رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى دراسة عن نظر قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل

محمد خفاجى: أتوقع صدور قرار من المحكمة الدولية بوقف حرب الإبادة خلال شهرين

د. محمد خفاجى
د. محمد خفاجى

عقدت محكمة العدل الدولية على مدار اليومين الماضيين جلسات استماع فى القضية التى رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل متهمة إياها بانتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948 فى قصفها العسكرى المسلح وقتل سكان قطاع غزة وتدمير بنيتها والمنازل والتصفية الجسدية والعرقية والتهجير القسرى لسكانها عقب هجوم حماس على إسرائيل فى 7 أكتوبر 2023. انشغل القانونيون حول العالم برؤاهم عن أهم قضية فى القرن الـ21 التى شغلت بال شعوب العالم أجمع وقاداته، خاصة أن كلاً من إسرائيل وجنوب أفريقيا صادقت على اتفاقية منع الإبادة الجماعية مما يجعل المحاكمة لا تقل سخونة عن نار الحرب الدائرة حتى الاَن.

أعد المفكر والمؤرخ القضائى القاضى المصرى الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة دراسة دقيقة بعنوان: (التدابير المؤقتة فى فكر محكمة العدل الدولية عن جرائم الإبادة الجماعية والسيناريوهات المطروحة فى قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل) ولأن جزءًا منها يخص الأمن القومى المصرى فيما يتعلق بالتهجير القسرى كجزء من القضية والأمن القومى العربى، يعرض فيها الفقيه المصرى للإجراءات الدولية وتوقعاته حول فكر ومنهج المحكمة الدولية من واقع السوابق القضائية للمحكمة فى قضايا الإبادة الجماعية والتدابير المؤقتة فيها..

يقول «خفاجى» إن طلب جنوب أفريقيا لإصدار حكم مؤقت، يتماشى مع الاتجاه الأوسع لفكر ومنهج السوابق القضائية لمحكمة العدل الدولية لمثل هذه القضايا المتعلقة بالتدابير المؤقتة وفقاً لاتفاقية منع الإبادة الجماعية، فسجل التاريخ يشير إلى أن المحكمة أصدرت تدابير مؤقتة فى 11 قضية، مقارنة بعشر قضايا فى الخمسين سنة الأولى من وجود المحكمة (1945-1995).

ويفرق الدكتور خفاجى بين الشق العاجل المتعلق بالتدابير المؤقتة من ظاهر الأوراق، والشق الموضوعى المتعلق بأصل الحق والذى يستغرق عدة سنوات، تتأخر المحكمة فى إصدار الحكم الموضوعى لمدة تصل إلى عشر سنوات، لكن الشق العاجل الخاص بالتدابير المؤقتة فقد سبق أن أصدرت محكمة العدل الدولية فيه تدابير مؤقتة فى جميع قضايا اتفاقية منع الإبادة الجماعية، فى غضون أشهر قليلة بعد عرض القضايا على المحكمة. 

ويوضح «خفاجى» أن التدابير المؤقتة عبارة عن أوامر من المحكمة لمنع وقوع ضرر محدق يتعذر تداركه ولا يمكن إصلاحه، وهى تلزم الدولة المدعى عليها بالامتناع عن اتخاذ إجراءات معينة حتى تصدر المحكمة حكمها النهائى.

ويضيف: أتوقع أن يتم اتخاذ القرار بشأن التدابير المؤقتة من جانب محكمة العدل الدولية فى غضون شهر أو شهرين بعد جلسة الاستماع العامة وفقًا لمنهجها والسوابق القضائية التى تواترت عليها فى القضايا الماثلة.

ويشير «خفاجى» إلى نقطة غاية فى الأهمية، هى أن محكمة العدل الدولية تقوم بإجراء تقييم مؤقت من ظاهر الأوراق للقضية لإصدار تدابير مؤقتة ولكن هذا لا يمنعها أن تنظر فى الموضوع بعكس ما انتهى إليه قرارها العاجل، بمعنى أن الشق العاجل فى التدبير المؤقت لا يقيدها عند نظر موضوع القضية، فحتى لو أصدرت محكمة العدل الدولية تدابير مؤقتة ضد إسرائيل، فإن ذلك لا يعنى بالضرورة أن أنها سوف تجد - فى حكمها الموضوعى النهائى - أن إسرائيل قد انتهكت اتفاقية منع الإبادة الجماعية. فلا تلازم بين الشقين العاجل المتعلق بالتدابير المؤقتة والموضوعى المتعلق بإدانة انتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية، لأن أسس الفصل فيهما مختلف النظرة، وإن كان الأعم الأغلب من الحالات يؤدى إلى إصدار أوامر بالتدابير المؤقتة إلى إدانة إسرائيل فى القضية الموضوعية.

ويذكر «خفاجى» أن التدابير المؤقتة التى طلبتها جنوب أفريقيا تشمل أن تعلق إسرائيل أنشطتها العسكرية فى غزة، والتوقف عن قتل الفلسطينيين، ومنع التهجير القسرى والحرمان من الحصول على ما يكفى من الغذاء والماء والوقود والمأوى والصرف الصحى. وأتوقع وفقًا لمنهج محكمة العدل الدولية فى قضايا سابقة بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية، وإزاء انتهاك إسرائيل لاتفاقية منع الإبادة الجماعية أن تصدر محكمة العدل الدولية تدابير مؤقتة لوقف الحرب، خاصة إزاء منع المساعدات الإنسانية الذى يؤدى إلى المجاعة والتهجير القسرى المجرم دولياً والقصف العشوائى.

ويختتم «خفاجى» بقوله إنه على الرغم من أن أوامر محكمة العدل الدولية ملزمة للدول، إلا أنه أحياناً ما يتم تجاهلها مما يمثل إحدى إشكالات إنفاذ أحكام تلك المحكمة فى ظل الصعوبة العامة فى إنفاذ القانون الدولى، لا القانون الدولى الإنسانى، إلا أن قضية الإبادة الجماعية لقطاع غزة من الصعب تجاهلها أو الغض عن تنفيذ ما سوف يصدر فيها، لأنها تختلف فى أنها تعتمد على رأى عام عالمى للشعوب الغربية جعل منها القضية الأبرز فى العالم المتمدين، بعيدا عن العرب أصحاب القضية، وتلك معادلة تحتاج إلى تفسير خاص ليس مجاله الآن.