رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

ربما يكون فيما أعلنه وزير التعليم رضا حجازى أمس عن سعى الدولة للتعاطى مع قضية الدروس الخصوصية محاولة لمواجهة أزمة مزمنة طال الأمل واليأس فى الوقت ذاته من حلها. وقد لخص الوزير القضية حين أشار إلى أن هذا البند وحده يستنزف من الأسر نحو 47 مليار جنيه سنويا.. «لا الدولة ولا الوزارة شايفاها» كما قال. واذا كان من السابق لأوانه تناول خطة الوزارة بالنقاش والتقييم فى ضوء أنها لم تطرح بشكل كامل وإنما تم عرض ملامح منها فى تصريحات الوزير، فإن المنطق يفرض القول بأنه لو تلخصت سياسة الوزارة فى مثل هذا التوجه فإنها ستمثل فى التحليل النهائى علاجًا لعرض أو أعراض الأزمة وليس جوهرها.

فما هى الإضافة التى ستمثلها عملية ترخيص مراكز الدروس الخصوصية وتنظيم عمل المدرس برخصة فيها؟ لقد حدد الوزير مزايا هذه الخطوة بالإشارة إلى أنها تتضمن بيئة آمنة وتكلفة معقولة وضمان حق الدولة وهى مزايا بغض النظر عن الاختلاف حول بعضها إلا أنها لا تصب فى النهاية فى هدف تطوير منظومة التعليم وينسحب الأمر ذاته على موضوع مجموعات التقوية والتى سيتغير اسمها.. لاحظ اسمها.. إلى مجموعات الدعم مع إسنادها إلى شركة تديرها حسب تصريحات الوزير بلوائح منضبطة وجودة عالية بحيث يأخذ المعلم أجره بعد انتهاء الحصة. وهل هذه هى المشكلة، الأجر بعد الحصة؟

حقيقة نتمنى من كل قلوبنا كمصريين للدكتور رضا كل التوفيق فى مهمته الجديدة لكن التعمق فى محاولة تفهم أزمة التعليم فى مصر ربما يجعلنا نصل إلى نتيجة محبطة وأنها ليست أزمة وزارة، وإنما أزمة مجتمع بأكمله.. الوزارة جزء منه بالطبع، وهو ما يعنى أن المسألة صعبة وتتطلب مساعي تتجاوز تلك التى طرحها الوزير.. ترخيص السناتر.. والتى ربما لا تمثل فى التحليل النهائى سوى تقنين واقع يفرض نفسه ويصعب مواجهته. إن المسألة، لتقريب الصورة أشبه بأب يحاول أن يمنع ابنه المراهق من تدخين السجائر ولا أنه يعلم أن الأمر أفلت من يديه، فإنه يقره على موقفه على أن ينظم عملية التدخين وليس الإقلاع عنها تماما. طبعا هذا الأمر ممكن يكون خطوة على طريق الحل لكنه ليس بأى حال حلًا نهائيًّا..

وهو ما يجعلنا نقول إن ما تقدم عليه الوزارة فى حد ذاته أمر حسن وجيد لكن لا يمكن القول بأى حال إن ذلك يعبر عما تعهد به الوزير من العمل من خلال رؤية استراتيجية موضوعية قابلة للتطبيق على أرض الواقع للنهوض بالتعليم والعملية التعليمية. السؤال هل يمكن أن يسعى الوزير لمواجهة جذرية لأزمة التعليم ليدخل تاريخ التعليم فى مصر من أوسع أبوابه؟ إن ذلك لن يتم سوى بتغيير سياسات التعليم ذاتها.

والغريب هنا أن التجارب الجيدة التى كانت تعلق عليها الآمال لقيادة قاطرة النهوض بالتعليم لحقتها عوامل التراجع مثل تجربة مدارس النيل. واذا كانت السناتر من القوة على هذا النحو وبالشكل الذى يؤكد عليه أوائل الخريجين من حيث الاعتماد عليها بشكل كامل وليس شبه كامل، فإن السؤال هل يمكن تطويرها وليس الاكتفاء بترخيصها لتكون نوعًا بديلًا من المدارس بدلا من كونها مسارًا موازيًا يضيع على الدولة فرصة الاستفادة من المدارس القائمة بالفعل وينفق عليها مليارات الجنيهات سنويا؟

أعتقد أن المسألة تتجاوز سطورًا محدودة فى مقال مثل ذلك وإن كان يكفى هنا التنبيه إلى أن خطوة الوزير لا تكفى وأنها تتطلب خطوات أخرى ربما تكون أكثر جذرية.

[email protected]