رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

مرت مائة عام على صدور أهم دستور فى البلاد، وهو أول دستور مصرى بعد ثورة 1919 والذى اعترفت فيه بريطانيا بمصر دولة مستقلة ذات سيادة، والمعروف بدستور 1923، أعدته لجنة مكونة من 30 عضوًا برئاسة حسين رشدى باشا، وضمت ممثلين للأحزاب السياسية، والزعامات الشعبية، وقادة الحركة الوطنية، وضمت اللجنة شيخ الأزهر فى ذلك الوقت- محمد بخيت-، وستة من الأقباط بينهم البابا يؤانس، ويهودى واحد وهو الرأسمالى الكبير أصلان قطاوى باشا انسحب حزب الوفد من لجنة إعداد الدستور، حيث رفض سعد باشا زغلول هذه اللجنة ووصفها بلجنة الأشقياء، ورغم ذلك فاز الوفد برئاسة الحكومة فى الانتخابات التشريعية التى جرت فى ظل هذا الدستور عام 1924، وتولى سعد زغلول الوزارة فى أول حكومة مصرية مستقلة.

استقبل الملك فؤاد الأول النسخة الأولى من الدستور عندما عرضت عليه اللجنة لتوقيعه، قائلًا: «وقع الدستور لدينا موقع القبول، وقد اقتضت إرادتنا إصدار أمرنا به راجيًا أن يكون فاتحة خير لتقدم الأمة وارتقائها، وعنوانًا دائمًا لمجدها وعظمتها، ووقع الملك فؤاد على الدستور، وأصدره، وجعل الأمر الصادر به من أصلين فقط، أحدهما بديوان الملك، والآخر أرسله إلى رئيس الوزراء يحيى باشا إبراهيم ليحتفظ برئاسة مجلس الوزراء، كما وقع على الدستور جميع الوزراء وهم يحيى باشا إبراهيم رئيس الوزراء ووزير الداخلية، أحمد حشمت وزير الخارجية، محمد محب وزير المالية، أحمد زيور وزير المواصلات، أحمد ذوالفقار وزير الحقانية، محمد توفيق رفعت وزير المعارف العمومية، أحمد على وزير الأوقاف، محمود عزمى وزير الحربية والبحرية، حافظ حسن وزير الأشغال العمومية، وفوزى المطيعى وزير الزراعة.

وصدر الدستور، وبدأ العمل به بسراى عابدين فى 3 رمضان 1341 هجرية، 19 أبريل 1923 ميلادية، والذى يوافق مئوية صدور الدستور الأول فى مصر الذى حولها إلى حكومة دستورية قانونية.

نصت مواد الدستور التى جاءت فى 170 مادة على أن عرش المملكة المصرية وراثى فى أسرة محمد على، وتكون وراثة العرش وفق النظام المقرر بالأمر الكريم الصادر فى 15 شعبان 1340 هجرية، 13 أبريل 1922 ميلادية، الملك هو رئيس الدولة الأعلى وذاته مصونة لا تمس، وخصص الدستور 150 ألف جنيه لجلالة الملك، 111 ألفًا 512 جنيهًا مخصصات للبيت المالك، وتبقى كما هى لمدة حكمه ويجوز زيادة هذه المخصصات بقرار من البرلمان، وأجاز الدستور تعيين أفراد الأسرة المالكة ونبلائها أعضاء فى مجلس الشيوخ، ولا يجوز انتخابهم بأحد المجلسين.

البرلمان فى ظل دستور 1923 كان سيكون من مجلسين: الشيوخ، والنواب، السلطة التشريعية يتولاها الملك بالاشتراك مع المجلسين، يصدق الملك على القوانين، ويصدرها، ويضع اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، وله حق حل مجلس النواب، وإذا قام بحله، توقف جلسات مجلس الشيوخ، وللمك تأجيل انعقاد البرلمان، على أنه لا يجوز أن يزيد التأجيل على ميعاد شهر، وألا يتكرر فى دور الانعقاد الواحد بدون موافقة المجلسين، وللمك عند الضرورة أن يدعو البرلمان إلى اجتماعات غير عادية، وهو يدعوه أيضاً متى طلب ذلك بعريضة الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلسين ويعلن فض الاجتماع غير العادى، ويفتتح الملك دور الانعقاد العادى للبرلمان بخطبة العرش فى المجلسين مجتمعين.

المادة الأولى من الدستور تنص على أن مصر دولة ذات سيادة وهى حرة مستقلة ملكها لا يتجزأ ولا يتم التنازل عن شىء منه وحكومتها ملكية وراثية وشكلها نيابى.

أما بعض المواد الأخرى فكانت: أن تحمى الدولة حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقًا للعادات المرعية فى الديار المصرية على ألا يخل ذلك بالنظام العام ولا ينافى الآداب وحرية الاعتقاد مطلقة.

كفل الدستور حرية الرأى، ولكل إنسان الإعراب عن فكره بالقول أو الكتابة أو بالتصوير أو بغير ذلك فى حدود القانون. حرية الصحافة مكفولة فى حدود القانون، والرقابة على الصحف محظورة، وإنذار الصحف أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإدارى محظور كذلك إلا إذا كان ذلك ضروريًا لوقاية النظام الاجتماعى.

التعليم حر ما لم يخل بالنظام العام أو ينافى الآداب، والتعليم الأولى إلزامى للمصريين من بنين وبنات وهو مجانى فى المكاتب العامة.

ينشئ الملك ويمنح الرتب المدنية والعسكرية والنياشين وألقاب الشرف، وله حق سك العملة، وحق العفو وتخفيض العقوبة، ويرتب المصالح العامة ويولى ويعزل الموظفين، ويعلن الأحكام العرفية.

والملك هو القائد الأعلى للقوات البرية والبحرية ويولى ويعزل الضباط، ويعلن الحرب، ويعقد الصلح، ويبرم المعاهدات ويبلغها للبرلمان متى سمحت مصلحة الدولة وأمنها، أما الحرب الهجومية فلا يجوز إلا بموافقة البرلمان.

لا يتولى الوزارة إلا مصرى، ولا يتولى الوزارة أحد من الأسرة المالكة.

ومنذ اللحظة الأولى لتطبيق الدستور ضاق الملك فؤاد بالدستور، الذى قيد سلطاته، وأقر مبدأ رقابة الأمة من خلال ممثليها المنتخبين فى مجلس الشيوخ والنواب على سلوك الحكومة وممارساتها، ومنح الشعب سلطة التشريع من خلال نوابه، وصان الحريات العامة للمواطنين، وحافظ على حرمة حياتهم الخاصة، وأرسى مبدأ الفصل بين السلطات، وتم إلغاء الدستور الذى استمر العمل به حتى 22 أكتوبر 1930، وصدر دستور جديد عرف بدستور 1930، واستمر العمل به 5 سنوات، وتم إلغاؤه فى 19 ديسمبر 1935، وأعيد العمل بدستور 1923 بعد مساندة حزب الوفد لدعوات ومظاهرات عودته وظل ساريًا إلى قيام ثورة «52» فى 10 ديسمبر من نفس العام، حتى تم إلغاؤه نهائيًا.

وللحديث بقية