عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بموضوعية

شاءت الأقدار أن أحضر هذا الاسبوع مناقشات سيمنار علمى، نظمته أمانة الصحة النفسية التابعة لوزارة الصحة، بقيادة النشيطة الدءوبة الدكتورة منن عبدالمقصود، حول قضايا الصحة النفسية للمراهقين والمخاطر التى تهددهم مثل إدمان المخدرات أو إدمان وسائل التواصل الاجتماعى.

الندوة ناقشت أبعاد هذه الظواهر الإدمانية من واقع دراسات علمية ميدانية، اتسمت بالواقعية الشديدة حيث شملت مسحا جغرافيا نطاقه ثلاثون ألف فتى وفتاة فى سن المراهقة، ينتظمون فى ألف مدرسة إعدادية وثانوية على مستوى الجمهورية، أى من كافة المحافظات ومن مختلف أنواع المدارس ومستوياتها الاجتماعية إلى جانب المدارس الأزهرية ومدارس التعليم الفنى بشقيها التجارى والصناعى.

وعلى الرغم من أن نتائج هذه الدراسة جاءت لتشير الى أن مصر لا تزال تقع ضمن المتوسط العالمى لإدمان المخدرات والقمار وادمان وسائل التواصل الاجتماعى بين المراهقين، وهى نسبة تدور حول ١٦ بالمئة إلا أنها تنبهنا إلى مستوى الخطر الذى يحيط بأبنائنا ويهدد بلادنا فى أعز ما تملك، وهو مستقبلها الذى تمثله الأجيال الجديدة التى من المفترض أن تتسلم الراية من جيل الآباء وتكمل المسيرة.

الخطر الرئيسى حسبما تكشف الأرقام التى تناولتها هذه الدراسة العلمية المحترمة، والتى تمت تحت إشراف فريق علمى مشهود له بالكفاءة والموضوعية، يتمثل فى تزايد أعداد هؤلاء المراهقين الذين يقعون فريسة الإدمان مقارنة بدراسات سابقة.

على سبيل المثال كانت النسبة فى العام ١٩٩٥ تدور حول ٦ بالمئة ارتفعت إلى ١٢ بالمئة فى العام ٢٠٠٥، ثم تدور الآن حول نسبة ١٦ بالمئة، وهى وإن كانت كما ذكرت قريبة من المتوسط العالمى إلا أنها نسبة مرتفعة وتدق ناقوس الخطر لما هو قادم، لا سيما فى ظل هذا العصر الذى تراجعت فيه أدوار البيوت والمدارس والمؤسسات الدينية والرياضية فى عملية التربية واكساب القيم والمفاهيم الأخلاقية والإيجابية لدى النشء، وضبط السلوك العام لهؤلاء اليافعين، وفقا للأعراف والتقاليد الاجتماعية الراسخة والمعبرة عن هوية المجتمع المصرى.

فى المقابل تزايدت أدوار التأثير السلبى فى عملية تنشئة الأجيال الجديدة، سواء من وسائل الإعلام التقليدية التى فقدت بوصلة التوجيه والإرشاد الاجتماعى، أو من الكارثة التى حلت بالبشرية وخاصة المجتمعات المتخلفة وتسىء استخدامها، وهى وسائل التواصل الاجتماعى التى بات استخدامها فى حد ذاته نوعا من الإدمان لدى هذه الأجيال، ناهيك عن المحتوى السلبى والمدمر نفسيا وعقليا واجتماعيا والذى يفتح عيون أبنائنا على أشياء ومفاهيم أبعد ما تكون عن الصواب وتهدم ثوابت المجتمع.

لذلك كله تصبح مهمة التصدى لهذا الخطر مسئولية الجميع وليست وزارة الصحة أو المؤسسات العلاجية وحدها، ويكفى أن نعلم أن متوسط السن الذى يتعرف فيه المراهق على المخدرات أو تدخين السجائر هو ٩ سنوات  نعم ٩ سنوات، أى فى منتصف المرحلة الابتدائية، ولكم أن تتخيلوا طفلا فى سن البراءة يتفتح وعيه على هذه الأشياء، فماذا ننتظر منه فى سن العشرين؟

صحيح أن المجتمع المصرى كله يعيش فى هذه المرحلة ما يمكن اعتباره لحظة اضطراب اجتماعى، لكن ذلك لا يعفينا من المسئولية وضرورة بذل كل الجهد لإنقاذ أبنائنا من هذا المصير البائس، لأن الصحة النفسية لأجيالنا القادمة ترتقى لأن تكون قضية أمن قومى، فهؤلاء المراهقون هم من سيقفون غدا ليدافعوا عن الحدود، ومنهم من سيتولى قيادة سفينة الوطن فكيف نأمل فى وطن صالح تتعرض اجياله الجديدة للإفساد.

 

[email protected]