رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بموضوعية

العملية العسكرية التى تنفذها حاليا تركيا فى مناطق شمال شرق سوريا تبرهن مجددا على أبعاد المشروع التركى فى المنطقة والهادف بالدرجة الأولى إلى توسيع النفوذ الاستراتيجى التركى فى هذه المناطق اما عبر الضم المباشر أو عبر التواجد شبه الاحتلال.

الغريب أن الخطاب السياسى التركى يقدم تفسيرا عجيبا لا يلائم العصر لهذا السلوك وتلك الاستراتيجية ملخصة أن هذه المناطق لاسيما عفرين والقامشلى وكوبانى ومحيطهما كانت تابعة للامبراطورية العثمانية ثم أصبحت تابعة للدولة السورية بعد الحرب العالمية الأولى بموجب اتفاقية لوزان وانه فى العام القادم سوف يكون قد مر على هذه الاتفاقية مائة عام كاملة ومن ثم ينتهى العمل بها.

أى أن تركيا تريد إسقاط اتفاقية لوزان واستعادة هذه الأراضى دون أن نعرف أى قانون دولى يسمح بذلك السؤال هو ما تأثير السلوك التركى علينا هنا فى مصر؟

كل دارسى الجغرافيا السياسية وعلوم الاستراتيجية يجمعون على أن الأمن القومى المصرى يبدأ عند الحدود السورية الشمالية وهذا ما فعله محمد على باشا عندما بعث ابنه إبراهيم باشا على رأس جيش مصرى قوى قوامه من أبناء الفلاحين المصريين لتأمين هذه الحدود.

أيضا فإن الموقف الرسمى المصرى المعلن من الأزمة السورية الراهنة ثابت وواضح وهو ضرورة الحفاظ على وحدة التراب السورى فى إطار دولة وطنية موحدة تحترم التعدد والتنوع الثقافى والعرقى فى البلاد.

لذلك كله من المهم أن ننتبه جيدا لأبعاد العمليات العسكرية التركية فى مناطق الشمال السورى خاصة العملية الأخيرة فى ظل ما يتردد عن إمكانية حدوث تفاهم سورى تركى روسى قريبا استنادا لتصريحات الرئيس التركى قبل يومين.

لكن الأخطر من كل ذلك والذى يمهد لتحقيق الأهداف التركية هو ما ذكرته لى منذ أيام صديقة سورية قادمة من هناك حول عمليات ممنهجة «لتتريك» هذه المناطق أى صبغتها بالهوية التركية عبر أدوات عديدة.

أولى هذه الأدوات تغيير أسماء البلدات والقرى وهى معظمها أسماء كردية تاريخية نظرا للوجود الكردى التاريخى المكثف بها إلى أسماء تركية ومنع اللغة العربية من التدريس بها بالمدارس واستبدالها باللغة التركية.

كذلك ممارسة لعبة التغيير الديموغرافى المتدرج والعبث بهوية هذه المناطق عبر ترحيل وتهجير السكان الأصليين من قراهم واستبدالهم بسكان قادمين من مناطق بعيدة ويتم استقدامهم بطريقة منظمة وتسليمهم منازل ومزارع السكان الأصليين اللذين جرى ترحيلهم.

باختصار تركيا تريد أن تستبق الأحداث عبر إيجاد واقع جديد على الأرض يقضى على الهوية التاريخية لهذه المناطق وسكانها لاسيما وأن الواقع الجديد يرتبط عضويا بتركيا ماديا ومعنويا ومن ثم يسهل عليها التهام هذه المناطق وضمها فى أى تسوية أو تفاهمات محتملة مستقبلا.

 

[email protected]