رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات





منذ أن دخلت أزمة سد النهضة قاموس حياتنا السياسية اتخذت أشكالا مختلفة فى التعاطى معها من ناحيتنا نحن كمصريين، سواء على مستوى صانع القرار أو على مستوى ردود فعل الشعب. لو أنك تتبعت الأمر بهدوء وروية لأمكن لك رسم منحنى متصاعد وإن ببطء من الشعور بالخطر، يمكن أن تلحظ ذلك فى التصريحات الرسمية الصادرة عن مسئولين فى إدارة الملف أو على مستوى رجل الشارع العادى. فى تقديرى أن المسألة وصلت ذروتها فى التعبير عن عدم ارتياح مصر لما يجرى مع بدء ظهور مراوغة إثيوبيا ومحاولاتها الفكاك من ضريبة الحوار خلال مفاوضات واشنطن. وقتها كان صوت سامح شكرى وزير الخارجية كما بدا فى تصريحاته عاليا وبنبرة لا يتطرق إليها أى شك فى قلق مصر من مسار المفاوضات.
مع بعض التطمينات والذى منه من قبل جهات دولية مختلفة، عادت الأمور إلى سيرتها الأولى على نحو يذكرنا بأجواء 2015، حيث اتفاق إعلان المبادئ، ولكن الفار بدا أنه يلعب فى عبنا جميعا مع الملء الأول، وقتها لم تجد مصر سوى مجلس الأمن وكان الخطاب التاريخى لسامح شكرى الذى قدم نموذجا على ريادة مدرسة الخارجية المصرية فى التعامل مع الأزمات. تكرر الأمر مع الملء الثانى على نحو بدا معه تحقق عملى لمقولة ما أشبه الليلة بالبارحة، حيث تكرر سيناريو مجلس الأمن مع بيان متضمن مهلة ستة شهور فى محاولة للتعاطى مع المخاوف المصرية.
الجديد فى هذه الأيام هو أنه مع تجدد المخاوف من عملية الملء الثالث، فإن مصر تتعامل حتى الآن بهدوء شديد يمكن لأى مراقب وصفه بأنه ثقة كبيرة فى النفس، أو «ثبات انفعالي»، وهو الأمر الذى ربما أوحى بعنوان هذه السطور، وهو أن مصر «تسوي» أزمة سد النهضة على نار هادئة هذه المرة ربما مع اقتراب مغاير يختلف عن تلك التى تمت فى السنوات الماضية.
يعزز ذلك التصريحات التى أدلى بها الرئيس السيسى على مدار الفترة القصيرة الماضية -خلال شهر تقريبا- وهى تقريبا ثلاثة تصريحات كلها تعيد التأكيد على موقف مصر الثابت من أزمة سد النهضة والذى يتمثل فى أنه لن يتم السماح بانتقاص شىء من حصة مصر، وإن جرى التأكيد هذه المرة أو الفترة على أن مصر لم تدخل فى صراع مع أشقائها الأفارقة من أجل زيادة حصتها من مياه النيل.
من متابعة من قريب للملف، فإن ظاهر الأمور وباطنها يشير إلى أن مياه النيل وحصة مصر منها فى منظور القيادة المصرية خط أحمر، مع رصد ومتابعة دقيقين لكل ما يجرى فى أعالى النيل.. هناك فى إثيوبيا وتقدير حدود الخطر على نصيبنا من تلك المياه جراء عملية بناء السد، ولا أبالغ اذا قلت إن ذلك يتم بشكل يومى بل وعلى مدار الساعة.
صحيح أن هناك بعض الجوانب التى قد تبدو غير واضحة، وصحيح أيضا أن بعض الإجابات قد لا تشفى غليل أصحاب الأسئلة بشأن أبعاد هذه الحالة من الهدوء فى أداء الدبلوماسية المصرية، لكن إذا تعاملنا بمنطق أنه ليس كل ما يعرف يقال، خاصة فى بعض الأزمات التى قد ترى الدولة أنها ينبغى أن تدار بميزان حساس من ذهب.. أقول إنه ربما فى مثل هذه الحالة ينبغى أن نشعر بالراحة والاطمئنان وعدم القلق.. وأن مقدراتنا بالفعل فى أيدٍ أمينة. وفق الله مصر وحماها من كل سوء.

[email protected]