عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

أفاض الكثيرون فى وصف ما تقوم به إسرائيل فى حربها على غزة وتعددت الأوصاف لتشمل كل قاموس السوء من الأفعال والألفاظ، وحار آخرون فى توصيف ما جرى ويجرى باعتبار أن لغة الكلام لم تعد تسعفهم إزاء هول وبشاعة ما يجرى.

لكن توصيف رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق إيهود أولمرت ربما يلخص الأمر، فضلًا عن كونه شاهدًا من أهلها، فقد راح الرجل فى مقال كتبه لصحيفة «هاآرتس» يصف حكومة نتنياهو الحالية بأنها عصابة من البلطجية و«متعطشة للدماء». من المؤسف والمخزى أن أولمرت يمثل قطاعًا غير محدود من الإسرائيليين يرون حكومة نتنياهو على خلاف الكثير من العرب وهو ما يبدو فى طبيعة ردود الأفعال التى تعكس تقييمهم الحقيقى لما يجرى.

الأكثر مدعاة للدهشة والترحيب فى الوقت ذاته فى حديث أولمرت الذى يبدو حديثا بالغ العقلانية بغض النظر عن مدى توافقه مع الرؤية الفلسطينية، حيث ليس شرطًا بالطبع أن يتبناها جزئيًا أو كليًا هو أنه يقدم ما يعتبر بلغة السياسة والتفاوض خارطة طريق لحل الصراع. موضع الأهمية فى تلك الرؤية أنها تقوض النهج الإسرائيلى فى التعامل مع القضية الفلسطينية، فضلًا عن كشف زيف بعض الرؤى العربية التى راح البعض يطرحها من أن عملية طوفان الأقصى بلا فائدة.

باختصار يدعو أولمرت إلى الحل الذى طالما ماطلت إسرائيل فى تنفيذه وما زالت، وهو الحل الذى خرج علينا الكثير من قادة الغرب بالتأكيد عليه، ألا وهو حرب الدولتين. يرى رئيس الوزراء الأسبق أنه على إسرائيل أن تقترح ما يعتبره «أفقا دبلوماسيًا» لوضع حد للحرب فى غزة، مضيفا أن «علينا أن نعلن فور انتهاء الحملة العسكرية أن إسرائيل ستشرع فى إجراء محادثات مع السلطة الفلسطينية حول حل يعتمد على دولتين لشعبين».

بالطبع هناك بعض المواقف، والتى تنطلق من أساس واقعى، بأن ذلك الحل أو الطرح تم ابتذاله، وهو كذلك بالفعل. ولكن الميزة هذه المرة أنه يأتى من المعسكر الإسرائيلى، وعلى إثر حالة حرب- خسائرها كبيرة على الطرفين وليس طرفًا واحدًا- تفرض كأى حرب تسوية تتعامل مع الأسباب التى أدت إلى تلك الحرب وتعكس نتائج تلك المواجهة، بما يعنى أنه ربما وجب على العرب والذين لم يقدموا الدعم الكافى للفلسطينيين فى حربهم الأخيرة فى غزة أن يتقدموا لتعزيز مثل تلك الرؤية والتى أكد عليها الرئيس الأمريكى بايدن- رغم كل مساندته لإسرائيل فى حربها على غزة، ودعا إليها ماكرون رغم سيره فى ركاب الرئيس الأمريكى.

وبعيدا عن الاختلاف مع أولمرت كما أشرنا فى بعض رؤاه ومنها مثلا تلك التى يدعو فيها إلى إرسال قوة تدخل دولية إلى غزة تعتمد على جنود من دول حلف الناتو لتحل محل الجيش الإسرائيلى – وهو طرح لقى بالمناسبة قبولًا نسبيا على الصعيد العربى – فإن خطة أولمرت تستند فى النهاية إلى ضرورة انسحاب إسرائيل من قطاع غزة باعتبار أنها- كما يرى- لا تستطيع البقاء فيها ولا ينبغى لها.

وإذا كان المناخ فى إسرائيل لم يعد مواتيًا لنتنياهو والذى أصبح رحيله شبه محتوم، فربما يمكن فى التعاطى مع سؤال حول ماذا بعد الحرب تكثيف الجهود فى سكة مثل هذا الطرح والذى يعتبر مطلبًا عربيًا منذ عقود.

تبقى المشكلة فى كيفية جعل هذا الخيار هو الأبرز أو المطروح للمناقشة والدفع باتجاهه فى ظل استعداد دولى ربما أكثر من أى وقت مضى للقبول به. وتلك هى مهمة الجانب العربى الذى نتصور أنه من المستحيل أن ينفض يده تمامًا عن مساندة الأشقاء فى فلسطين.

[email protected]