عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

فشل الإسلام السياسى أن يقدم نفسه كبديل مقنع للشعوب العربية، ولم يستطع أن ينشئ مشروعاً سياسيًا أو أن تكون له قيادات فاعلة ومحبوبة من قبل الشعب، بل دخلت فى خلافات مع الأطراف الأخرى ومؤسسات الدولة من أجل البقاء فى السلطة.

تؤمن جماعات الإسلام السياسى بالوطن كحيز معنوى وليس كحيز وطنى، فيكفى أن يبايع هذه الجماعات أحد قادتها كخليفة ليصبح لديهم خلافة دون فرض السيادة على الجغرافيا من خلال تحسين ظروف المجتمع والتفكير فى تنميته، فهى لا ترى نفسها إلا امتدادًا للتنظيم فى كل مكان، وتحاول أن تستنزف مقدرات الوطن من أجل الانتماء والبيعة للتنظيم الدولى حتى وإن أظهرت غير هذا.

لم يسقط حكم الجماعة فى مصر، نتيجة سلسلة من الأخطاء الجسيمة، وحسب، بل أيضاً نتيجة رفض الدولة الكيان المسمى بجماعة الإخوان المسلمين، الذى ظل لما يقرب من 85 عامًا خارج دوائر الحكم، وكانت ترتاب منه مؤسسات الدولة وواجهته عدة مرات، معضلة الإخوان الرئيسية هى أنهم لم يستوعبوا طبيعة اللحظة التى انتقلوا فيها من المعارضة إلى الحكم، وظلوا ينظرون إلى أنفسهم على أنهم ضحية مؤامرات الدولة العميقة والإعلام والقوى الخارجية، ولم ينظروا إلى أداء الجماعة فى السلطة وصورتها لدى قطاع واسع من المصريين، قناعة أعضاء الجماعة بأن مجرد انتمائهم إلى الجماعة هو جهاد فى سبيل الله، وأن الحفاظ على هذه الجماعة هو هدف وغاية فى حد ذاته، تحولت بعد وصولهم إلى السلطة إلى عنصر ضعف، فهذه القناعة أصبحت عامل انغلاق وعزلت أعضاء الجماعة عن باقى أفراد المجتمع، وتحولت فى فترة قليلة إلى عامل رئيسى فى كراهية الناس لهذا التنظيم، الذى رأوا أنه يحرص على مصلحة أعضائه قبل المجتمع.

فضلًا عن ذلك، تحولت الرابطة التنظيمية والتربية الدينية لدى الجماعة إلى شعور بالتمايز والتفوق على الآخرين، فيما تحولت الطاقة الدينية، التى حافظت على تماسك الجماعة حين كانت فى المعارضة، إلى طاقة كراهية وتحريض على المنافسين والخصوم وتسببت بانغلاق الجماعة وعزلها عن باقى المجتمع.

أصرت الجماعة بعد وصولها إلى السلطة على أن تبقى سرية، ورفضت أن تقنن وضعها وتصبح جماعة شرعية وفق قوانين الدولة، الأمر الذى عمق المخاوف بأنها جماعة سرية تحكم البلاد من وراء الستار، ولديها خطط «شريرة» لهدم الدولة والبقاء فى السلطة إلى الأبد. تناست الجماعة الإرهابية الإخوانية بعد وصولها إلى السلطة فى مصر القاعدة التى تقول: «لا تستطيع أى جماعة مهما كانت قوتها أن تبتلع دولة، ولكن يمكن للدولة أن تبتلع أى جماعة وتهضمها، وهذا ما حدث للإخوان حينما حاولوا ابتلاع الدولة المصرية، فلم تستطع الحفاظ على الجماعة، ولم تستطع إدارة الدولة، وعدم قدر ة الجماعة على الانتقال من ضيق التنظيم إلى سعة الدولة، ومن سعة الدولة إلى رحابة الإقليم ثم العالم.

خلال حكم الإخوان الفاشل انهارت الكثير من المجالات سواء الاقتصادية أو الاجتماعية ووصل الاحتياطى النقدى لأرقام مخيفة. وتراجع الاحتياطى الاستراتيجى من السلع الغذائية، فضلًا عن حالة الفوضى التى عمت الشارع المصرى، وتعرضت مصر خلال هذا العام الذى حكم فيه الإخوان إلى هجمة شرسة تستهدف هويتها فى المقام الأول، عبر فرض الإخوان لأفكارهم على المجتمع بهدف «أخونته» بالكامل، ودفع الأقباط إلى الهجرة من مصر، وتغيير تركيبة المجتمع المصرى وتنوعه الفريد الصامد عبر التاريخ.

لم يقبل المصريون المشروع الإخوانى المتكامل لأخونة الدولة واختباءهم عبر مفاهيم دينية مغلوطة ويظهر لطوائف الشعب المختلفة أن استمرار حكم الجماعة يمثل خطورة شديدة وأنه يسعى لطمس هوية مصر وضياع استغلالها الوطنى فى مقابل مشروع وهمى لتأسيس الخلافة الإسلامية وتحويل الدولة المصرية إلى مجرد ولاية من الولايات الإسلامية التى سيحكمها الخليفة المنتظر، فقامت ثورة 30 يونيو لإسقاط حكم الجماعة الفاشل وإنقاذ مصر دولة ذات سيادة لكل المصريين.