشبكة»، حتى المبادرات التى دشنتها بعض قرى الصعيد، لم تفلح مع أهالى الفيوم، فكل ما فعلوه هو تخفيف عدد الجرامات من 100 جرام ذهب إلى 30 جراما كحد أدنى، على أن يكتب فى أول بند من قائمة الزواج قيمة الشبكة «وزن وليست قيمة»، معقبا: «الجرام بمليون، الجرام بجنيه أهل العروسة ملهمش علاقة»، وأغلب الزيجات تنهتى فى غضون شهرين أو أقل الآن، لأن الناس تبحث عن الماديات.

وأكد محمد جواهرجى من الجيزة، أن الإقبال على شراء الذهب كبير رغم ارتفاع الأسعار، ولكن الأزمة الاقتصادية وتغيرات العملة أثرت كثيرا على عادات أهل القرية فى شراء شبكة العروس.

وأضاف أن شراء شبكة العروس تقتصر على المقتدر ماديا الآن، والأغلبية تكتفى بشراء خاتم ودبلة فقط، وكتابة قيمة الشبكة فى قائمة الزواج.

وقال: كنا نبيع الذهب للأهالى بالتقسيط لشراء شبكة العروس، وكل شهر يدفع العريس وأسرته مبلغ للصائغ، مؤكدا كنا بنتعامل مع الناس كلهم كأهلنا وإخواتنا، لكن الآن مجرد فكرة بقاء أى مبلغ عند الزبون خسارة لنا، الذهب كل دقيقة بسعر، وبطلنا نبقى للناس أو نقسط فلوس الذهب، والبيع كله كاش.

أحمد كريمة أستاذ الفقة المقارن، بجامعة الأزهر

وردا على المغالاة فى شبكة العروس بمختلف محافظات مصر فى ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، يقول الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقة المقارن، بجامعة الأزهر: إن الأصل فى الزواج هو «المهر» وفق التشريع الإسلامى، وهو من شروط صحة العقد، سواء كان المهر نقدًا أو عينًا أو منافع، يُعجل كله أو يؤجل كله، إنما المصريون جرى العُرف عندهم على تقديم شبكة للعروس من «الذهب»، والعرف دليل شرعى، ولكن يجب الترشيد فى شراء جرامات الشبكة، عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: اللهم من رفق بأمتى فارفق به، ومن شق على أمتى فاشقق عليه.

وأضاف «ممكن يكون الحُلى رمزيا، ولا يبالغ فى كتابته فى قائمة الزواج ويكتب على ما هو عليه، ولا يُزاد على العريس»، معقبا: «يعنى العريس اشترى 20 أو 30 جراما، يكتبوا فى القائمة فقط، وغير ذلك يكون إجحافا وظلما للعريس، ولابد أن يكتب الحُلى على وزنه الحقيقى»، معقبا: لا نريد المعالجة مع التحريم، لا أحد يمكنه أن يقول إن شبكة العروسة حرام، ولكن لابد من ترشيد شراء الحلى فقط.