رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

كان الفرعون فى مصر القديمة هو صاحب السلطة المطلقة بالبلاد، وقد أضفى على نفسه طابع القدسية، إذ أصبح ينظر إليه كأنه إله، وكان الفرعون يتمتع بالسلطة الكاملة على الشعب والأرض ومواردها فيقود الجيش ويشرع القوانين ويعين الموظفين وغير ذلك.

ولما كانت مصر القديمة تتكون من مجموعة من الأقاليم المتباعدة عيّن الفرعون حكامًا ينوبون عنه فى الإشراف على الأمور المالية والقضائية والإدارية واستعان بعدد من الموظفين والكتاب والكهنة لمساعدته فى إدارة شئون الدولة، على رأسهم الوزير وهو الشخص الثانى بعد الفرعون، فكان يلقب برئيس عظماء الوجهين القبلى والبحرى، ومن مهامه الإشراف على تطبيق النظام والقانون، وقد أوكل إليهم مهمة الإشراف على موارد الدولة المالية، كانت وظيفة حكام الأقاليم وراثية، فزاد ذلك من قوتهم السياسية التى هددت سلطة الفرعون بين الحين والآخر، واتضح ذلك من أواخر عصر المملكة القديمة.

استندت ديانة المصريين القدماء إلى تعدد الآلة وربطوا آلهتهم بالظواهر الطبيعية فجعلوا لكل ظاهرة إلها، وأقاموا لها المعابد ونحتوا لها التماثيل واحتفلوا بأعيادها، وقد عبدوا الكثير من الآلهة ومن أشهرها الإله «رع» إله الشمس والإله «تحوت» إله القمر.

شهدت مصر ثورة دينية فى عهد الملك أمنحوتب الرابع الذى أمر بتوحيد الآلهة المصرية المتعددة فى إله واحد سماه الإله «آتون» ورمز له بقرص الشمس وأطلق على نفسه اسم «اخناتون» أى روح «آتون»، فكان ذلك سببا فى صراعه مع الكهنة مما دفعه لنقل العاصمة من طيبة إلى تل العمارنة لأجل الدفاع عن عقيدته.

اعتقد المصريون القدماء بالحياة الأخرى بعد الموت، إذ إن أرواح الموتى تذهب للعالم الآخر ثم تعود الروح مرة أخرى للجسد، لذلك ابتدعوا عملية تهدف للحفاظ على جسد الميت من التحلل، تعرف بعملية التحنيط وأطلق العلماء على الجثة المحنطة اسم مومياء.

شكل الكهنة طبقة مهمة فى تثبيت المعتقدات الدينية فى حضارة مصر القديمة، وقد تكونت هذه الطبقة من فئات صنفت حسب المهام التى تقوم بها كل فئة إلى مهام إدارية واقتصادية ودينية، وقد تمتع الكهنة بمكانة خاصة فى المجتمع المصرى، فكان تعيينهم من الملك «الفرعون» مباشرة ثم أصبح الكاهن يورث منصبه لأبنائه فى نهاية الدولة الحديثة وهذا أدى لزيادة نفوذهم.

كان المصريون القدماء يتميزون بالوعى السياسى فعلى الرغم من أن نظام الحكم فى مصر القديمة كان ملكيا يعطى للملك سلطة إلهية، لم تكن هذه السلطة مطلقة، بل كانت مقيدة بتحقيق الملك للعدالة بين المواطنين كافة، لذلك تمسك الحكام بتطبيق العدالة وافتخروا بذلك كما توصلوا إلى مفهوم الدولة المركزية وعلاقتها بالحكومة ومدى ارتباطها بالسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وعلى خلاف الليبرالية التى فشلت فى الفصل بين السلطات الثلاث فجعلت السلطة التنفيذية هى المهيمنة ـ استطاعت الدولة فى مصر القديمة تحقيق التوازن بينها.

لقد كان المصريون القدماء أول من أسس نظاما سياسيا مجتمعيا مدنيا قائما على الاحترام والتفاهم المتبادل بين السلطة والشعب، فأصبحت أول حضارة ينصهر فى ظلها الشعب بأكمله من وادى النيل والدلتا إلى الجندل، تحت سيادة الملك رمز العدالة وراعيها، فسادت العدالة الاجتماعية والديمقراطية والرخاء الاقتصادى. هناك نقطة مهمة ساهمت فى تشكيل الفلسفة السياسية للمصريين القدماء وهى ارتباط عقيدتهم السياسية بالأخلاق والإيمان بالآلهة؛ فإقامة العدالة فى الدنيا تمنع غضب الآلهة فى الحياة الأخرى، وأصبح هذا الربط هو أساس النظام السياسى والاجتماعى لديهم حتى فى فترات الفوضى السياسية، لقد استطاع المصريون القدماء تلقين العالم كله كيفية الانتقال من الحياة البدائية إلى المجتمعات الإنسانية المتحضرة، لقد أظهرت الخطابات السياسية المحفوظة إلى أى مدى بلغ النضج السياسى للمصريين القدماء درجة غير مسبوقة وكيف كان الاحترام متبادلا بين الحكام والشعب حتى فى الفترات السياسية المضطربة.

هذه الفلسفة الراقية التى لم يعرفها العالم سوى فى العصر الحديث استطاع المصريون القدماء تطبيقها منذ آلاف السنين.