رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هموم وطن

 

 

 

منذ نعومة أظافرى وأعشق الشعر والشعراء وكنت أطرب لأبيات الشعر الفصيح والعامى التى كان يلقيها خالى مدرس اللغة العربية محمد حسين رحمة الله عليه، والذى كان يملك من الابداع والالقاء وخفة الظل ما يشوق جلساءه، وقد ورثت أمى رحمة الله عليها بعض الابيات والازجال منه، فكانت لى بمثابة المرجع الأول لى فى بدايات الموهبة، ولأول وهلة عند سماعها ابيات الشعر كانت تحدد البيت المكسور رغم أنها أمية لا تقرأ ولا تكتب، والغريب أننى عند مراجعة الابيات مع شعراء قدامى كانوا يتفقون معها فى البيت المكسور سماعا وقراءة.

تمر الأيام وأتعلق بالشعر العامى وأطوف قصور الثقافة ودور الأدب والشعر وأنا طالب بالجامعة وبعد التخرج بسنوات قليلة لألقى القصائد والأزجال وأنتزع التصفيق والإعجاب الفورى من المتابعين قبل أن تهل علينا وسائل التواصل الاجتماعى بجلالة قدرها، وكانت سعادتى تفتر عندما تحين لحظة لقائى بوالدى رحمة الله عليه فى الساعات الأولى من صباح ليالى الشعر، وهو يستقبلنى بحفاوة متسائلا عن المقابل المادى لإلقاء الشعر بعيدًا عن المدح والإعجاب والتصفيق الذى كنت أتفنن فى عرضه على الأسرة صباح كل ليلة شعرية، وكانت نظرات والدى وكلمات أمى بان الشعر (مابيأكلش عيش) كفيلة بأن احصل على استراحة محارب عندما بدأت رحلتى لتأسيس منزل وتكوين أسرة، وتحولت الاستراحة للانزواء جانبًا بعيدًا عن هوايتى المفضلة لاواصل الليل والنهار فى العمل حتى تحقق لى ما أريد، ولا أدرى هل كان عن عمد أو غير عمد سقطت زهور ابداعى قبل تفتحها، ومضيت ألملم قصائدى وتجاربى فى المراحل المتعددة، لتصبح أطلالا وخيالات وقصاصات مبعثرة بين المراحل الحياتية التى مررت بها، ورغم تمردى على الاستقامة المفروضة بفعل أعباء الحياة وتأليف ثلاثة دواوين شعرية تجمع بين الشعر السياسى والاجتماعي، حاولت العودة إلى المعترك القديم فوجدت من ساروا على الدرب أصبحوا فى أوضاع حياتية وصحية صعبة، وهم يتنقلون بين دور الأدب وبيوت الثقافة، ينتظرون بين الحين والحين، صرف جنيهات قليلة من بيوت الثقافة، كمكافآت تشجيعية وضعتها وزارة الثقافة منذ عدة عقود لحفظ ماء وجهها ووجه زملائى الشعراء، بأنها تدعم الشعر والشعراء والأدب والأدباء.

وأشفق حاليًا على كل موهبة ألقاها من معترك الحياة، وصعوبة العيش الهانىء دون العمل المتواصل ليلا ونهارا وأنا أوقن تمام اليقين أن الموهبة إذا تحكمت فى صاحبها دون وجود فرصة عادلة للنجاح والشهرة، جلبت صاحبها أسفل عجلاتها، وإذا جعلها الشريك الثانى أو الثالث ضمن أولويات حياته، ماتت ومات معها كل جميل.