عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

كانت الأغانى، وما زالت، فى مقدمة الفنون للتعبير عن واقع المصريين، ولو قرأ الكثير من الباحثين والدارسين فى شئون السياسة والاقتصاد والاجتماع بطريقة علمية الأغانى الشعبية والوطنية المصرية، لاكتشفوا الكثير من خصائص وسمات هذا الشعب الذى يغنى فى كل الأحوال مهما كانت قسوة أو حلاوة حياته! 

ويقول عالم الاجتماع الشهير ابن خلدون «أول ما ينقطع فى الدول عن انقطاع العمران فن الغناء».. بمعنى عندما تسقط وتنهار الدول فأول ما يسقط وينهار فيها هو الغناء.. وبالتالى أول ما ينهض مع الدول عندما تنهض هو الغناء.. وكذلك هناك علاقة وثيقة بين الغناء والشعر.. وعندما يكون الشعر مزدهراً يزدهر الغناء معه والعكس صحيح أيضاً! 

الحملة الفرنسية على مصر هى حملة عسكرية قام بها الجنرال نابليون بونابرت على الولايات العثمانية مصر والشام (1798-1801م) ويمكن القول إن المقاومة المصرية للحملة كانت هى بداية الحركة الوطنية فى القرن التاسع عشر.. ومن وقتها كان للغناء وخاصة الإنشاد الدينى دور مهم فى الحركة الوطنية وفى مقاومة الفرنسيين والإنجليز ومن قبلهما العثمانيون والمماليك!

وإذا كانت ثورة عرابى (1882) لم تصاحبها أغان شهيرة أو حركة غنائية واسعة، حيث كان الإنشاد الدينى سائداً بين المغنيين والمداحين الأزهريين، خاصة مع انتشار الطرق الصوفية.. إلا أنه فى ثورة (1919) فقد صاحب الغناء الثورة منذ شرارتها الأولى وكان أحد أسباب قيامها أغان مثل «يا بلح زغلول» وكان المقصود بها الزعيم سعد زغلول.. وثورة 19 لم تكن ثورة شعبية وطنية فقط بل ثورة فى الغناء فقد كانت بمثابة إعلاناً لميلاد جديد للأغنية المصرية من خلال الشيخ سيد درويش بنشيده الأشهر «بلادى بلادى»!

وبالطبع مع قيام ثورة يوليو 1952 صاحبتها حركة غنائية جديدة وخصوصاً مع الفنان عبدالحليم حافظ وكمال الطويل وصلاح جاهين.. الذين كانوا صوت الثورة الغنائي.. حتى بعد نكسة 67 غنوا «عدى النهار» تأليف الأبنودى، صحيح كانت أم كلثوم وعبدالوهاب فى القمة والمقدمة كذلك تأييداً وتعبيراً عن الثورة والنكسة معاً أكثر من التعبير عن الحركة الوطنية.. وأعتقد أن ذلك كان الاختلاف الوحيد بين ثورة 19 و52!

ثم جاءت حرب أكتوبر والانتصار المصرى العظيم الذى جمع مرة أخرى الشعب كله بمؤسساته فى صوت واحد انطلق من الإذاعة المصرية بعد ساعات قليلة من انطلاق الحرب ليغنى «بسم الله» ألحان العبقرى الوطنى بليغ حمدى وكلمات الموهوب عبدالرحيم منصور، وقد سجلها بليغ فى نفس يوم الحرب بالإذاعة.. وكان الكورال الذى غنى من الموظفين والعمال بمبنى الإذاعة والتليفزيون، حيث كان وقتها حظر تجول وكان من الصعب أن يحضر إلى المبنى غير العاملين فيه.. واستطاع بليغ أن يستغل فرحة وحماسة العاملين بأخبار الانتصار الأولى بتحويلهم إلى مغنيين.. وتوالت أغانى أكتوبر حتى أغنية شريفة فاضل «أم البطل».. وقد استشهد نجلها فى الحرب وكانت مثل كل أم مصرية تودع شهيدها بالزغاريد!