رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

تخيل... أفيش سينمائى واحد قادر على تلخيص عصر بأسره!

الأفيش خاص بفيلم (ليلة غرام) الذى أخرجه أحمد بدرخان وعرض للمرة الأولى فى سينما أوبرا بالقاهرة يوم 12 مارس 1951، وفقا لما ذكره المؤرخ والناقد السينمائى محمود قاسم فى موسوعته عن السينما المصرية، وهو أول فيلم للنجمة مريم فخر الدين، حيث شاركها البطولة جمال فارس ابن الممثل العتيد عباس فارس، ومعهم محمود المليجى وزينب صدقى وحسين رياض وماجدة.

تعال أشرح لك كيف يمكن لنا من خلال قراءة هذا الأفيش أن نفهم طبيعة العصرالذى ظهر فيه هذا الفيلم. يتصدر الأفيش صورة للنجمة مريم فخر الدين وهى تمنحنا ابتسامة رائقة، بينما يقف عن يمينها جمال فارس بحجم صغير مرتديًا ملابسه الرسمية، وعند صدر مريم نطالع صورة أصغر لعباس فارس بالطربوش!

فى أعلى الأفيش على اليمين نقرأ (منتج شاطئ الغرام يقدم فيلم سنة 1951)، وتحتها بخط صغير (القصة الحائزة على جائزة فاروق الأول للقصة المصرية) دون أن يذكروا اسم القصة ولا اسم المؤلف! حين شاهدت الفيلم عرفت أنه مأخوذ عن رواية (لقيطة) التى كتبها محمد عبدالحليم عبدالله وصدرت عام 1945، الأمر الذى يؤكد أن مصر، فى زمن الفيلم، كانت تطلق مسابقات مرموقة فى فن القصة تحمل اسم حاكم البلاد شخصيًا، ولعلك لاحظت أيضًا، أنهم أطلقوا على (الرواية) اسم (القصة)، ذلك أن كلمة (رواية) آنذاك كانت خاصة بالمسرح، فكانوا يكتبون فرقة الريحانى تقدم (رواية) كذا، ويبدو أن اسم (قصة) ظل مسيطرًا حتى منتصف الستينيات، ففد كتبوا فى مقدمة فيلم (بين القصرين) هذه العبارة: (قصة الكاتب الكبير نجيب محفوظ)، والفيلم عرض سنة 1964!

(ليلة غرام) مكتوب فى مستطيل بخط الديوانى، بينما نرى اسم مريم وجمال مكتوبين بخط الرقعة، ولم يسجل اسم أى ممثل آخر فى الأفيش! الأمر الذى يشير إلى أن هناك عدة تصاميم مختلفة لأفيشات الفيلم الواحد، بحيث يمكن أن نعثر على أفيش آخر مدوّن فيه أسماء جميع الأبطال. بعد ذلك نقرأ: (إخراج بدرخان/ إنتاج وتصوير عبدالحليم نصر)، ومن الواضح أن هذا المنتج قد حقق نجاحا مدويًا عندما أقدم على إنتاج فيلم (شاطئ الغرام) لليلى مراد وحسين صدقى العام السابق/ 1950، لدرجة أنه استثمر هذا النجاح فى الإعلان عن فيلمه الجديد (ليلة غرام).

اللافت فى هذا الأفيش ما كتب فى مستطيل أسود بحروف بيضاء، وهو (حاليًا بسينما أوبرا بالقاهرة هواء مكيف/ الترجمة الفرنسية على نفس الشريط)، أى أن دور السينما فى مصر قبل 71 عامًا عرفت الطريق إلى وجود المكيفات المركزية، كما أن وجود ترجمة فرنسية للفيلم تعنى أن هناك جالية فرنسية كبيرة العدد تعيش فى مصر تحرص على ارتياد السينما، لدرجة أن المنتج قام بإعداد ترجمة لهذه الجالية.

ثم نقرأ بخط صغير فى نهاية الأفيش: (وبسينما رجب بالسويس وسلمى بالزقازيق وفاروق بدمنهور والمحلة الجديدة بالمحلة، ومن الاثنين 19 مارس بسينما مصر بطنطا وفاروق بالإسماعيلية واللبان بدمياط وعدن بالمنصورة، وقريبًا بسينما فريال بالإسكندرية، ومن 26 مارس بسينما روكسى ببيروت وسينما دمشق بدمشق)!

أرأيت العدد الكبير لدور السينما فى وجه بحري؟ لكن من أسف لا وجود لأى دار سينما فى وجه قبلى، كما أن الفيلم المصرى له حضور قوى فى سوريا ولبنان. يبقى أن تعرف أن عدد المصريين فى ذلك الوقت بلغ نحو 21 مليون نسمة، بينما عدد الذين ارتادوا السينما فى مصر سنة 1951 وصل إلى 92 مليون فرد وفقا لما ذكره الدكتور ضياء مرعى فى دراسته المنشورة فى كتاب (السينما المصرية... النشأة والتكوين).

حقا... ما أجمل السينما.