عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

 

 

 

أن تأتى متأخرًا خير من أن لا تأتى على الإطلاق! تذكرت هذا المثل الشهير وأنا أقرأ تصريح وزير المالية الدكتور معيط، والذى يعلن فيه أنه «لن نعتمد مرة أخرى على الأموال الساخنة مضيفًا: «تعلمنا الدرس من ٣ مرات متتالية.. وهذا الكلام يعنى أن الوزير تلقى من قبل ثلاثة دروس قبل أن يصل إلى هذه النتيجة ويعتزم عدم تكرار الأمر!.

أظن أن خبراء الاقتصاد والمال والاستثمار فى مصر لم يكفوا عن الشرح والتفنيد لمخاطر اعتماد بلد على الأموال الساخنة فى بناء اقتصاد مصر محدود المصادر.. والذى يعانى كثيرًا لظروف مختلفة.. يقينا من بينها السياسة الاقتصادية والمالية المتبعة.. فالأموال الساخنة يقصد بها «تدفقات مالية من خارج الدولة بغرض الاستثمار والاستفادة من وضع اقتصادى معين مثل تدنى سعر العملة المحلية مقابل الدولار أو ارتفاع الفائدة، وتكون فى صورة استثمارات فى أذون الخزانة أو السندات، وهى أدوات تقوم الحكومة بالاقتراض من خلالها…» وفى الظروف الحالية فإن المستثمرين الأجانب يجنون مكاسب طائلة بسبب السعر المرتفع للدولار فى مصر، لأنه يمكنهم من الاستثمار فى تحقيق مكاسب كبيرة، من خلال شراء أدوات الدين التى تقترض الحكومة من خلالها لسد العجز بين المصروفات والإيرادات.

- وبلغت استثمارات الأجانب فى أدوات الدين المحلية خلال العام المالى الماضى 9.8 مليار دولار، وطبقًا لنائب وزير المالية فإن «استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة والسندات المحلية بلغت 1.250 مليار دولار خلال يونيو فقط، ونحو 9 مليارات دولار منذ التعويم».

خطورة هذه الأموال على الاقتصاد تكمن فى أنها سريعة الخروج من السوق فى حالة حدوث أى اضطراب اقتصادى أو غيره فى البلاد، مما يؤدى إلى عدم استقرار السوق. هذه المخاطر ولاشك يعرفها وزير المالية ونائبه وفريقه.. وهذا يعنى أنه رغم المخاطر المعروفة فإنهم جربوا ليس مرة واحدة وإنما ٣ مرات وفشلت الحكاية، حتى جاءنا الآن اعتراف الوزير بالدروس،و بأنه لن يعتمد مرة أخرى على هذه الأموال الساخنة التى يبدو أنها تحرق الاقتصاد.. وإلا لما اعترف الوزير بذلك، بل لما قال كأنه أحدث اكتشافًا: نريد أن نتوسع فى الزراعة والصناعة والاعتماد على أنفسنا فى الإنتاج. هذا رأى بح صوت خبراء الاقتصاد وأساتذته على مدار العقود الماضية من أجل تحقيقه، رفضًا للاقتصاد الريعى، الذى يتعايش على الاستثمار فى أذون الخزانة..الآن فقط تعلمنا الدرس يا دكتور معيط، بعد أن تعرضت البلاد لهزات اقتصادية شديدة يعلمها الله وحده.

الحقيقة اننا نستحق أفضل من هذا، ونستحق أن يذهب وزير المالية ووزراء المجموعة الاقتصادية إلى الشعب.. إلى مجلس النواب، لكى يدلوا ببيان أمامه، يسجل فى المضابط كعلامة فارقة بين مرحلتين: خطأ الاعتماد على الاقتصاد الريعى وهو باعتراف الوزير درس تعلمناه ولا نريد تكراره، وأن الصواب هو الاقتصاد الإنتاجى، القائم على الزراعة والصناعة والاعتماد على أنفسنا فى الإنتاج، وإن كان هذا يطرح سؤالا عن مدى تناغم الوزراء فى هذه الأفكار، فالاعتماد على الصناعات مثلا يعنى ألا يتعجل الوزير المختص بقطاع الأعمال، لبيع شركاتنا الصناعية العملاقة، بذريعة خسارتها، وأن تحل مشكلاتها وتحسن إدارتها.. فهذا هو المعنى الحقيقى للاقتصاد الإنتاجى.