رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بدون رتوش

سلسلة من الملاحظات الارتجالية أدلى بها جو بايدن الأسبوع الماضى رفعت درجة التوتر فى العلاقات الأمريكية الروسية إلى نقطة الغليان. لكن التعليق الارتجالى الذى أطلقه فى نهاية خطابه فى بولندا حيث بدا أنه يدعو إلى عزل الرئيس «بوتين» من السلطة ربما يكون الأصعب والأكثر خطراً على العلاقات بين البلدين. وكان قد حذر من أن العالم فى خضم صراع فاصل بين الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية، وتعهد بأن (الناتو) سيدافع عن كل شبر من أراضى الدول الأعضاء، كما وعد بمواصلة الدعم لأوكرانيا. رغم أنه أشار إلى أن الجيش الأمريكى لن يشتبك مع القوات الروسية هناك. كان خطاباً صادماً لكنه محسوب بما يتماشى مع ما قاله المسؤولون الأمريكيون على غرار وزير الخارجية «أنتونى بلينكن» وما قاله سواه منذ شهور. ولكن ما لبث أن تعثر جو بايدن عندما تطرق بالحديث عن نظيره «فلاديمير بوتين» قائلاً: (بحق الله لا يمكن لهذا الرجل أن يبقى فى السلطة). كانت لفتة صادمة حقاً ولم يتوقع أحد أن ينجرف نحوها.

سارع ديمترى بيسكوف، المتحدث باسم روسيا فوصف المقاطع التى تتعلق بروسيا بأنها صاعقة وقال: (الخطاب صادم وهذا إذا أردنا استخدام تعبير مهذب. ويبدو أن بايدن لا يدرك أن العالم لا يقتصر على الولايات المتحدة ومعظم أوروبا). ولقد كان لهذا المقطع وقع الصدمة على الجميع بما فى ذلك إدارة بايدن نفسها التى سارعت بالتراجع عما صرح به بايدن زاعمة بأن «بايدن» أراد بما أورده القول بأن «بوتين» لا يمكنه ممارسة سلطته على جيرانه وعلى المنطقة. وهذه ليست المرة الأولى التى ينحرف فيها بايدن فى تعبيره بما يسىء إلى الرئيس الروسى «بوتين»، فمن قبل وصف بوتين بأنه جزار وديكتاتور، واستبق جهود العملية الدبلوماسية لإدارته من خلال اتهام الزعيم الروسى بارتكاب جرائم حرب. ولهذا أثارت تصريحات بايدن إدانات وتحذيرات من موسكو من أن العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة تتعرض للتوتر إلى درجة تتجه معها نحو الانهيار.

يظل هناك خط فاصل بين إدانة زعيم أمة عبر الخطاب الدبلوماسى المحموم فى بعض الأحيان وبين الدعوة إلى إقالته. ولقد احترم هذا الخط كل من الأمريكيين والسوفييت حتى فى ذروة الحرب الباردة. بيد أن بايدن عصف بهذا الخط وتجاوزه اليوم عندما شرع فى الحديث عن تغيير النظام وهو الأمر الذى غالباً ما تتهم الدول القوية بفرضه على الدول الضعيفة وليس على دولة مسلحة نووياً كروسيا. ولذلك حتى حلفاء أمريكا حاولوا النأى بأنفسهم بعيداً عن تصريحات بايدن. ومن ثم صرح «ماكرون» بأن بايدن بتصريحاته يعرض مفاوضات وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا للخطر وقال: (نريد وقف الحرب دون تصعيد، وبالتالى لا ينبغى تصعيد الأمور لا بالأقوال ولا بالأفعال).

وفى أمريكا نفسها أعرب قادة الكونجرس عن قلقهم إزاء تلك التصريحات، ووصف العضو الجمهورى «جيم ريش»، العضو البارز فى لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ وصف تصريحات بايدن بأنها زلة لسان مروعة، وقال: (يا إلهى. أتمنى أن يبقوه ملتزماً بالنص فى أى وقت. ما قاله سيتسبب فى مشكلة كبيرة. ليس هناك ما يمكنك فعله للتصعيد أكثر من الدعوة لتغيير النظام). ولا شك بأن نزوع بايدن للإدلاء بتصريحات ارتجالية من الممكن أن تضعه فى مواقف صعبة. لا سيما أن هذه التصريحات ليست عرضية بالمطلق إذ يمكنها الكشف عن مكنونات قلب بايدن حتى لو كان عقله وعقول من حوله يفضلون أن يحفظ لسانه، حيث إن اختيار الكلمات بشكل سيئ يؤدى إلى عواقب وخيمة.