رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مفاهيم وتعريفات «السيادة الوطنية» و «الدولة»، شأنها شأن جل تعريفات العلوم الاجتماعية والسياسية، حيث لا يوجد تعريف واحد جامع مانع لها، لكن يوجد تعريفات اتفق عليها ما بين باحثى العلوم السياسية والقانونية، وقد شكّلت نهاية الصراع فى أوروبا عقب معاهدة وستفاليا سنة 1648، بداية لميلاد القانون الدولى الأوربى ثم المعاصر، بعد أن أقرت بمبدأ السيادة الوطنية للدول باعتبارها سلطة الدولة العليا والمطلقة على إقليمها، أى حق الدولة فى ممارسة وظائفها وصلاحياتها واختصاصاتها داخل إقليمها القومى دون تدخل من أية دولة أخرى. تشكل السيادة أحد الأركان الجوهرية التى تبنى عليها نظرية الدولة فى الفكر السياسى والقانونى، فهى من المبادئ الأساسية التى يقوم عليها بنيان وصرح القانون الدولى والعلاقات الدولية المعاصرة. ومن خلالها يتجسد واقعيا الوجود القانونى والسياسى للدولة كعضو فى المجتمع الدولى.

يعتبر المفكر الفرنسى «جان بودان» المٌنظر الأهم لمفهوم السيادة، حيث لعبت إسهاماته دورا محوريا فى بلورة مبدأ السيادة الوطنية كما أقرته معاهدة وستفاليا لسنة 1648، وقد ذهب «بودان» فى كتابه «الكتب الستة للجمهورية» إلى تعريف السيادة على أنها: «السلطة العليا التى يخضع لها المواطنون والرعايا ولا يحد منها القانون»، ويعتبر بودان أن السيادة غير قابلة للتجزئة وهى مرتبطة بالدولة ارتباطا وثيقا، أى انها دائمة مع دوام الدولة ولا تزول إلا بزوالها، وهى مطلقة باعتبار الدولة تمارسها بلا قيود، وهو ما ينقلنا إلى خصائص السيادة؛ حيث اتفقت الدراسات القانونية والسياسية على إقرار نحو خمسة خصائص رئيسية للسيادة الوطنية، وهي: أنها سيادة شاملة، غير قابلة للتنازل، وأنها سيادة دائمة غير قابلة للتجزئة. وهى بذلك تنطوى على بعدين رئيسيين؛ الأول: هو أن للدولة سلطة مطلقة فى مواجهة رعاياها فى الداخل. والثاني: أن الدولة لا تخضع لسلطة أعلى منها فى مجتمع الدول.

لذلك؛ فالسيادة الوطنية على هذا النحو، تلتقى والدولة كمفهوم قانونى، حيث الدولة وفقا لفقيه القانون الدولى إيان براونلى، تشتمل إضافة لعناصرها الثلاثة الرئيسية الممثلة في: الشعب، الإقليم، والسلطة. وكذلك الاعتراف الدولى، وهو اعتراف بالسيادة، أى اعترافاً من جانب المجتمع الدولى بسيادة هذه الدولة وممارسة حكومتها للسلطة الفعلية.

ميثاق الأمم المتحدة أكد أيضًا على سيادة الدولة الوطنية، حيث نصت المادة 1/2 من الميثاق على أن «تقوم الهيئة على مبدأ المساواة فى السيادة بين جميع أعضائها»، واتصالاً بذلك المبدأ الوارد فى الفقرة 2 من المادة 7 من ميثاق الأمم المتحدة، والتى تنص على أنه ليس فى الميثاق يسوغ للأمم المتحدة أن تتدخل فى الشؤون التى تكون من صميم السلطان الداخلى لدولة ما.

غير أن مجال ومدى وحدود تلك السيادة أصبحت محل التطور والتغيير، إلى الحد الذى يمكن وصفها بــ«المطاطة»، تخضع لازدواجية الرؤى والمعايير؛ ساهم فى ذلك؛ التطور التكنولوجى المتسارع، الذى نتج عنه تحولات جذرية فى مفهوم سيادة الدول ضمن حدودها الإقليمية المعروفة تاريخيا، لصالح حدود جديدة ساهمت بسهولة فى انتهاك سيادة الدول وزعزعة أمنها واستقرارها، فالجماعة الأوروبية ومؤسساتها انتفضت فى مواجهة روسيا انطلاقاً من ثوابت مبدأ «السيادة الوطنية» لدولة أوكرانيا. وهى ذات الجماعة التى دأبت على التدخل فى الشأن الداخلى المصرى من آن لأخر متجاهلة ذات المبدأ، ذلك رغم أن مصر أول من عرفت مفهوم الدولة بشكلها المعاصر وبعناصرها القانونية والسياسية منذ قديم الأزل. ما يعنى أن تلك الدول والمؤسسات تكيف المفاهيم، وتطوع تلك المصطلحات والتعريفات (غربية الأصل والمنشأ) وفقاً لأهوائها ومصالحها.

هنا يتعرض مبدأ «السيادة الوطنية» لما يطلق عليه ظاهرة «التدويل» كمفهوم منافس للسيادة وينتقص منه، حيث تتدخل جهات ومؤسسات خارجية بذريعة أو بأخرى فى مسائل تعد من قبيل الاختصاص الأصيل لسيادة الدولة.

من أبرز تلك الذرائع للتدخل فى شؤون الدول؛ الأجندة المزعومة لحقوق الإنسان، حيث التقارير الغربية لا تزال تعكس جهلاً غربياً وأمريكياً بماهية الأوضاع وواقعها فى مصر، وأن عديد الدوائر الأوروبية لا تزال تتأثر بالتقارير المغلوطة حول حالة حقوق الإنسان فى مصر.