رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاوي

ما زلت أوصل الحديث عن المواطنة لأهمية هذه القضية فى أى مجتمع وخاصة داخل مصر فى ظل هذه المرحلة المهمة من تاريخ البلاد.. والقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة استخدمت لفظ المواطنة لكن بطريقة أخرى عندما استخدم لفظ البلد. وهناك سورة فى القرآن الكريم باسم البلد وهى رقم 90 فى المصحف الشريف يقول الله تعالى فى مطلعها، لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد، واستعمل لفظ بلدة ولفظة بلاد فوردت لفظ بلدة فى قوله تعالى "بلدة طيبة ورب غفور"، ووردت لفظ البلاد فى قوله تعالى، "التى لم يخلق مثلها فى البلاد"، كما استعمل القرآن الكريم أيضا لفظ الديار فى قوله تعالى" قالوا وما لنا ألا نقاتل فى سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا" وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحب بلده مكة المكرمة، فقد قال عنها وقت خروجه منها مهاجرا، والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله. ولولا إنى أخرجت منك ما خرجت.

أن التأصيل الشرعى لمفهوم المواطنة ينبع مما يأتى أولا من وحدة  الأصل الإنسانى، فكل الناس سواء فى أصلهم وجنسهم يقول تعالى "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء" أما وحدة النزعة الفطرية الانسانية فكل الناس سواء فى نزعتهم الفطرية الإنسانية التى فطرهم الله عز وجل عليها، وكلهم سواء فى ميولهم الفطرية التى تقتضى التمسك بالمواطنة وحب الوطن، حتى أن الله عز وجل جعل الإخراج من الوطن معادلا لقتل النفس بصريح قوله، "ولو أنا كتبنا عليهم الآن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه الا قليل منهم".

وحينما امر الله سبحانه وتعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالهجرة من مكة إلى المدينة المنورة تأمل صلى الله عليه وسلم فى مكة ونظر اليها، وقال "والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله" أيضا هناك وحدة المصالح المشتركة والآمال والآلام.

الوطن وعاء المواطنة  فمصالحه واحدة وآماله بجعله عزيزا كريما وسيدا محصنا منيعا هى واحدة والآلام والمضار التى قد تجعله معرضا للمخاطر المشتركة. كل ذلك يدفع المواطن إلى الالتقاء مع بقية المواطنين بزعامة حكامهم وحكوماتهم على خطة واحدة وعمل واحد، سواء بالتحرر من الدخيل المحتل أو ببنائه على أسس وقواعد قوية تحميه من كل ألوان العدوان والتخلف وصونه من الأزمات والانتكاسات، لأن الخير للجميع والسوء أو الشر يعم الجميع ايضا. وهذا يدفع المواطنين إلى الوقوف صفا واحدا والتعاون يدا واحدة لرفع كيان الوطن وصيانة عزته وكرامته، ما يجعل الوطن الذى هو وعاء المواطنة حقا عاما لاستيطان جميع المواطنين.

ولما كان الأمر كذلك ولما كانت المواطنة من المهمة من الأمور المهمة، لذا فقد جاء الاتجاه منذ عهد النبوة سباقا لإعلان مبدأ المواطنة قبل ظهور مفهوم الدولة الاقليمية المعاصرة.. ويتمثل هذا السبق الوهاج فى عمل مشهور أتمه الرسول محمد بعد هجرته إلى المدينة أثبت فيه المواطنة بكل معانيها وأسسها والحقوق والواجبات التى تفرضها تلك المواطنة.. وهذا العمل هو تلك الوثيقة المشهورة تاريخيا وفى السيرة النبوية تسمى صحيفة المدينة. وهى تلك الوثيقة التى أبرمها النبى بعد هجرته إلى المدينة المنورة مباشرة، أى فى السنة الأولى من الهجر هذة بعد 13 عاما من البعثة النبوية، وقد أبرزت هذه الوثيقة المهمة جدا ميلاد  الدولة فى الوطن الجديد.. وتجمع كل من دائرة المعارف البريطانية وموسوعة الكتاب الدولى وموسوعة كولير الامريكية على تعريف المواطنة بأنها عضوية كاملة تنشأ من علاقة بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة، وبما تتضمنه تلك العلاقة من واجبات كدفع الضرائب والدفاع عن البلد وما تمنحه من حقوق كحق التصويت وحق تولى المناصب العامة فى الدولة. وهنا يتجلى تعريف المواطنة فى الفكر العربى المعاصر فيما ذكره برهان غليون فى كتابه نقد السياسة والدين والدولة، بأنها تحالف يقوم على رفض التمييز بين أناس الأحرار وممارسة حقوقهم المواطنية بصرف النظر عن درجة إيمانهم.. ألم نقل قبل ذلك "الدين لله والوطن للجميع". 

وللحديث بقية.