عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

بغض النظر عما حواه بيان القمة العربية التى عقدت فى الرياض مؤخرًا، فإننا نخدع أنفسنا لو تصورنا أنه سيكون له تأثير عملى على الأرض بشأن العمليات أو الحرب الإسرائيلية الجارية على غزة. القمة بما نتج عنها تعبير عن تسجيل موقف ساده قدر من الاختلاف، ليس إلا دون طموح بأن يتجاوز الأمر ذلك.

وإذا كانت عملية طوفان الأقصى وتوابعها كشفت عن وقوف العالم كله تقريبًا أو القوى الفاعلة الرئيسية فيه وهى القوى الغربية إلى جانب إسرائيل بشكل غير مسبوق بشكل يضعف أى آمال فى تحقيق نتيجة ذات معنى أو مغزى بشأن الحقوق الفلسطينية، فإن ذلك يؤكد أن الفلسطينيين أصبحوا منكشفين دون غطاء سوى الغطاء العربى الذى يعولون عليه كثيرا فى تحديد مسيرة صراعهم من أجل نيل حقهم فى إقامة دولة مستقلة. عبر عن ذلك كل الفلسطينيين المنغمسين بشكل أو بآخر فى قلب الصراع من مستوى القيادة إلى مستوى المواطن الفلسطينى العادى.

ولعل تساؤل «وين العرب» مثل الجملة الأكثر ترديدا على لسان الفلسطينيين خلال التغطيات المختلفة للحرب على غزة، وهو ما يشير إلى تجذر فكرة الملاذ العربى فى الوعى الفلسطينى باعتبار وحدة الدم واللغة.

السؤال الذى يفرض نفسه فى ضوء تباين المصالح والتوجهات وحقائق الأوضاع فى إطار عالم متلاطم الأمواج هو: إلى أى حد يتوافر إيمان لدى القيادات العربية بضرورة أداء فريضة أو ضريبة الدفاع عن القضية الفلسطينية سواء فى مواجهة اسرائيل أم القوى الدولية المناصرة لها؟

إن نظرة متأنية على طبيعة الموقف العربى تجاه فلسطين يشير إلى عدة أمور سلبية للأسف منها تراجع الإيمان والاهتمام بضرورة مساندة الفلسطينيين فى محنتهم؛ لذلك أسباب عديدة بالطبع منها ما يخص الطرف الفلسطينى ذاته، وإن كان ذلك جانبًا ثانويًا. فى المجمل حدثت تحولات أدت إلى هذا التطور بما أفرز الحالة التى أشرنا إليها المتعلقة بانكشاف الفلسطينيين فى المواجهة دون غطاء عربى عملى كاف لمساندة موقفهم.

الجانب الثانى أن العرب أنفسهم الذين ينتظر منهم المساندة هم أنفسهم بحاجة إلى دعم فى مواجهة التغول الخارجى على مقدراتهم وأوضاعهم السياسية والاقتصادية، دعك من الأحاديث التى تحاول أن توهمك بغير ذلك. بمعنى آخر هناك حالة ضعف عربى عامة تحول دون تحقق فعل المساندة المنتظر منهم.

الأخطر أن هذه الحالة تنعكس فى محاولة التملص من المساندة من خلال خلق روح قطرية ضيقة تقوم على فكرة «أنا ومن بعدى الطوفان» وهى روح تغذيها أنظمة وقيادات عربية مستخدمة فى ذلك النخبة الفكرية فى الترويج لهذه الأفكار بما يقوض فى النهاية مفهوم الرابطة العروبية بين أبناء شعب المنطقة مما يفاقم من حالة الضعف العربى العام.

تنعكس هذه الحالة فى التخلى العربى الملموس عن ليس مساندة الفلسطينيين فقط وإنما أيضا مساندة الدول العربية بعضها البعض، بل والوصول إلى مرحلة التناحر، بما يقضى على حالة الفعالية العربية على الصعيد الدولى، لحد اعتبارهم من قبل القوى الدولية المختلفة كأنهم غير موجودين أو غير مؤثرين أو أنه يمكن تطويع مواقفهم حسب المستهدف.

أخطر مظاهر هذا التحول أو هذا الموقف على الصعيد الفلسطينى فصل مسار التعامل مع اسرائيل عن مسار القضية الفلسطينية بمعنى عدم ربط العلاقات العربية مع الدولة العبرية بما يتحقق من تقدم على صعيد تلك القضية، وهو قد يكون سببًا على المدى الطويل فى تصفية الحالة الفلسطينية تماما لتصبح فى عداد التاريخ، وتلك هى الطامة الكبرى على العرب.. فلسطينيين وغير فلسطينيين!

[email protected]