رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

‏كنوز الوطن

 

 

عندما غنت أم كلثوم قصيدة مصر تتحدث عن نفسها وشدت «وقف الخلق جميعًا ينظرون كيف ابنى قواعد المجد وحدى»، كانت تنطق بتاريخ مصر وعظمتها وقوتها وحضارتها، مثلما كانت أيضاً تعبر عن فنها الراقى ورسالته السامية، وتأثيره العابر للزمان والمكان، فمثلما وقف الخلق ينظرون كيف تبنى مصر قواعد المجد تاريخًا وعلمًا وعمارة كانوا يعشقون أيضاً مجدها الفنى الذى بنته بأسماء عمالقة وأصوات خالدة، من سيدة الغناء العربى نفسها أو موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب أو العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ وغيرهم كثيرون من الرموز الفنية المصرية التى أثرت فى الوجدان المصرى والعربى وحفرت لنفسها مكانة خاصة ورغم مرور عقود طويلة على رحيلهم ما زالت أصواتهم تملأ العواصم العربية والأجنبية وأعمالهم الخالدة وكلماتهم تسكن القلوب، كان الفن المصرى مصدر فخر نتباهى به حتى الآن، ونجومه علامات بارزة لا تنطفئ أضواؤها أبداً، ولم يكن تأثير الفن المصرى قاصرا على قامات مثل أم كلثوم أو عبدالوهاب فى الطرب وفؤاد المهندس ومدبولى ويوسف وهبى فى التمثيل، بل كان أكثر اتساعًا ليشمل كل ألوان الفن والثقافة التى أسهمت فى تكوين ثقافة وهوية عربية فكان لإعلام الريادة والتنوير المصرى كلمته المسموعة فى كل العواصم، لأنها صادقة فكان جلال معوض وفهمى عمر وأحمد سعيد وصالح مهران وغيرهم كثيرون.

وفى الصحافة كانت أسماء محمد حسنين هيكل وأنيس منصور ومصطفى وعلى أمين ومكرم محمد أحمد نجوم لامعة وأقلامهم مؤثرة فى الرأى العام العربى مثلما كانت روايات نجيب محفوظ ويوسف إدريس وعبقرية العقاد ورباعيات صلاح جاهين تشكل الهوية الثقافية للأمة العربية كلها، حتى الفن الشعبى المصرى بعبقريته حجز لنفسه مكانة فى الوجدان العربى فارتبط الملايين بمحمد طه ومحمد عبدالمطلب.

كانت مصر صانعة الحدث الفنى بدون منازع، صانعة الإبداع، وصانعة النجوم فى كل مجال، فماذا حدث، كيف تحولت مصر من صانعة المبدعين إلى مصدرة المبدعين فى الفن والثقافة، كيف أصبح سفراء مصر فى الطرب حمو بيكا وشاكوش وويجز وعفرتو وصاصا، وفى التمثيل توبة وعبده موتة ونسل الأغراب.

ماذا حدث للفن المصرى هل تغير الذوق فأفرز هذه النماذج أم أنها ثقافة تفرض علينا جبرًا عبر وجوه تسيء لتاريخ وحضارة مصر ومكانتها الفنية وأغانٍ لا تمثل تاريخنا وثقافتنا وأخلاقنا.

الأمر يتطلب وقفة مع النفس، أن نفكر بمسئولية لندرك الخطر وكيف نواجهه دون أن نخدع أنفسنا أو نستسلم لمقولات مثل «ظروف العصر»، فهذا عذر أقبح من ذنب، وإذا كنت اخاطب المسئولين من بنى وطنى بمحاسبة كل من يسيء إلى ثقافة وتاريخ المجتمع وأناشدهم أن تعود لجنة الاستماع بالإذاعة للحفاظ على القيم المجتمعية من السفهاء والجهلاء، فإننى أخاطب كل مواطن أن يكون يقظًا لهذا الخطر ويحمى أبناءه من تأثره ومواجهة كل محاولات هدم مكانة الفن المصرى واستبداله بمجموعة من المقاولين الذين يتاجرون بتاريخ مصر مقابل حفنة من الأموال، لأن من يدفع الثمن فى النهاية هم أبناء الشعب المصرى.

واذا كنا نفخر مؤخرًا بدراما الاختيار والعائدون، فعلينا أن نزيد من هذه الجرعة سواء ما يتعلق بالفن المرتبط بالبطولات والقصص الوطنية، أو الدراما الإنسانية والاجتماعية الراقية التى تستعيد نفوذ وقوة الفن المصرى، مثلما علينا أن نعيد الدعم لكل مؤسسات صناعة المبدعين.