رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

تعددت الأسباب التى أدت إلى قيام ثورة 25 يناير، إلى حد أننى قرأت فى أحد التقارير الصحفية، أن من بين أسباب استياء المصريين من نظام مبارك، تلك العبارة التى وردت على لسانه أثناء قيامه بإلقاء خطاب افتتاح الدورة البرلمانية عام 2010، واعتبرها المصريون وخاصة الشباب من مبررات مظاهراتهم الاحتجاجية يوم الثلاثاء 25 يناير 2011 والذى كان يوافق عيد الشرطة، وأضافوها إلى مطالبهم بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية.

مبارك كان يلقى خطابه من منصة مجلس الشعب، وعلى يمينه فى المنصة الخلفية كان يجلس الدكتور أحمد فتحى سرور رئيس مجلس الشعب، وعلى يساره كان يجلس الدكتور مصطفى كمال حلمى، وفى القاعة كان يجلس أعضاء مجلس الشعب والشورى فى الاجتماع التقليدى السنوى الذى كان إيذانا ببدء دور الانعقاد البرلمانى الجديد الذى كان يفتتحه مبارك كتقليد سنوى من خلال خطاب سياسى يحدد فيه تكليفات جديدة لمدة دور الانعقاد السنوى تعمل على تنفيذها الحكومة بعد عرضها على البرلمان.

خطاب مبارك كان يحيله مجلس الشورى إلى اللجنة العامة، لتوزيعه على اللجان النوعية بالمجلس، وتناقش كل لجنة ما يخصها فيه، وتقدم تقريرا باقتراحاتها حول الخطاب، ويتم ضم جميع تقارير اللجان فى تقرير واحد يناقشه المجلس فى جلسته العامة، ثم يعد مجلس الشورى تقريرا بمناقشاته ويتضمن اقتراحات يرسلها في تقرير إلى الرئيس مبارك ونسخة أخرى إلى رئيس مجلس الشعب ونسخة ثالثة إلى رئيس مجلس الوزراء، وتقرر الجهات الثلاث وضع النسخة فى درج للحفظ، ويفقد مجلس الشورى جهد عدة أشهر من دور الانعقاد فى مناقشات ومداولات وسهر، ونفقات من بدلات ومرتبات، فى «مكلمة» لا طائل منها، وتنتهى على سبيل «التسلية» التى تتم كل عام من بداية دور الانعقاد حتى قرب نهايته فى مناقشة تقرير عن خطاب الرئيس!

ونعود إلى التسلية الحقيقية فقد كان مبارك يتحدث فى خطابه تحت قبة البرلمان بأنه يسعى خلال المرحلة القادمة لتحرك مواز لتوسيع تطبيق اللامركزية وتدعيم المشاركة الشعبية على كافة المستويات، ثم قال: مش ده برلمان موازي ده ولا إيه؟ فى إشارة إلى البرلمان الموازى الذى شكلته بعض القوى الوطنية! وضجت القاعة بالضحك، وهتف نواب الحزب الوطنى من أعضاء مجلس الشعب والشورى ووقف أحد الأعضاء يقول: هنعمل إيه مع اللى عملوا برلمان موازى؟ فرد مبارك: خليهم يتسلوا! وضحك الأعضاء وسط التصفيق الحاد أيضا، وقال أحد الأعضاء لمبارك: أنت نصير الفقراء يا ريس، فرد «مبارك»: كلنا كنا فقراء!

الحكاية لم تنته عند عبارة خليهم يتسلوا، فقد أثارت غضب الشارع، واعتبرتها أحزاب المعارضة إهانة لها، لأن أحزاب المعارضة وبعض القوى السياسية شكلت برلمانا موازيا من قوى المعارضة ونواب سابقين ومرشحين تم اسقاطهم خلال الانتخابات البرلمانية فى 2010 احتجاجا على التزوير الفج والفاضح الذى شهدته الانتخابات البرلمانية، عندما فرض رجال النظام سطوتهم على معظم أجهزة ومؤسسات الدولة، وسيطروا على كل مجريات الانتخابات، والتى نتج عنها برلمان مزور، سيطر عليه الحزب الوطنى، وحوله إلى مجلس الهتيفة والمصقفاتية، ومما زاد الطين بلة، تمسك المجلس بالاعضاء الذين صدرت أحكام ببطلان عضوياتهم تحت دعوى أنه «سيد قراره».

الغضب تضاعف، وقفز مجلس الشعب إلى مقدمة أسباب ثورة 25 يناير، وذهب الحزب الوطنى إلى طى النسيان بعد الثورة وتم حل المجلس، وبقيت عبارة خليهم يتسلوا شاهدة على عصر الصوت الواحد، والاستحواذ على كل شيء «عبارة خليهم يتسلوا كشفت عدم احترام النظام الحاكم للدستور والقانون وحرية التعبير، وحرمانه المواطن العادى من حقه فى اختيار مرشحه للبرلمان عن عمد وسوء نية، وعدم اعترافه بالتعددية الحزبية ومبدأ تداول السلطة، وقيامه باختزال الحياة الحزبية والسياسية فى حزب واحد يسيطر على كل شيء من خلال أغلبية ميكانيطية مزيفة، حصلت على مقاعدها عن طريق العضلات والمال السياسى للتسبيح بحمد النظام، فكانت النهاية التى من أسبابها مجلس شعب لا يمثل الشعب!