عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يفتح العام الجديد فى وطننا العربى أبوابه بفتح «المندل» ووشوشة «الودع» وضرب الرمل، والحق يقال إننا أبدعنا فى هذا المجال، فأصبحت مشاهد قراءة الطالع تليق بتطور المشهد الإعلامى وحداثة التحديات التى نمر بها وتمر بنا، فتم استبدال قارئة الطالع بخبيرة «التارو»، التى تنثر نظرات الترقب والحذر قبل أن تنثر ورقها، وتبعثر ابتسامات الأمل قبل أن تطلق توقعاتها للعام الجديد.

وقبل أن يغرب موسم التنجيم وأيامه، أنتهز تلك الفرصة وأحكى لكم قصة اليهودى «موسى يعقوب صالح»، وماذا فعلت به تنبؤات «طوالع الملوك»، ربما نتعلم ونعلم ما كانوا عليه وكيف أصبحوا، وما كنا فيه وكيف أصبحنا!

بدأت الحكاية عندما سمع «موسى يعقوب صالح» كما سمع غيره فى تلك الفترة من العام 1929 وما قبله، أن أقرانه من اليهود قاموا بتأسيس وطن قومى لهم فى فلسطين، ويبحثون الآن عن واحد منهم لترشيحه ملكًا عليهم، هنا لعب الطموح لعبته، ودق باب عقله سؤال، لماذا لا يكون هو صاحب الجلالة ملك بنى إسرائيل؟!

هذا السؤال دفع «موسى يعقوب» الرجل الخمسينى أن يتابع أخبار الوطن الجديد، حتى التقطت عيناه سطرًا فى مجلة «طوالع الملوك» جاء فيه: سيعتلى عرش بنى إسرائيل «م.ى.ص»، وكانت هذه الأحرف مطابقة لاسمه تمامًا، وكانت تلك الحروف هى نقطة الارتكاز لتحقيق حلمه البائس بأن يكون صاحب الجلالة الملك، وبدأ «موسى يعقوب» فى إشاعة الخبر بين أبناء ملته فى حى «بين الجناين» بالقاهرة، ويخبرهم بأنه الملك الذى سيعتلى عرش الوطن القومى لليهود، لأنه جاء فى مجلة «طوالع الملوك» هذا الخبر اليقين!

ووسط سخرية البعض، أصر«جلالته» على أن هذا الخبر يجب أن يكون حقيقة، فذهب إلى صاحب «طوالع الملوك»، وأخبره عن نفسه، ولم يكذبه صاحب المجلة، بل نشر فى ثلاثة أعداد متتالية، أن ملك عرش فلسطين الجديد هو «موسى يعقوب صالح»، فازداد يقين الرجل وإيمانه بأنه ملك بنى إسرائيل دون نزاع، وتحول الطموح إلى واقع، وبدأ الرجل فى ممارسة حقه بزيارة الملوك مثله!

فتوجه «موسى يعقوب» إلى السراى الملكية بعابدين برفقة ثلاثة من معارفه، يريد مخاطبة جلالة ملك مصر، وإخباره عن أمره، وعندما وصلوا إلى السراى، تلقاهم أحد الضباط واستعلم منهم عما يريدون، وقدموا له «موسى يعقوب» باسم جلالة الملك!، استقبلهم الضابط فى بشاشة ثم ودعهم إلى الخارج، وأكد لهم أنه سيبلغ تحياتهم لصاحب جلالة الملك، ثم عادوا إلى حى «الظاهر» فى مهابة ووقار!

أيهدأ «موسى يعقوب» عند هذا الحد؟، الإجابة قطعًا لا، فقام الرجل بزيارة النادى السعدى، وعرض على دولة النحاس باشا أن يتولى منصب وزير فى مملكته الجديدة، فما كان من النحاس باشا إلا أن ابتسم له قائلًا: هو أنا فالح فى وزارة مصر لما جلالتك تيجى ترشحنى لوزارة فلسطين!.. وأصبح الرجل محل سخرية الحضور.

أيهدأ «موسى يعقوب» ويكتفى بهذا القدر من الجنون؟ قطعًا لا، فأرسل خطاباً إلى المندوب السامى يسأله عن المال المكتتب باسمه من الرعية فى الوطن الجديد؟، فرد عليه المندوب السامى بعدم وجود أخبار من هذا القبيل، ولكن قد تكون تلك الأخبار فى «محافظة مصر» وعلى جلالته الاستعلام هناك، لم يكذب «يعقوب» الخبر وأرسل خطاباً إلى سعادة محافظ مصر يسأله عن تلك الأموال، فجاءه الخبر بالنفى!

أيهدأ «موسى يعقوب» ويتوقف عند هذه النقطة؟ قطعًا لا، فرغم هذه السخرية لم يعبأ ولم يتنازل عن واقع اعتلاء عرش الوطن الجديد فى القريب العاجل، وتعامل مع هذا الوهم أنه حقيقة، فقام بإرسال تلغراف تهنئة لصاحب جلالة ملك مصر بمناسبة عودته سالماً من أوروبا، موقعاً باسم «موسى يعقوب صالح» وارث ملك بنى إسرائيل!، واستمر الرجل فى الاعتقاد بهذا الأمر، ولم يسمح لجلسائه فى قهوة «ليتو» بحى «الظاهر» أن يدعوه إلا بجلالة الملك، حتى أصبح هذا الاسم لقباً من ألقابه، وكل هذا بسبب سطر فى مجلة «طوالع الملوك»!

والحقيقة أن السخرية التى أحاطت بموسى يعقوب لم تثنِ أقرانه عن تحقيق حلمه، واستطاع اليهود وسط الاستخفاف والاستهزاء بما يعملون، أن يأخذوا ما لا يحق لهم، فهل نستطيع أن نسترد ما يحق لنا؟!  هل نستطيع أن نوقف محاولات محو فلسطين اسمًا وأرضًا وشعبًا؟

ننتظر الإجابة من خبراء «التارو» وضرب الرمل ووشوشة «الودع»!

[email protected]