رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

‮«‬الوفد‮» ‬‭ ‬فى‭ ‬قرية‭ ‬‮«‬بطرة‮»‬ ‬مسقط‭ ‬رأس‭ ‬الإمام‭ ‬الـ‮٤٢‬‭ ‬ للأزهر

الشيخ‭ ‬‮«‬جاد‭ ‬الحق‮» .. ‬الفقيه‭ ‬الزاهد

بوابة الوفد الإلكترونية

عاش‭ ‬ومات‭ ‬فى ‬شقة‭ ‬بسيطة‭.. ‬ وكان‭ ‬يصعد‭ ‬على‭ ‬قدميه‭ ‬للدور‭ ‬الخامس
عارض‭ ‬إطلاق‭ ‬اسمه‭ ‬على‭ ‬المعهد‭ ‬الدينى‭ ‬الذى‭ ‬تم‭ ‬بناؤه‭ ‬فى‭ ‬قريته
نجل‭ ‬الإمام‭ : ‬كان‭ ‬وحيد‭ ‬والديه‭ ‬على‭ ‬‮٩‬‭ ‬شقيقات‭ .. ‬وكرّمه‭ ‬‮ «الملك‭ ‬فاروق‮» ‬‭ ‬ضمن‭ ‬الخمسة‭ ‬الأوائل

حينما‭ ‬رحل‭ ‬عن‭ ‬دنيانا‭ ‬نعاه‭ ‬إمام‭ ‬الدعاة‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬متولى‭ ‬الشعراوى‭ ‬فقال‭: ‬‮«‬تعلمنا‭ ‬منه‭ ‬ألا‭ ‬نعصرن‭ ‬الدين‭ ‬بل‭ ‬نديِّن‭ ‬العصر،‭ ‬فعصرنة‭ ‬الدين‭ ‬تعنى‭ ‬أنه‭ ‬غير‭ ‬كامل،‭ ‬حاشا‭ ‬لله‮»‬‭.. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬حال‭ ‬قطب‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬أقطاب‭ ‬الفكر‭ ‬الإسلامى،‭ ‬وهو‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬جاد‭ ‬الحق‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬الثانى‭ ‬والأربعين‭ ‬فى‭ ‬تاريخ‭ ‬المشيخة،‭ ‬الذى‭ ‬أثرى‭ ‬الساحة‭ ‬الفكرية‭ ‬بفكره‭ ‬المستنير‭ ‬واتجاهه‭ ‬العلمى‭ ‬الغزير،‭ ‬وقدم‭ ‬للمسلمين‭ ‬نموذجًا‭ ‬للخلق‭ ‬الإسلامى‭ ‬الرفيع،‭ ‬وسلك‭ ‬طريق‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬بالحكمة‭ ‬والموعظة‭ ‬الحسنة،‭ ‬كما‭ ‬تصدى‭ ‬للباطل‭ ‬ودافع‭ ‬عن‭ ‬الحق،‭ ‬فكانت‭ ‬حياته‭ ‬خالصة‭ ‬لوجه‭ ‬الله،‭ ‬حافلة‭ ‬بالمآثر،‭ ‬لم‭ ‬تشغله‭ ‬الدنيا‭ ‬عن‭ ‬الآخرة،‭ ‬فكرس‭ ‬حياته‭ ‬للعلم‭ ‬النافع،‭ ‬ليبقى‭ ‬علمه‭ ‬وتراثه‭ ‬وإرشاداته‭ ‬ونصائحه‭ ‬وتوجيهاته‭.‬
فى‭ ‬قرية‭ ‬‮«‬بطرة‮»‬‭ ‬إحدى‭ ‬القرى‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬المنصورة‭ ‬وتحديدًا‭ ‬بمركز‭ ‬طلخا‭ ‬فى‭ ‬محافظة‭ ‬الدقهلية‭ ‬قضت‭ ‬‮«‬الوفد‮»‬‭ ‬ساعات‭ ‬فى‭ ‬رحاب‭ ‬تلك‭ ‬القرية‭ ‬التى‭ ‬شهدت‭ ‬مولد‭ ‬الإمام‭ ‬جاد‭ ‬الحق‭ ‬على‭ ‬جاد‭ ‬الحق‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬الأسبق‭ ‬فى‭ ‬ذكراه‭ ‬السابعة‭ ‬والعشرين،‭ ‬والتى‭ ‬انطلق‭ ‬منها‭ ‬ليكون‭ ‬شيخ‭ ‬الإسلام‭ ‬وإمام‭ ‬أهل‭ ‬السنة‭ ‬فى‭ ‬العالم،‭ ‬حيث‭ ‬جلس‭ ‬على‭ ‬كرسى‭ ‬المشيخة‭ ‬بالأزهر‭ ‬الشريف‭ ‬من‭ ‬عام‭ (‬1982-1996‭) ‬فاستطاع‭ ‬بمنصبه‭ ‬الرفيع‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬لمصر‭ ‬والعالم‭ ‬الإسلامى‭ ‬نموذجًا‭ ‬فريدًا‭ ‬للوطنية‭ ‬ليسجل‭ ‬للأزهر‭ ‬الشريف‭ ‬صفحات‭ ‬مشرقة‭ ‬ومواقف‭ ‬فذة‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬سيطرحه‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭ ‬مع‭ ‬نجله‭ ‬ومحبيه‭.‬

مدحت نجل الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق خلال حواره مع الوفد


فى‭ ‬البداية‭ ‬يقول‭ ‬‮«‬مدحت‮»‬‭ ‬نجل‭ ‬فضيلة‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬الشيخ‭ ‬جاد‭ ‬الحق‭ ‬على‭ ‬جاد‭ ‬الحق‭: ‬ولد‭ ‬أبى‭ ‬فى‭ ‬5‭ ‬أبريل‭ ‬1917،‭ ‬ونشأ‭ ‬فى‭ ‬أسرة‭ ‬متدينة،‭ ‬فكان‭ ‬أبوه‭ ‬رجلا‭ ‬من‭ ‬الصالحين‭ ‬اشتهر‭ ‬بالأمانة،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬أهل‭ ‬القرية‭ ‬كانوا‭ ‬يطلقون‭ ‬عليه‭ ‬لقب‭ ‬‮«‬أمين‭ ‬البلد‮»‬‭ ‬وكانوا‭ ‬يحفظون‭ ‬مقتنياتهم‭ ‬الثمينة‭ ‬عنده‭ ‬خوفًا‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬الضياع،‭ ‬وقد‭ ‬أثرت‭ ‬هذه‭ ‬البيئة‭ ‬الصالحة‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬الشيخ،‭ ‬وحرصت‭ ‬أسرته‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬ترسله‭ ‬لكتاب‭ ‬القرية‭ ‬لحفظ‭ ‬القرآن‭ ‬وتعلم‭ ‬مبادئ‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة،‭ ‬خاصة‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬الولد‭ ‬الوحيد‭ ‬على‭ ‬تسع‭ ‬بنات،‭ ‬فأرسله‭ ‬والده‭ ‬لكتاب‭ ‬الشيخ‭ ‬سيد‭ ‬البهنساوى،‭ ‬وبعد‭ ‬تفوقه‭ ‬قرر‭ ‬والده‭ ‬أن‭ ‬يلحقه‭ ‬بالأزهر‭ ‬الشريف‭ ‬ليكمل‭ ‬تعليمه،‭ ‬ثم‭ ‬التحق‭ ‬بالتعليم‭ ‬الإعدادى‭ ‬بالمعهد‭ ‬الأزهرى‭ ‬الأحمدى‭ ‬بمدينة‭ ‬طنطا‭ ‬عام‭ ‬1930‭ ‬وحصل‭ ‬على‭ ‬الابتدائية‭ ‬الأزهرية‭ ‬عام‭ ‬1934‭ ‬والثانوية‭ ‬الأزهرية‭ ‬1939‭ ‬ثم‭ ‬التحق‭ ‬بكلية‭ ‬الشريعة‭ ‬والقانون‭ ‬بجامعة‭ ‬الأزهر‭ ‬وحصل‭ ‬على‭ ‬الشهادة‭ ‬العالمية‭ ‬1934‭ ‬وكان‭ ‬ضمن‭ ‬الخمسة‭ ‬الأوائل‭ ‬الذين‭ ‬كرمهم‭ ‬الملك‭ ‬فاروق‭ ‬الأول‭ ‬وحصل‭ ‬على‭ ‬وشاح‭ ‬الدولة‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬أيام‭ ‬فضيلة‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬مصطفى‭ ‬المراغى‭ ‬شيخ‭ ‬الجامع‭ ‬الأزهر،‭ ‬ثم‭ ‬الإجازة‭ ‬فى‭ ‬القضاء‭ ‬الشرعى‭ ‬عام‭ ‬1954،‭ ‬وقد‭ ‬عين‭ ‬والدى‭ ‬فور‭ ‬تخرجه‭ ‬موظفًا‭ ‬قضائيًا‭ ‬بالمحاكم‭ ‬الشرعية‭ ‬1964‭ ‬ثم‭ ‬أمينا‭ ‬للفتوى‭ ‬بدار‭ ‬الإفتاء‭ ‬1953‭ ‬فقاضيا‭ ‬بالمحاكم‭ ‬الشرعية‭ ‬1954‭ ‬وفى‭ ‬عام‭ ‬1956‭ ‬عين‭ ‬قاضيًا‭ ‬بالمحاكم‭ ‬بعد‭ ‬إلغاء‭ ‬ثورة‭ ‬يوليو‭ ‬للمحاكم‭ ‬الشرعية‭ ‬ثم‭ ‬رئيسًا‭ ‬للمحكمة‭ ‬عام‭ ‬1971‭ ‬وفى‭ ‬أغسطس‭ ‬1978‭ ‬عين‭ ‬مفتيًا‭ ‬للديار‭ ‬المصرية‭ ‬ثم‭ ‬اختير‭ ‬عضوًا‭ ‬بمجمع‭ ‬البحوث‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وفى‭ ‬يناير‭ ‬1982‭ ‬عين‭ ‬وزيرًا‭ ‬للأوقاف‭ ‬المصرية،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬الرئيس‭ ‬الأسبق‭ ‬حسنى‭ ‬مبارك‭ ‬قد‭ ‬تولى‭ ‬الحكم‭ ‬بعد‭ ‬اغتيال‭ ‬الرئيس‭ ‬الراحل‭ ‬أنور‭ ‬السادات‭ ‬وكانت‭ ‬أول‭ ‬وزارة‭ ‬تشكل‭ ‬برئاسة‭ ‬فؤاد‭ ‬محيى‭ ‬الدين‭ ‬فأصر‭ ‬أن‭ ‬يتولى‭ ‬الشيخ‭ ‬جاد‭ ‬الحق‭ ‬وزارة‭ ‬الأوقاف‭ ‬فوافق‭ ‬على‭ ‬مضض،‭ ‬وقدم‭ ‬إنجازات‭ ‬طيبة‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الثلاثة‭ ‬الأولى،‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬تولى‭ ‬مشيخة‭ ‬الأزهر‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬بيصار‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬الأسبق‭ ‬ليصبح‭ ‬الإمام‭ ‬الثانى‭ ‬والأربعين‭ ‬للأزهر‭ ‬الشريف‭ ‬فى‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬نفسه‭ ‬واستمر‭ ‬من‭ ‬مارس‭ ‬1982‭ ‬حتى‭ ‬مارس‭ ‬1996‭ ‬وهى‭ ‬أطول‭ ‬فترة‭ ‬قضاها‭ ‬شيخ‭ ‬أزهر،‭ ‬ومن‭ ‬بعده‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬سيد‭ ‬طنطاوى‭ ‬الذى‭ ‬أمضى‭ ‬نفس‭ ‬الفترة‭ ‬فى‭ ‬المشيخة،‭ ‬وفى‭ ‬سبتمبر‭ ‬عام‭ ‬1988‭ ‬تم‭ ‬اختياره‭ ‬رئيسًا‭ ‬للمجلس‭ ‬الإسلامى‭ ‬العالمى‭ ‬للدعوة‭ ‬والإغاثة‭.‬

الإمام الأكبر جاد الحق مع إمام الدعاة محمد متولي الشعراوي


 

.. ومع زعيم حزب الوفد فؤاد باشا سراج الدين

زهد‭ ‬وتواضع
●‭ ‬من‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ ‬فضيلة‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬الشيخ‭ ‬جاد‭ ‬الحق‭ ‬رفض‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬شقته‭ ‬بعد‭ ‬تولى‭ ‬المشيخة‭ ‬فما‭ ‬السر‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬عرضت‭ ‬عليه‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬مكان‭ ‬آخر؟
‭- ‬والدى‭ ‬كان‭ ‬زاهدًا‭ ‬فى‭ ‬الحياة،‭ ‬يعيش‭ ‬فى‭ ‬شقته‭ ‬البسيطة‭ ‬بحى‭ ‬المنيل‭ ‬التى‭ ‬تربينا‭ ‬فيها‭ ‬وظللنا‭ ‬بها‭ ‬منذ‭ ‬الخمسينيات،‭ ‬وكانت‭ ‬العمارة‭ ‬بلا‭ ‬مصعد‭ ‬كهربائى،‭ ‬وكان‭ ‬يصعد‭ ‬إلى‭ ‬شقته‭ ‬فى‭ ‬الدور‭ ‬الخامس‭ ‬على‭ ‬قدميه،‭ ‬وعندما‭ ‬عرضوا‭ ‬عليه‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬مكان‭ ‬أكثر‭ ‬سعة‭ ‬يناسب‭ ‬مكانته‭ ‬كشيخ‭ ‬للأزهر‭ ‬رفض‭ ‬وظللنا‭ ‬فى‭ ‬شقتنا‭ ‬بالمنيل‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬توفاه‭ ‬الله،‭ ‬وبالمناسبة‭ ‬كان‭ ‬الداعية‭ ‬الإسلامى‭ ‬الشهير‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالله‭ ‬شحاتة‭ ‬أستاذ‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬بكلية‭ ‬دار‭ ‬العلوم‭ ‬جارنا‭ ‬بالمنيل‭ ‬وكنت‭ ‬أراه‭ ‬كثيرًا،‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬يقطن‭ ‬فى‭ ‬الدور‭ ‬السادس‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬العمارة‭ ‬التى‭ ‬يقطن‭ ‬بها‭ ‬والد‭ ‬زوجتى،‭ ‬وكان‭ ‬عالمًا‭ ‬فاضًلا‭ ‬مخلصًا‭ ‬لدينه،‭ ‬وكان‭ ‬يرفض‭ ‬أية‭ ‬حوافز‭ ‬أو‭ ‬مكافآت،‭ ‬فقد‭ ‬بلغ‭ ‬زهده‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يحصل‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬راتبه‭ ‬فقط‭ ‬بشهادة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬عاصروه‭ ‬وقتها،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬أى‭ ‬أموال‭ ‬تأتيه‭ ‬مقابل‭ ‬أبحاثه‭ ‬وكتبه‭ ‬ودروسه‭ ‬فى‭ ‬الإذاعة‭ ‬والتليفزيون،‭ ‬ويجعلها‭ ‬فى‭ ‬سبيل‭ ‬الله‭.‬

الشيخ جاد الحق مع الرؤساء السابقين مبارك وصدام حسين وعلي عبدالله صالح والعاهل الأردني الملك حسين


●‭ ‬هناك‭ ‬واقعة‭ ‬شهيرة‭ ‬تتردد‭ ‬بأن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأسبق‭ ‬حسنى‭ ‬مبارك‭ ‬طلب‭ ‬من‭ ‬والدكم‭ ‬استصدار‭ ‬فتوى‭ ‬بإباحة‭ ‬فوائد‭ ‬البنوك‭ ‬والتى‭ ‬كان‭ ‬يحرمها‭ ‬الأزهر‭ ‬تمامًا‭ ‬فرفض‭ ‬الشيخ‭ ‬رفضًا‭ ‬قاطعًا‭.. ‬فما‭ ‬ردك؟
‭- ‬هذا‭ ‬كلام‭ ‬فارغ،‭ ‬وقرأته‭ ‬كثيرًا،‭ ‬لكن‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬أسلوب‭ ‬الرئيس‭ ‬‮«‬مبارك‮»‬‭ ‬أساسًا،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬يحترم‭ ‬رجال‭ ‬الدين‭ ‬جدًا،‭ ‬وأتذكر‭ ‬أيام‭ ‬‮«‬مؤتمر‭ ‬المرأة‭ ‬والسكان‮»‬‭ ‬أن‭ ‬والدى‭ ‬رفض‭ ‬مناقشة‭ ‬وثيقة‭ ‬السكان‭ ‬وعارض‭ ‬دعوات‭ ‬الانحلال‭ ‬الأسرى‭ ‬والشذوذ‭ ‬والخروج‭ ‬على‭ ‬الفطرة‭ ‬السليمة،‭ ‬مما‭ ‬أحبط‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يخطط‭ ‬له‭ ‬القائمون‭ ‬على‭ ‬المؤتمر،‭ ‬واتصل‭ ‬بالرئيس‭ ‬مبارك‭ ‬وقتها‭ ‬وأخبره‭ ‬أن‭ ‬المؤتمر‭ ‬ضد‭ ‬شريعة‭ ‬الإسلام‭ ‬فجعل‭ ‬‮«‬مبارك‮»‬‭ ‬موقف‭ ‬الدولة‭ ‬هو‭ ‬موقف‭ ‬الأزهر،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الصحفيين‭ ‬عندما‭ ‬سألوه‭ ‬فى‭ ‬افتتاح‭ ‬معرض‭ ‬الكتاب‭ ‬وقتها‭ ‬ماذا‭ ‬سيفعل‭ ‬بعد‭ ‬رفض‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬فرد‭ ‬الرئيس‭: ‬‮«‬اللى‭ ‬يقوله‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬نقول‭ ‬له‭ ‬سمعًا‭ ‬وطاعة‭ ‬ولا‭ ‬أود‭ ‬الحديث‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‮»‬‭ ‬فكان‭ ‬ردًا‭ ‬قاطعًا،‭ ‬مما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬الرئيس‭ ‬‮«‬مبارك‮»‬‭ ‬وقتها‭ ‬لشيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬ورأيه‭ ‬الذى‭ ‬يستند‭ ‬إلى‭ ‬الشرع‭.‬

رسمي عجلان


مواقف‭ ‬شجاعة‭ ‬وصريحة
يقول‭ ‬الباحث‭ ‬الإسلامى‭ ‬الشيخ‭ ‬رسمى‭ ‬عجلان‭ ‬عضو‭ ‬الرابطة‭ ‬العالمية‭ ‬لخريجى‭ ‬الأزهر‭ ‬أحد‭ ‬تلاميذ‭ ‬الإمام‭ ‬جاد‭ ‬الحق‭: ‬كان‭ ‬لفضيلة‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬مواقف‭ ‬جريئة‭ ‬وصريحة‭ ‬فى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬والمشكلات‭ ‬المحلية‭ ‬والدولية‭ ‬إيمانا‭ ‬برسالته‭ ‬الكبرى‭ ‬كشيخ‭ ‬للأزهر‭ ‬وإمام‭ ‬للمسلمين،‭ ‬وأذكر‭ ‬منها‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬نصيرًا‭ ‬للأقليات‭ ‬المسلمة‭ ‬المستضعفة‭ ‬فى‭ ‬العالم،‭ ‬وكان‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬مناسبة‭ ‬ينبه‭ ‬إلى‭ ‬خطورة‭ ‬التحديات‭ ‬التى‭ ‬تواجهها،‭ ‬أيضاً‭ ‬كان‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬أعلن‭ ‬موقفه‭ ‬من‭ ‬العدوان‭ ‬الصربى‭ ‬على‭ ‬المسلمين‭ ‬فى‭ ‬البوسنة‭ ‬والهرسك،‭ ‬وأن‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬صليبية‭ ‬فى‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬هدفها‭ ‬إبادة‭ ‬المسلمين‭ ‬فى‭ ‬البوسنة‭ ‬وكان‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬دعا‭ ‬إلى‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬إسلامى‭ ‬فى‭ ‬الجامع‭ ‬الأزهر‭ ‬عقب‭ ‬صلاة‭ ‬الجمعة‭ ‬لمناصرة‭ ‬شعب‭ ‬البوسنة‭ ‬والهرسك،‭ ‬ونجح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬منصبه‭ ‬كرئيس‭ ‬للمجلس‭ ‬الإسلامى‭ ‬العالمى‭ ‬للدعوة‭ ‬والإغاثة‭ ‬أن‭ ‬يجمع‭ ‬ملايين‭ ‬الدولارات‭ ‬وإرسالها‭ ‬للمجاهدين‭ ‬فى‭ ‬البوسنة،‭ ‬أيضاً‭ ‬موقفه‭ ‬الشجاع‭ ‬فى‭ ‬مناصرة‭ ‬المجاهدين‭ ‬فى‭ ‬الشيشان‭ ‬فى‭ ‬الحرب‭ ‬التى‭ ‬نشبت‭ ‬بينهم‭ ‬وبين‭ ‬الروس،‭ ‬حيث‭ ‬أكد‭ ‬أنه‭ ‬لولا‭ ‬تمسك‭ ‬شعب‭ ‬الشيشان‭ ‬بإسلامهم‭ ‬ما‭ ‬حاربهم‭ ‬الدب‭ ‬الروسى،‭ ‬كما‭ ‬شغلت‭ ‬قضية‭ ‬القدس‭ ‬حيزًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬عقل‭ ‬وقلب‭ ‬الإمام‭ ‬الراحل،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬القدس‭ ‬ستظل‭ ‬عربية‭ ‬إسلامية‭ ‬إلى‭ ‬قيام‭ ‬الساعة‭ ‬رغم‭ ‬أنف‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬كما‭ ‬رفض‭ ‬الإمام‭ ‬الراحل‭ ‬سياسة‭ ‬التطبيع‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬ما‭ ‬استمرت‭ ‬فى‭ ‬اغتصابها‭ ‬للأراضى‭ ‬العربية،‭ ‬وكان‭ ‬مما‭ ‬قاله‭ ‬‮«‬لا‭ ‬سلام‭ ‬مع‭ ‬المغتصبين‭ ‬اليهود‭ ‬ولا‭ ‬سلام‭ ‬إلا‭ ‬بتحرير‭ ‬الأرض‭ ‬العربية‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬رفض‭ ‬فضيلته‭ ‬زيارة‭ ‬المسلمين‭ ‬للقدس‭ ‬بعدما‭ ‬أفتى‭ ‬بعض‭ ‬العلماء‭ ‬بجواز‭ ‬ذلك‭ ‬بعد‭ ‬عقد‭ ‬اتفاقية‭ ‬أوسلو‭ ‬عام‭ ‬1933‭ ‬بين‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بقيادة‭ ‬ياسر‭ ‬عرفات‭ ‬والحكومة‭ ‬الصهيونية‭ ‬بقيادة‭ ‬إسحاق‭ ‬رابين‭ ‬وأعلنها‭: ‬‮«‬أن‭ ‬من‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬القدس‭ ‬من‭ ‬المسلمين‭ ‬آثم‭ ‬آثم‭ ‬حتى‭ ‬تتطهر‭ ‬من‭ ‬دنس‭ ‬المغتصبين‭ ‬اليهود‭ ‬وتعود‭ ‬إلى‭ ‬أهلها‮»‬،‭ ‬وعلى‭ ‬إثر‭ ‬هذا‭ ‬النداء‭ ‬القوى‭ ‬من‭ ‬الإمام‭ ‬الراحل‭ ‬دعا‭ ‬البابا‭ ‬شنودة‭ ‬بطريرك‭ ‬الكنيسة‭ ‬الأرثوذكسية‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬المسيحيين‭ ‬لعدم‭ ‬زيارة‭ ‬القدس‭.‬
ويستكمل‭ ‬الشيخ‭ ‬‮«‬عجلان‮»‬‭ ‬قائلاً‭: ‬أذكر‭ ‬موقفه‭ ‬الواضح‭ ‬والقوى‭ ‬من‭ ‬التطبيع‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل،‭ ‬فقد‭ ‬رفض‭ ‬أن‭ ‬يستقبل‭ ‬الرئيس‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬عيزرا‭ ‬وايزمان‭ ‬إبان‭ ‬زيارته‭ ‬للقاهرة‭ ‬بعد‭ ‬عقد‭ ‬اتفاقية‭ ‬أوسلو‭ ‬مما‭ ‬سبب‭ ‬حرجًا‭ ‬شديدًا‭ ‬للحكومة‭ ‬المصرية‭ ‬وللرئيس‭ ‬الصهيونى،‭ ‬وأدان‭ ‬الحادث‭ ‬الإجرامى‭ ‬الذى‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬يهودى‭ ‬متطرف‭ ‬عندما‭ ‬قتل‭ ‬عشرات‭ ‬المصلين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬فى‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬داخل‭ ‬الحرم‭ ‬الإبراهيمى‭ ‬عام‭ ‬1994،‭ ‬كما‭ ‬رفض‭ ‬فضيلته‭ ‬ما‭ ‬تردد‭ ‬عن‭ ‬حصول‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬مياه‭ ‬النيل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مشروع‭ ‬ترعة‭ ‬السلام،‭ ‬وقال‭ ‬مقولته‭ ‬الشهيرة‭: ‬إن‭ ‬حصول‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬مياه‭ ‬النيل‭ ‬أصعب‭ ‬من‭ ‬احتلالها‭ ‬سطح‭ ‬القمر،‭ ‬وعن‭ ‬الأسرى‭ ‬المصريين‭ ‬الذين‭ ‬قتلتهم‭ ‬إسرائيل‭ ‬عمدًا‭ ‬إبان‭ ‬يونيو‭ ‬1967‭ ‬وأثارتها‭ ‬الصحافة‭ ‬المصرية‭ ‬قال‭ ‬فضيلته‭ ‬‮«‬القتل‭ ‬العمد‭ ‬ضد‭ ‬أسرانا‭ ‬يستحق‭ ‬القصاص‮»‬‭.‬
●‭ ‬وماذا‭ ‬عن‭ ‬موقف‭ ‬فضيلة‭ ‬الإمام‭ ‬جاد‭ ‬الحق‭ ‬الشهير‭ ‬من‭ ‬المؤتمر‭ ‬الدولى‭ ‬للسكان‭ ‬والتنمية‭ ‬الذى‭ ‬عقد‭ ‬فى‭ ‬القاهرة‭ ‬عام‭ ‬1994‭ ‬وسر‭ ‬رفضه‭ ‬له؟
‭- ‬يعتبر‭ ‬موقف‭ ‬الإمام‭ ‬الراحل‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المؤتمر‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬الخالدة‭ ‬والشجاعة‭ ‬لفضيلته،‭ ‬حيث‭ ‬أعاد‭ ‬فيه‭ ‬للأزهر‭ ‬مكانته‭ ‬ومقامه‭ ‬الرفيع‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الدولية‭ ‬باعتباره‭ ‬حامى‭ ‬حمى‭ ‬الإسلام‭ ‬والمدافع‭ ‬عنه‭ ‬ضد‭ ‬محاولات‭ ‬التغريب،‭ ‬فقد‭ ‬تناقلت‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬العالمية‭ ‬قبيل‭ ‬انعقاد‭ ‬المؤتمر‭ ‬وثيقة‭ ‬المؤتمر‭ ‬التى‭ ‬تتضمن‭ ‬إباحة‭ ‬الشذوذ‭ ‬الجنسى‭ ‬والزنا‭ ‬وحمل‭ ‬الصغيرات‭ ‬العذارى‭ ‬وإباحة‭ ‬إجهاض‭ ‬الزوجات‭ ‬الشرعيات‭ ‬الحرائر،‭ ‬فأصدر‭ ‬فضيلته‭ ‬بيانًا‭ ‬شديد‭ ‬اللهجة‭ ‬والصراحة‭ ‬برفض‭ ‬وثيقة‭ ‬المؤتمر،‭ ‬لأنها‭ ‬تخالف‭ ‬شريعة‭ ‬الإسلام‭ ‬وسارعت‭ ‬وقتها‭ ‬الحكومة‭ ‬المصرية‭ ‬والقيادة‭ ‬السياسية‭ ‬المصرية‭ ‬بتبنى‭ ‬سياسة‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬وكذلك‭ ‬تصدى‭ ‬فضيلته‭ ‬لمسابقة‭ ‬ملكة‭ ‬جمال‭ ‬النيل‭ ‬من‭ ‬الفتيات‭ ‬فى‭ ‬عمر‭ ‬المراهقة،‭ ‬وكتب‭ ‬مقالا‭ ‬فى‭ ‬الأهرام‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬‭ ‬أوقفوا‭ ‬هذا‭ ‬العبث‭ ‬فورً‭ ‬باسم‭ ‬وفاء‭ ‬النيل‮»‬‭. ‬كما‭ ‬شهد‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف‭ ‬فى‭ ‬عهده‭ ‬نهضة‭ ‬كبيرة‭ ‬وانتشرت‭ ‬المعاهد‭ ‬الأزهرية‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬قرى‭ ‬ومدن‭ ‬مصر،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬تنتشر‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬حتى‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬المعاهد‭ ‬الأزهرية‭ ‬فى‭ ‬عهده‭ ‬6500‭ ‬معهد،‭ ‬فقد‭ ‬زرع‭ ‬الإمام‭ ‬الراحل‭ ‬المعاهد‭ ‬الأزهرية‭ ‬فى‭ ‬قرى‭ ‬مصر‭ ‬كما‭ ‬تزرع‭ ‬النخيل‭ ‬فى‭ ‬الصحراء‭.‬

مدخل قرية بطرة مسقط رأس الإمام الأكبر جاد الحق شيخ الأزهر الأسبق
عبدالقادر أحمد


لا‭ ‬وساطة
أما‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالقادر‭ ‬أحمد‭ ‬جاد‭ ‬الحق‭ ‬‮«‬مأذون‭ ‬قرية‭ ‬بطرة‮»‬‭ ‬نجل‭ ‬ابن‭ ‬عم‭ ‬الإمام‭ ‬الراحل‭ ‬فيقول‭: ‬صحبت‭ ‬عمى‭ ‬الإمام‭ ‬كثيرًا‭ ‬فى‭ ‬حياته‭ ‬وتعلمت‭ ‬منه،‭ ‬وقد‭ ‬تزوج‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬ابنة‭ ‬عمه‭ ‬فضيلة‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالمعطى‭ ‬الفضالى‭ ‬وكان‭ ‬أستاذا‭ ‬بكلية‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬بجامعة‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف‭. ‬وأنجب‭ ‬ثلاثة‭ ‬أبناء‭ ‬هم‭ ‬على‭ ‬الأبن‭ ‬الأكبر‭ ‬وهو‭ ‬خريج‭ ‬كلية‭ ‬تجارة‭ ‬وعمل‭ ‬فى‭ ‬عدة‭ ‬بنوك‭ ‬إسلامية‭ ‬حتى‭ ‬بلغ‭ ‬سن‭ ‬المعاش،‭ ‬ومدحت‭ ‬الابن‭ ‬الثانى‭ ‬وكان‭ ‬ضابطًا‭ ‬بالقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬ثم‭ ‬خرج‭ ‬بعد‭ ‬إصابته‭ ‬وعمل‭ ‬بالأعمال‭ ‬المدنية‭ ‬بالخارج،‭ ‬وأخيرا‭ ‬نجله‭ ‬الأصغر‭ ‬أسامة‭ ‬وهو‭ ‬ضابط‭ ‬بحرى‭ ‬بالمعاش،‭ ‬أما‭ ‬الأحفاد،‭ ‬فللإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬6‭ ‬أحفاد،‭ ‬خمس‭ ‬بنات‭ ‬وولد،‭ ‬أما‭ ‬عمى‭ ‬الإمام‭ ‬جاد‭ ‬الحق‭ ‬فكان‭ ‬لا‭ ‬ينقطع‭ ‬مطلقًا‭ ‬عن‭ ‬زيارة‭ ‬قريته‭ ‬وأهل‭ ‬بلدته‭ ‬ويكرم‭ ‬الصغير‭ ‬ويحسن‭ ‬إلى‭ ‬الجار‭ ‬وكانوا‭ ‬ينتظرون‭ ‬موعد‭ ‬حضوره‭ ‬لعرض‭ ‬مشكلاتهم‭ ‬عليه‭ ‬حتى‭ ‬يحلها،‭ ‬وكان‭ ‬لا‭ ‬يرغب‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬شىء‭ ‬إلا‭ ‬المنفعة‭ ‬العامة‭ ‬للناس،‭ ‬فعندما‭ ‬أقاموا‭ ‬معهد‭ ‬بطرة‭ ‬الأزهرى‭ ‬طلبوا‭ ‬منه‭ ‬تسمية‭ ‬المعهد‭ ‬باسمه‭ ‬فقال‭ ‬‮«‬بطرة‭ ‬أبقى‭ ‬من‭ ‬جاد‭ ‬الحق‮»‬‭ ‬ولم‭ ‬يسم‭ ‬المعهد‭ ‬باسمه‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬وفاته،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قام‭ ‬وكيل‭ ‬الأزهر‭ ‬بتغيير‭ ‬اسمه،‭ ‬وكل‭ ‬أموال‭ ‬التبرعات‭ ‬بنى‭ ‬بها‭ ‬المجمع‭ ‬الإسلامى‭ ‬والمستشفى‭ ‬بالقرية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الجائزة‭ ‬العالمية‭ ‬التى‭ ‬حصل‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬الملك‭ ‬فيصل‭ ‬والتى‭ ‬تبرع‭ ‬بها‭ ‬لهذا‭ ‬المبنى‭ ‬والمنحة‭ ‬الكويتية‭ ‬التى‭ ‬بنى‭ ‬بها‭ ‬المستشفى،‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬علاقتى‭ ‬به‭ ‬كأب‭ ‬وولده‭ ‬فقد‭ ‬تحملنى‭ ‬كثيرًا‭ ‬وأنا‭ ‬طالب‭ ‬فى‭ ‬جامعة‭ ‬الأزهر،‭ ‬وأذكر‭ ‬أننى‭ ‬ذهبت‭ ‬للعمل‭ ‬فى‭ ‬الجامعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬بالسعودية‭ ‬وطلبت‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬سنة‭ ‬زيادة‭ ‬عن‭ ‬حقى‭ ‬فى‭ ‬إجازة‭ ‬بدون‭ ‬مرتب،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬القانون،‭ ‬فقدمت‭ ‬له‭ ‬طلبًا‭ ‬ألتمس‭ ‬فيه‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬السنة‭ ‬الخامسة،‭ ‬فاستدعانى‭ ‬وقال‭ ‬لى‭ ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬ابن‭ ‬جاد‭ ‬الحق‭ ‬فهذا‭ ‬ليس‭ ‬مسوغًا‭ ‬لك‭ ‬لأخذ‭ ‬حق‭ ‬غيرك‭ ‬فإذا‭ ‬أردت‭ ‬العمل‭ ‬بالسعودية‭ ‬قدم‭ ‬استقالتك،‭ ‬وقد‭ ‬قدمت‭ ‬استقالتى،‭ ‬واستكملت‭ ‬العمل‭ ‬هناك‭ ‬ورفض‭ ‬أن‭ ‬يخالف‭ ‬القانون،‭ ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬يقبل‭ ‬بالوساطة‭ ‬تحقيًقا‭ ‬للعدل‭.‬

معهد الإمام جاد الحق بالقرية


أما‭ ‬الحاج‭ ‬سيد‭ ‬أمين‭ ‬من‭ ‬أهالى‭ ‬القرية‭ ‬فيقول‭: ‬كان‭ ‬الشيخ‭ ‬جاد‭ ‬الحق‭ ‬يأتى‭ ‬إلينا‭ ‬بسيارات‭ ‬خاصة‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬سيارات‭ ‬المشيخة،‭ ‬حتى‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يركب‭ ‬‮«‬تاكسى‮»‬‭ ‬من‭ ‬المنصورة‭ ‬إلى‭ ‬بطرة‭ ‬ليزور‭ ‬عائلته‭ ‬وشقيقاته،‭ ‬وقد‭ ‬اشترى‭ ‬قطعة‭ ‬أرض‭ ‬من‭ ‬ماله‭ ‬الخاص‭ ‬ليبنى‭ ‬عليها‭ ‬مسجدًا‭ ‬ودار‭ ‬أيتام‭ ‬ومجمع‭ ‬طبى‭ ‬ودار‭ ‬ضيافة‭ ‬وكلف‭ ‬أحد‭ ‬الأشخاص‭ ‬وهو‭ ‬الحاج‭ ‬فريد‭ ‬باستكمال‭ ‬بناء‭ ‬المسجد،‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬افتتاحه‭ ‬أول‭ ‬رمضان‭ ‬وقتها‭ ‬وتم‭ ‬بناء‭ ‬ضريح‭ ‬للشيخ‭ ‬أسفل‭ ‬المسجد‭ ‬عندما‭ ‬علمنا‭ ‬بوفاته‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬وقد‭ ‬حضر‭ ‬يوم‭ ‬الوفاة‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬سيد‭ ‬طنطاوى‭ ‬مفتى‭ ‬الجمهورية‭ ‬آنذاك،‭ ‬لصلاة‭ ‬الجنازة‭ ‬عليه‭ ‬وفوجئنا‭ ‬بعدها‭ ‬بالشيخ‭ ‬الشعراوى‭ ‬الذى‭ ‬طلب‭ ‬منا‭ ‬فتح‭ ‬المقبرة‭ ‬وقال‭ ‬ما‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬أغلقوها‭ ‬على‭ ‬بركة‭ ‬الله،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ظل‭ ‬برهة‭ ‬من‭ ‬الوقت،‭ ‬وكنت‭ ‬شاهد‭ ‬عيان‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬رحم‭ ‬الله‭ ‬الجميع‭.‬

المسجد الذي قام ببنائه الإمام في مسقط رأسه


أما‭ ‬‮«‬محمد‮»‬‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬القرية‭ ‬ويعد‭ ‬حفيدًا‭ ‬للشيخ‭ ‬جاد‭ ‬الحق‭ ‬وهو‭ ‬عامل‭ ‬بالمسجد‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1997‭ ‬بعد‭ ‬إنشائه‭ ‬وتسليمه‭ ‬لمديرية‭ ‬الأوقاف،‭ ‬وأذكر‭ ‬أن‭ ‬الشيخ‭ ‬جاد‭ ‬الحق‭ ‬كان‭ ‬يأتى‭ ‬إلى‭ ‬جدتى‭ ‬فى‭ ‬القرية‭ ‬بسيارته‭ ‬المرسيدس‭ ‬دون‭ ‬حراسة‭ ‬بمفرده‭ ‬وينزل‭ ‬منها‭ ‬ليسلم‭ ‬على‭ ‬جدتى،‭ ‬فهى‭ ‬ابنة‭ ‬عمه،‭ ‬وكان‭ ‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬يرفض‭ ‬الوساطة‭ ‬فقد‭ ‬رفض‭ ‬أن‭ ‬يمنحنى‭ ‬وظيفة‭ ‬فى‭ ‬المستشفى‭ ‬وقت‭ ‬أن‭ ‬تم‭ ‬افتتاحه‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬دخلت‭ ‬مسابقة‭ ‬ونجحت‭ ‬كغيرى‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬آخذ‭ ‬حق‭ ‬أحد،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬يخشى‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل،‭ ‬وكان‭ ‬يأتى‭ ‬عند‭ ‬جدى‭ ‬رزق‭ ‬الخميسى‭ ‬ببطرة‭ ‬سرًا‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬أحد‭ ‬بقدومه‭ ‬فى‭ ‬غير‭ ‬المناسبات‭ ‬الرسمية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬توفاه‭ ‬الله‭ ‬ودفن‭ ‬فى‭ ‬ضريح‭ ‬أسفل‭ ‬المسجد‭ ‬الذى‭ ‬بناه‭ ‬بالقرية،‭ ‬ويوم‭ ‬أن‭ ‬مات‭ ‬نعته‭ ‬الأمة‭ ‬الإسلامية‭ ‬بالكامل‭.‬
الرحيل
ويعود‭ ‬نجله‭ ‬الأوسط‭ ‬‮«‬مدحت‮»‬‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬رحيل‭ ‬الإمام‭ ‬قائلًا‭: ‬كنت‭ ‬خارج‭ ‬مصر‭ ‬وقتها،‭ ‬وكان‭ ‬شقيقاى‭ ‬‮«‬على‮»‬‭ ‬و«أسامة‮»‬‭ ‬معه‭ ‬بالقاهرة،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬عاد‭ ‬شقيقى‭ ‬‮«‬أسامة‮»‬‭ ‬للإسكندرية،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬يقيم‭ ‬هناك‭ ‬بسبب‭ ‬عمله‭ ‬ضابطاً‭ ‬بالبحرية‭ ‬وفوجئ‭ ‬باتصال‭ ‬تليفونى‭ ‬فى‭ ‬الواحدة‭ ‬منتصف‭ ‬الليل‭ ‬بالعودة‭ ‬للقاهرة،‭ ‬وكان‭ ‬هناك‭ ‬بجوار‭ ‬شقتنا‭ ‬فى‭ ‬المنيل‭ ‬الدكتور‭ ‬إبراهيم‭ ‬شلبى‭ ‬وهو‭ ‬طبيب‭ ‬بمجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬استدعاه‭ ‬أشقائى‭ ‬لتوقيع‭ ‬الكشف‭ ‬الطبى‭ ‬على‭ ‬والدى‭ ‬الذى‭ ‬توفى‭ ‬فجر‭ ‬الجمعة‭ ‬15‭ ‬مارس‭ ‬وصلى‭ ‬عليه‭ ‬الجنازة‭ ‬إمام‭ ‬الدعاة‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬متولى‭ ‬الشعراوى‭ ‬فى‭ ‬الجامع‭ ‬الأزهر،‭ ‬ولم‭ ‬أحضر‭ ‬الجنازة‭ ‬بسبب‭ ‬وجودى‭ ‬بالخارج‭ ‬وقتها‭ ‬لكنى‭ ‬حضرت‭ ‬العزاء‭ ‬الذى‭ ‬أقامه‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف‭ ‬يوم‭ ‬السبت‭ ‬16‭ ‬مارس‭. ‬