رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الدولار ليس مجرد عملة ورقية تتداول فى الأسواق المصرفية، بل هو رمز لسياسات الهيمنة والسيطرة الحديثة، وأداة لإخضاع شعوب بأكملها، ليس بحد السيف بل بقوة ورقة تتم طباعتها، والجميع يعرف الدولار بوجهه الناعم أو بحد سيفه القاطع، سواء امتلك منه أرقامًا أو كان من الذين يسمعون عنه ويشاهدونه عبر شاشات التلفاز.. أما «الشماشرجية» فهذا ما ستعرفونه فى السطور القادمة.

- لست هنا للتعليق على قرار البنك المركزى بتحرير سعر الصرف، أو ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه، أو الأسباب التى دفعت «المركزي» لاتخاذ هذا القرار، فهذا التحليل العلمى أولى به رجال الاقتصاد المتخصصون والمختصون وأهل العلم فى هذا الشأن، وليس لى علاقة- كأى مواطن عادي- بتراكيب ومفردات الاقتصاد الصعبة و«الرخمة» فى أحيان كثيرة، مثل الاقتصاد الكلى والجزئى أو النظام النقدى والمصرفى أو الاقتصاد الهندسى أو حتى هندسة الاقتصاد.. إلى آخر هذه المصطلحات والتراكيب التى يصعب على أمثالى فهمها واستيعابها والدخول فى تحليلها، شأن الملايين ممن يعيشون على أرضنا الحبيبة.. كل ما أهتم به هو النتائج والتأثيرات والواقع الملموس على حياة الناس وأنا واحد منهم.

- فكل ما يهتم به المواطن العادى، الذى لا دخل له فى الاقتصاد، ولا تعنيه السياسات الاقتصادية ومؤشرات النمو، هى النتائج وانعكاساتها على خزينته المصفحة التى يضع فيها راتبه الشهرى أو أجره اليومى، وتمثل كل قوَّته التى تعينه على متطلبات الحياة.. هل سيتأثر هذا الراتب أو ذاك الأجر بعد قرار «المركزى»؟.. هل ستتأثر معيشته وإلى أى درجة؟.. هل سترتفع الأسعار وتنخفض قوَّته الشرائية لفترة محددة ثم يعود الأمر كما كان، أم سيستمر نزيف القوة الشرائية مع كل ارتفاع للدولار؟

- قد تبدو هذه الأسئلة من النوع الساذج للطرف الأول المرتبط بالقرار ويمثلها المواطن العادى، وستبدو هذه الأسئلة من النوع «السخيف» للطرف الثانى ويمثلها رجال الاقتصاد والسياسة، فالطرف الأول لديه اعتقاد يصل إلى درجة اليقين أن إجابات هذه الأسئلة معروفة مسبقاً، ولا تحتاج إلى سؤال من البداية، وسينظر الطرف الثانى إلى هذه الأسئلة «السخيفة» بأنها أنانية فردية مفرطة تصل إلى مرحلة الجهل بما يدور حولنا، فى ظل سياسات ومؤسسات تعمل على تحقيق الأفضل للدولة والمواطن فى ضوء ما هو متاح وممكن، وفى ظل أوضاع عالمية- يعلمها الطرف الأول- لتحقيق النمو، وإجراء جراحى لا بد منه لمنظومة الاقتصاد الكلى.. وكل من طرفى القرار يمتلك من الأسباب والدوافع والبراهين لإثبات أنه على صواب.

- والحقيقة أن ما لفت انتباهى هو طرف ثالث ويمثلهم «الشماشرجية»، وهم مجموعة من البشر كل وظيفتهم فى الحياة التملق والمديح و«الهندمة» دون وعى، بطريقة تأتى بنتائج عكسية لأى شيء يحاولون تملقه و«هندمته».. فهؤلاء يدافعون عن الشيء وعكسه بنفس القوة ونفس الروح ونفس درجة الحماس!.

- وكلمة «الشماشرجى» تعنى اللبيس والجمع «شماشرجية»، وهى تحريف للكلمة الفارسية «شمشير» أى سياف أو حامل السيف، وكلمة «جى» التركية التى تفيد الصنعة أو اللبس، وقد أطلق «الشماشرجي» على مسئول الملابس الذى يساعد سيده على ارتداء ملابسه وخلعها، والمكلف بالاعتناء بها، الخلاصة أنه المختص بتظبيط وقيافة وهندمة سيده.

- هؤلاء الصنف من الناس الذين خرجوا يؤكدون- على سبيل التوضيح- أن ارتفاع سعر الدولار لن يمس أسعار السلع الغذائية.. هم «شماشرجية»، والذين أسرفوا وأكدوا وأشاروا إلى أن الفترة المقبلة قد تشهد انخفاضًا فى الأسعار هم أكثر توغلًا فى وظيفة «الشماشرجى».. لأن الجميع يعرف- ببساطة شديدة- العلاقة الطبيعية بين ارتفاع الأسعار وارتفاع الدولار دون الحاجة لمعرفة علوم الاقتصاد.

- أخيراً.. لا أحب سياسات صندوق النقد الدولى ولا أرتاح لنواياه، ولا أطمئن لأهداف مؤسسات المساعدة الدولية، والتى عبر عنها «جون بيركنز» عالم الاقتصاد الأمريكى، فى كتاب «اعترافات قاتل اقتصادى»، يروى خلاله الدور الذى لعبه فى عمليات الاستعمار الاقتصادى لبلدان العالم الثالث.

- فى النهاية تبقى الضمانة الحقيقية والأكيدة لأى اقتصاد هو الإنتاج، وجمهور لديه قوة شرائية كبيرة لتصريف السلع والخدمات.. بعيدًا عن نعومة الدولار وحد سيفه.. وبعيدًا عن «الشماشرجية».

A[email protected]