رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

 

بعد أن تقرأ هذا المقال أرجوك أن تفتح تطبيق «اليوتيوب» وتدخل إلى خانة البحث، وتكتب عبارة «الاقتصاد المصرى»، وستجد أن التطبيق قد امتلأ عن آخره بتحليلات لمن يقدمون أنفسهم على أنهم جنرالات ليس فى مجال العسكرية وإنما فى مجال الاقتصاد، ليؤكدوا لك أن الاقتصاد المصرى فى أزمة، وأننا على وشك إعلان الإفلاس. وقد تنسى نفسك ويزداد لديك الشعور بالإحباط وتسود الدنيا فى وجهك بعد أن يتسرب إليك الشعور بأن هناك من يتصور أن مصر قد وقعت، وقد شُرع فى المسارعة إلى إعداد السكاكين للإجهاز على الضحية.

ولكن حذار من أن تنساق وراء هذه الحالة النفسية وتدخل على محرك البحث «جوجل» بالعبارة ذاتها على سبيل التيقن، فستجد أن هناك ما هو ألعن وأضل سبيلاً فى الحديث عن سوء وضع الاقتصاد المصرى.

بعد أن تفيق من حالة الذهول والصدمة التى ربما تكون أصابتك بإحساس بعدم القدرة على الحركة، وتراجع نفسك، وتسترجع بعقل وهدوء مسار هذا البلد، ستشعر بنوع من الخدر، وأن أحاديث الإفلاس أضغاث أحلام لأن مصر لن تقع ولن يتم السماح بوقوعها. صحيح أن ذلك قد يكون جزءاً من مباركة الله لهذه الأرض الطيبة، كما يُقن قطاع كبير من المصريين، غير أنه من الصحيح أن ذلك أيضاً إنما يعود لأسباب أخرى عديدة منها أن هناك من هو فى الداخل وكذا فى الخارج من لن يسمح بحدوث ذلك.

السؤال الذى سيشغل بالك، ولا شك أنه يشغل بالك، منذ فترة دون كل هذه الترهات هو: هل صحيح أن الاقتصاد المصرى فى أزمة؟ ربما لا تكون فى حاجة إلى إجابة، وإن كانت ضرورات الرد تقتضى التأكيد على أن الإجابة بالإيجاب، نعم نحن نعانى من أوضاع اقتصادية سيئة وهو وضع لا يخفى على أحد، وقد أشار إليه وزير المالية فى تصريحات واضحة إثر لقائه مع مديرة صندوق النقد الدولى بوصفه للأزمة التى نواجهها بأنها قاسية، وأنها لا تخص الاقتصاد المصرى، وإنما الاقتصاد العالمى بأكمله.

صحيح أن التقارير الدولية سواء الصادرة من مؤسسات رسمية أو حتى من أخرى إعلامية أو بحثية تقدم إشارات متضاربة ومربكة، ولكن هذه طبيعة الاقتصاد حيث تتوقف حالة تقييمه على زاوية النظر إليه. لكن ما قد يزيد لديك حالة الطمأنينة تلك التقارير التى تشير إلى أن الاقتصاد المصرى لديه فرصة للخروج من عثرته، والتى تعود فى جانب كبير منها إلى أسباب لا ذنب له فيها مثل كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، بل تأكيد تلك التقارير أن حجم القروض ما زال، والعهدة على تلك التقارير، فى مرحلة الأمان.

كل هذا شىء، والتعامل مع المستقبل شىء آخر، فليس من الخطأ أن يقف المرء، فما بالك بالدول، مع نفسه أو نفسها لمراجعة وتقييم ما تم وفات. الواقع يؤكد أن مراجعة خطط التنمية أمر مطلوب وذو ضرورة ملحة. وليس عيباً أننا كنا نحلم، فالحلم شىء مشروع، ولكن العيب أن نكتشف مفارقة الحلم للواقع، فنصر على تحقيق حلمنا رغم العثرات. ربما يتطلب الأمر- وهذا أمر متروك لذوى الاختصاص، حتى لا نضيف إلى جنرالات اليوتيوب جنرالات آخرين – العمل بمبدأ فقه الأولويات، وهذا طبيعى باعتبار أن أبسط مبادئ علم الاقتصاد تقرر أن إدارة اقتصاد مأزوم تختلف كثيراً عن إدارة آخر فى ظروف عادية. فى الأزمات يتم التخلى عن الرفاهيات، سواء فى الحاجيات أو المشروعات.. وبهذا الفهم ربما نخرج من الأزمة بكل يسر وسهولة كما الشعرة من العجين!.. اللهم آمين.

--

[email protected]