عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هذه الدنيا

ليس من المفيد بث روح من الانهزامية داخل الأوسط الصحفية والإعلامية بتكرار الحديث عما تواجهه الصحف والقنوات التليفزيونية من مشاكل مالية، فالتحديات التمويلية ليست وليدة اليوم، ولا تنفرد بها مصر وحدها، بل تواجهها صناعة الصحافة فى العالم بأسره. غير أن شيوع هذه المشكلة لا يعنى الارتكان لها كظاهرة وتجاهل بحثها وإيجاد الحلول العلمية المناسبة بما يكفل الوصول إلى أداء صحفى وإعلامى مؤثر وفق أسس وقواعد اقتصادية وإدارية رشيدة. ولهذا لم أكن أتخيل حجم هذا التربص بالصحافة كصناعة ورسالة، فيما رأيته خلال الأيام الماضية حين بشرنا وأنذرنا كثيرون بأن نجم الصحافة يأفل، واعتبروا قرار هيئة الإذاعة البريطانية BBC بإغلاق بعض خدماتها الإذاعية بالعربية والبنغالية والفارسية، وبعض البرامج التليفزيونية، وتحويل بعض خدماتها إلى «الأون لاين» مؤشرًا لإغلاق الدور الصحفية. ومن أسف أن العديد من أبناء المهنة انساقوا وراء ذلك دون قراءة جيدة لبيان الـ BBC فى 30 سبتمبر 2022، وسار بعضهم وراء فرضية غلق الصحف والقنوات، وساعد على انتشار هذه الروح السلبية ممارسات طرحت علامات استفهام بالإعلان عن تأسيس كيانات جديدة، مقابل تجاهل إعلام الدولة الرسمى، مما ألقى بظلال سلبية على أبناء المهنة، حتى أخذ البعض يفكر بشكل عفوى - لم يخل من سخرية - فى وظيفة جديدة يتأهل لها، أو ما يسمى «تحول منتصف العمر» mid career shift ولكن إذا كان ذلك مقبولًا لمن هم دون الأربعين من العمر، فكيف يكون الحال لمن تجاوز الخمسين؟ وماذا عن مستقبل المهنة ذاتها؟

تساؤلات صعبة فرضت نفسها نتيجة لقراءة غير دقيقة لما حدث فى الـ BBC، فالهيئة العريقة لم تغلق أبوابها، وما حدث عملية إعادة هيكلة تخلت فيها عن بعض خدماتها التقليدية، مقابل التوسع فى مفهوم التحول الرقمى، حيث أشارت إلى تضاعف ما يحققه المحتوى الرقمى للغات بالخدمة العالمية من مشاهدات من 19% إلى 43% خلال عام 2019.

وأضافت: ثمة حاجة ماسة إلى التوسع فى المحتوى الرقمى المقدم عبر خدماتنا العالمية من أجل تحسين الخدمة وتحسين التواصل مع جمهورنا.

وأعود للحديث عن صحافة مصر وأقول: إن هذه الصحافة رغم كل ما تعانيه من مشاكل تمويلية وتحديات رقمية تبقى هى الأكثر جاذبية فى محتواها، والأكثر سلاسة فى لغتها ومعالجتها، والأفضل فى شكلها الفنى وتبويبها. صحافة مصر ليست هى الأغنى ماديًا إذا ما قورنت بالصحف التى تصدر فى البلدان العربية وخاصة النفطية، غير أنها تبقى الأفضل والأقوى والأكثر تأثيرًا. وصحافة مصر هى الديوان الحقيقى لحياة المصريين والعرب والمنطقة بأسرها، وهى – إضافة إلى محطات الراديو والتليفزيون – البرلمان الحقيقى المعبر عن أهل مصر، فإذا كانت الحياة البرلمانية شهدت انقطاعًا أو توقفًا لفترات على مدار تاريخها منذ عام 1866، وخاصة فى أعقاب الثورات، فإن صحافة مصر لم تحتجب يومًا عن قرائها. لم تتوقف الأهرام عن الصدور طيلة 147 عامًا إلا فى حالات استثنائية بسبب سلطات الاحتلال. كما لم تتوان الوفد عن رسالتها الصحفية منذ صدورها عام 1984، ونفس الحال فى باقى الصحف.

يخطئ من يتعامل مع صحافة مصر – قومية وحزبية وخاصة – بالمنطق السلعى، فالصحافة رسالة، وإصلاحها واجب فى إطار رؤية متكاملة لمساعدتها على الاستمرار، والخطة موجودة، ولكن يبقى من يتحمس للفكرة ويقتنع بها.

[email protected]