رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

«500510140» «5500200120» هذه الأرقام ليست خطأ ارتكبته فى الكتابة لأستهل بها مقالى، وليست شفرة لمنظمة تجسس أو لجهاز استخبارات ما، بل هى أرقام أقصدها بدقة، فهى تعنى «ما يحدث كارثة» وذلك فى لغة الأرقام التى أصبح أولادنا من الشباب والأطفال يستخدمونها فى المراسلات ودردشة الشات عبر الكمبيوتر وهواتفهم، نعم ما يحدث حرفياً كارثة أن تستبدل أجيال العرب –المصريين- اللغة العربية، لغة الضاد والقرآن الكريم بأرقام لقتل لغتنا عصب الهوية العربية وبؤرة ثقافتها ومرآة حضارتها وبوتقة تراثها وحاملة ذاكرة الأمة وتاريخها، فعندما يريد شاب أن يقول لخطيبته أنا أحبك، سيرسل لها تلك الأرقام «1501 20281»، حيث حرف الألف يقابله 1، والنون يقابله رقم 50، ح يقابله 8، والكاف يقابلها رقم 20 وهكذا.

من غير الواضح بدقة اسم أو هوية المجرم الذى ابتكر جدول الأرقام المقابل للحروف العربية، كآباء فوجئنا بها يتم تداولها بين أولادنا فى حرفية وسرعة غريبة، وكأنها مخطط مدروس وخارطة طريق سحرية مختصرة لقتل اللغة العربية وإنهاء وجودها تماماً، ومن المؤسف أن الشباب يستخدمها فى فخر وأريحية وكأنه توصل إلى سر شفرة الكون وكنوع من إظهار مستوى الرفاهية والثقافة الغربية، وكأن التنصل من لغتنا هو معيار للتقدم والرقى والثراء والتوشح بأردية الغرب.

وانفجرت هذه الأرقام فى وجوهنا بعد قصير من استخدام أولادنا للغة «الفرانكو آراب» عبر أجهزتهم الإلكترونية للتواصل والدردشة، والفرانكو آراب تستخدم فيها الأحرف اللاتينية لنطق الكلمة وكأنها بالعربية مع تزجيجها ببعض الأرقام، فعل سبيل المثال عبارة «نحن على موعد» يتم كتابتها على النحو الآتى:

«n7n 3la mo3d»

‏7md llh وعبارة الحمد لله تكتب فحرف الحاء يقابله رقم 7، وحرف العين يقابله رقم 3، وهكذا، وشخصياً لا أعرف سر السعادة التى تتملك من يستخدم الفرانكو آراب أو الأرقام بدلًا من لغتنا العربية الجميلة، وعذرًا أن أفسر هذا بنقص فى الشخصية، ومحاولة ممسوخة للتمسح بالغرب وفقر فى الثقافة والوعى والفكر السليم، ولا يتعلل أحد بأنه لوحات المفاتيح بأجهزة الهواتف الذكية والكمبيوتر لا تحتوى على أحرف عربية، فهذا غير حقيقى، كما توجد برامج وتطبيقات يمكن تنزيلها بالأجهزة لاستخدام الأحرف العربية من خلالها، ولكن للأسف حتى بعض الآباء والناضجين من أبناء مجتمعنا صار الكثير منهم يتباهى باستخدام أولادهم للفرانكو أراب أو لحروف الأرقام وكأنها معيار متميز للذكاء والعبقرية مقارنة بغيرهم من المتمسكين باللغة العربية، ويذكرنى هذا ببعض مخلوعى الجذور من المهاجرين العرب الذين التقيتهم فى أوروبا، والذين كانوا يتمسحون فى لغة المهجر رغم أنهم يتحدثونها فى ركاكة مقيتة، ويدعون نسيانهم للغة العربية، ولا يحرصون أبداً على تعليمها لأولادهم، ويشعرون بفخر غريب - أصنفه بانه مرض تغريب سيكوباتى - لأن أولادهم لا يتكلمون العربية ولا يعرفون حروفها.

حقاً معرفة اللغات الأخرى كنز لا يستهان به، وينفع أى إنسان فى إيجاد فرص جيدة للدراسة والعمل، ويتيح التعرف على ثقافات الغير، وفهم ما يدور فى العالم الخارجى أو فى دول المهجر التى قد نعيش بها، ولكن احتفاظنا بلغتنا هو احتفاظ بالهوية، بالانتماء، بالولاء لأوطاننا، وقد يصدم هؤلاء أوقد لا يشعرون بصدمة أو أسف، حين يعلمون أن أصل لغة الفرانكو أراب ترجع إلى زمن محاكم التفتيش الأوروبية وقت انهيار الدولة الأندلسية التى كانت تذخر بالمسلمين، وذلك على يد الإسبان الذين كرسوا جهودها للقضاء على الإسلام وكل رموزه وفى مقدمتها لغة القرآن، ومارسوا أبشع أنواع القتل والتعذيب ضد المسلمين، وأحرقوا المصاحف، وأغلقوا المساجد، وأجبروا المسلمين على استبدال الحروف العربية إلى أحرف لاتينية وعرفت بـ«فرانكو أراب»، ونجحوا بالفعل فى طمس اللغة العربية لدى جيل كامل من المسلمين نشأ وهو لا يعرف شيئًا عن الإسلام ولا اللغة العربية، وللحديث بقية..

 

[email protected]