رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نور

من الشخصيات المهمة التى برزت خلال ثورة 1919 السياسى الكبير سينوت حنا الذى ولد فى أسيوط عام 1874، ومات متأثرًا بجراح افتدى بها الزعيم مصطفى النحاس مانعًا محاولة اغتياله عام 1930. كان سينوت حنا واحدًا من الرفاق الخمسة الذين نفاهم الإنجليز لجزيرة سيشيل مع سعد زغلول، وهم: سعد زغلول، وسينوت حنا، ومكرم عبيد، ومصطفى النحاس، وفتح الله بركات، وعاطف بركات.

وحكاية الاغتيال قصة تستحق السرد بتفاصيلها القصصية.

حاسب يا باشا! خرجت الكلمة قوية من لسان سينوت حنا مخاطبًا مصطفى النحاس باشا زعيم الوفد والأمة.. كان النحاس مشغولًا بتحية الجماهير الغفيرة التى احتشدت لتحيته فى المنصورة يوم 9 يوليو عام 1930 خلال معركة الوفد الجهادية الطويلة فى مواجهة القصر والاحتلال.. لكن يبدو أن زعيم الأمة كان قريبًا جدًا من الخطر.. سمع النحاس صوت صديق عمره سينوت حنا بصعوبة شديدة، فقد كانت أصوات الجماهير تطغى على كل شىء.. نظر الزعيم إلى مصدر الصوت، فوجد جنودًا من الهجانة تغرس السونكى فى أجساد الوفديين، ورأى جنديًا يتقدم نحوه، شاهرًا سلاحه، ورأى السونكى يتجه نحوه بسرعة شديدة، وقبل أن يلمس جسده، ألقى سينوت حنا بنفسه فوق النحاس ليتلقى الطعنة بدلًا منه، ويفسد مؤامرة جديدة لاغتيال زعيم الأمة ومصدر الإزعاج الوحيد للملك والإنجليز، ليغرق وجه النحاس بدم سينوت حنا، الذى صرخ من شدة الطعنة، فقال له النحاس «سلامتك يا حبيبى».. فقال له سينوت «روحى فداك يا باشا»!

لم تكن هذه هى المحاولة الأولى لاغتيال النحاس.. ولم تكن الأخيرة.. فقد كان الرجل مستهدفًا من قبل إسماعيل صدقى باشا رئيس الوزراء ووزير الداخلية، فقد ضاق ذرعًا بشعبية النحاس باشا، رئيس حزب الوفد، والجولات التى يقوم بها وسط الجماهير فى مختلف مدن وقرى مصر، مطالبًا بإسقاط الدستور الملكى، أو ما يسمى دستور 30 وفى الوقت نفسه، كان يخوض معركة «ضروسًا» لإعادة دستور 23، وكان النحاس باشا عندما يصل بالقطار إلى إحدى المدن، يغلق الجنود المحطة ويتم منعه من الخروج منها أو دخول الجماهير إليها، ويظل قابعًا أمام مقر المحطة إلى أن يضطر إلى العودة إلى القاهرة، فيبادر إلى التسلل إليها بالسيارة، مثلما فعل فى مدينتى بنى سويف والمنصورة، حيث حاول صدقى باشا بطرق ملتوية إفشال عقد اجتماعات النحاس مع أنصاره.. وإجباره على العودة إلى القاهرة بدون إلقائه خطبه الحماسية، وأصدر قرارًا بحظر التجمهر، وأعطى قوات الأمن أوامر بفض التجمعات الجماهيرية بالقوة والقبض على المشاركين فيها وتقديمهم للمحاكمة، لقد مات سينوت حنا بعد هذا الحادث بثلاث سنوات متأثرًا بجراحه التى لم تندمل.. وصف الأطباء حالته على النحو التالي: «جرح فى أعلى الذراع اليمنى عند المفصل بعمق 70 ملليمترًا وباتساع 10 سنتيمترات وكسر فى إحدى عظمتى الذراع ويحتاج إلى علاج أربعة أسابيع»، وجاء صوته خافتًا «الحمد لله إذ لم يصب الرئيس- النحاس- بشىء». وفى خطابه بالمنصورة تحدث مصطفى النحاس عن إصابة سينوت حنا قائلًا: كان عن يسارى وكانت الطعنة مصوبة إلى ظهرى، فدافع عنى وتلقى الطعنة بذراعه، حفظه الله. ووصف النحاس.. سينوت حنا قائلًا إنه «أعز عزيز على نفسى من نفسي».

ويقول المؤرخ عبدالرحمن الرافعي: وصرح النحاس لمراسل صحيفتى «التايمز» و«الديلى تلجراف» البريطانيتين بأنه هو الذى كان مقصودًا بهذا الاعتداء، ونشرت «الأهرام» يوم 9 يوليو عام 1930 الرواية التالية: جاءت سيارة النحاس ومن معه، فأفسح لها الجنود الطريق، فاجتازت كوردونين، وعند الكوردون الثالث، أوقف جنود مسلحون ببنادقهم وسنجاتهم السيارة، فظن النحاس باشا وزملاؤه أن المقصود إنزال الذين أحاطوا بالسيارة من الأهالى، ولكن ما كان أشد دهشتهم عندما رأوا الجنود يصوبون سنجات بنادقهم إلى جميع ركاب السيارة، ومنهم النحاس باشا نفسه، فلما رأى سينوت حنا جنديًا يصوب السنجة إلى ظهر النحاس، أسرع لمنع سهم الجندى، فتلقى السنجة فى ذراعه اليمنى، وأصيب بجرح بالغ. وأسرع محمد أفندى عنان باحتضان الرئيس، لمنع سنجات الجنود من الوصول إليه، وقد انطبع الدم الذى سال من جرح سينوت حنا على ملابس النحاس.

نزل سينوت «بك» حنا من السيارة، وأدخله زملاؤه إلى منزل الشيخ على بك عبدالرازق الذى وقعت الحادثة أمامه، وتلقى الإسعافات الأولية ثم نقل إلى منزل الشناوى بك، حيث أحاط به جميع أعضاء الوفد مستفسرين عن صحته، كان متجلدًا، ويبتسم ويقول «الحمد لله إذ لم يصب الرئيس بشىء».

اعتلّت صحة سينوت حنا بسبب هذا الحادث، وتوفى بعده بفترة فى بيته برمل الإسكندرية.