رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

 

اقترب حلم حرية تداول المعلومات أن يضحى حقيقة لا خيالًا! بفضل دولة الانجازات التى تفوقت على دعوة الوعود أو دولة الأحلام المؤجلة!

الأحلام كانت فريضة الفترة التى انتهت بثورة 25 يناير عندما اكتشف الشعب أن أحلامه ليست أوامر، وهى مجرد دخان فى الهواء أوبخار فى ليلة شتاء باردة! أولوح تلج فى ليلة من ليالى يونيو! فى هذه الفترة المقصودة، أو فترة سيطرة ما يسمى بالأغلبية الميكانيكية سابقة التجهيز، كنت وأنا محرر برلمانى أقرأ فى كل عام فى تقرير لجنة الرد على بيان الحكومة وفى الجزء الخاص بتوصيات اللجنة توصية كنت أضع تحتها خطًا بالقلم الأحمر لأهميتها وهى مطالبة الحكومة بسرعة إصدار قانون حرية تداول المعلومات.. كنت أقرأ هذه التوصية من اللجنة على مدى تقريبًا 20 عامًا متصلة، فقد كانت الحكومة رغم سيطرتها على البرلمان، وقدرتها على تذويب السلطة التشريعية فى السلطة التنفيذية ورغم انفرادها الذى جعل الكلمة الأولى كلمتها حتى فيما جعله الدستور حقًا للبرلمان إلا أن الحكومة كانت تستطيع أن تقوم بالدورين، دور انها الحاكمة، المتحكمة، المستحكمة، المتغولة ودور أنها الخاضعة لرقابة البرلمان، باختصار كانت تستطيع أن تعيش دور المريض بانفصام فى الشخصية، مرة الآمرة الناهية، كلمتها متنزلش الأرض على البرلمان، ومرة الضعيفة المستكينة التى تسمع كلام سى السيد وتنفذه بالحرف! ولاثبات ذلك كانت الحكومة تلقى بيانًا عن طريق رئيس مجلس الوزراء فى بداية كل دور انعقاد برلمانى.

(الفصل التشريعى خمس دورات) للحصول على ثقة البرلمان بعد مناقشته والموافقة عليه، وكان البرلمان يشكل لجنة خاصة باسم لجنة الرد على بيان الحكومة لمناقشة تقرير بيان الحكومة برئاسة وكيل المجلس عن الفئات وتضم فى عضويتها رؤساء الهيئات البرلمانية للأحزاب السياسية ورؤساء اللجان البرلمانية وبعض النواب المستقلين، وكانت اللجنة تستغرق حوالى شهرا فى المناقشات وتعد تقريرًا تقدمه إلى المجلس ويتحدث حوله جميع النواب، وكانت مناقشة التقرير التى تستغرق معظم دور الانعقاد يطلق عليها «المكلمة»! والغريب أن معظم النواب بمن فيهم نواب الحكومة أوما يعرفون بنواب الحزب الوطنى كانوا يوجهون انتقادات حادة للحكومة تؤدى إلى سحب الثقة منها أو إقالتها بقرار جمهورى، وفى نهاية الفترة المحددة للمناقشات تحضر الحكومة لإلقاء بيان للرد على تقرير مجلس الشعب ومناقشات الأعضاء، وينته الأمر بتجديد الثقة فى الحكومة مع تصفيق حاد ومتواصل لا يتوقف إلا بإشارة من المايسترو وتذهب الاحتجاجات والانتقادات والهجوم على الحكومة  أدراج الرياح، والتى كان يتوقع لها أن تؤدى إلى سحب الثقة من الحكومة، ولكن نواب الحكومة عندهم مبدأ هو أهاجم حكومتى آه، لكن أسحب الثقة منها لا!!، ولأن نواب الحكومة أغلبية مطلقة تحصل الحكومة على أكثر من 97٪ من نسبة الأصوات، رغم أنها لم تفتح كتابًا طول العام، وتنجح على طريقة اللى له ظهر!!

بعد تجديد الثقة وتبادل القبلات بين الحكومة والنواب، تعد الحكومة بتنفيذ التوصيات، ولكن الوعد دائمًا يكون بالإشارة، مثلا يشير وزير شئون مجلس الوزراء إلى عينيه "يعنى من عينى"، ومن بين هذه التوصيات التى كانت تزيد علي 5 صفحات على الأقل من التقرير توصية كانت تأتى فى منتصف التوصيات وهى توصية الحكومة بإصدار قانون حرية تداول المعلومات احترامًا لحق المجتمع فى المعرفة، والحصول على المعلومة الموثقة من مصدرها والتي ينقلها الإعلاميون والصحفيون إلى الرأى العام، مما يعتبر حقهم ليحصلوا عليه دون مشقة، ولكن هيهات أن تستجيب الحكومة.. معظم التوصيات كانت تتحول إلى وعود مؤجلة، وفى مقدمتها قانون حرية تداول المعلومات الذى تجاهله دستور «71» رغم أنه نص على حرية الصحافة، وكان كلما احتج الأعضاء على تجاهل الحكومة لمطالبهم يرد عليهم رئيس المجلس بدبلوماسية شديدة أن النواب لا يطلبون من الحكومة التقدم بمشروعات قوانين لأن التشريع من حقهم، يقول ذلك وهو يعلم أن دستور «71» قيد سلطة النواب فى التشريع بأن جعل النائب يقدم اقتراحًا بمشروع قانون يرفض فى أول مقابلة له مع لجنة الاقتراحات ولا يحال إلى لجنة الموضوع من خلال فيتو تملكه الحكومة!

ظل قانون حرية تداول المعلومات رغم أهميته حلمًا من فترة أول التسعينيات حتى قيام ثورة 25 يناير، ولكن دستور 2014 نص عليه وأصبح إصداره استحقاقا دستوريا وتبناه الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى، ونص دستور 2014 الذى صدر فى بداية ولاية السيسى الأولى فى المادة 68 على أن المعلومات والبيانات والاحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية. وسوف يأتى القانون مترجمًا ومنفذًا للنص الدستوري الهام لأنه يساعد فى التقدم نحو الأمان ويواجه الشائعات ويضع الضوابط المحيطة بالدولة المصرية ويكشف الحقائق، وترتبط حرية المعلومات بحرية التعبير، والتى يمكن أن تطبق على أى وسيلة، سواء كانت شفهية، أو كتابية، أو مطبوعة، أو إلكترونية، أو من خلال أشكال فنية.