رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

استكمالاً لحديث الوعى والمدركات؛ نحن والعالم الآن تحت وطأة تضخم مرتفع، يرى البعض أنه الأكثر ارتفاعاً منذ عام 2008، زادت الأزمة الأوكرانية من تداعياته وتأثيراته، والتضخم هو زيادة فى أسعار السلع والخدمات فى الاقتصاد على مدى فترة من الزمن، هذا يعنى أنك تفقد القوة الشرائية - نفس الجنيه (أو أى عملة تستخدمها) يشترى أقل، وبالتالى تكون قيمته أقل. بمعنى آخر: مع التضخم، لا تذهب أموالك إلى المدى الذى كانت عليه فى السابق.

الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء كان قد كشف أن معدل التضخم السنوى لإجمالى الجمهورية ارتفع ليسجل 8% خلال شهر يناير الماضى، مقابل نحو 4.8% للشهر نفسه من العام السابق. وكان معدل التضخم السنوى لإجمالى الجمهورية سجل 6.5% خلال شهر نوفمبر الماضي. ارتفاع معدل التضخم فى مصر يرجع إلى عدة أسباب خارجية وداخلية، 35% من نسبة التضخم فى مصر حاليًا قادمة من الخارج بسبب ارتفاع أسعار الوقود والشحن عالميًا، وأخيراً الأزمة الأوكرانية؛ التى قد تضيف 3% إلى التضخم العالمى هذا العام، وتمحو نحو 1% من الناتج المحلى الإجمالى العالمى بحلول عام 2023 وفقاً لتقرير أعده المعهد الوطنى للبحوث الاقتصادية والاجتماعية (NIESR)، وهو ما ينتج عنه بالضرورة رفع أسعار سواء مدخلات الإنتاج أو المدخلات الوسيطة وحتى السلع النهائية، وكذلك ارتفاع أسعار الطاقة والعلف، أما الداخلية فقد أدت العوامل السابقة إلى زيادة أسعار الطعام خاصة السلع الأساسية المستوردة من الخارج، ورفع الدعم عن المرافق (الكهرباء- المياه).

مجموعة الطعام والمشروبات قادت ارتفاع معدل التضخم السنوى فى مصر، بعدما زادت بنسبة 14%، نتيجة زيادة أسعار مجموعة الزيوت والدهون بنسبة 34.8%، مجموعة السكر والأغذية السكرية بنسبة 19%، مجموعة الخضروات بنسبة 17%، مجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 14.7%، مجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 11.5%، مجموعة الحبوب والخبز بنسبة 10.3%.

لذلك فى الاقتصاد الكلى والاقتصاد المالى، يُنظر إلى التضخم على أنه يلعب دورًا مهمًا فى قرارات الادخار والإنفاق، ما يعنى أن الأوضاع الحالية سيكون لها أثر سلبى شديد على عموم الأسر المصرية لا شك.

وتعتمد الدول فى سعيها لاحتواء الآثار السلبية للتضخم على السياسات النقدية من خلال التحكم فى المعروض النقدى وأسعار الفائدة عبر البنوك المركزية، وكذلك من خلال ضبط الإنفاق الحكومى، حيث تقوم الحكومة بتقليص الإنفاق الحكومى، أى بمعنى آخر تخفيض حجم الإنفاق خاصة الإنفاق الاستهلاكى الذى سيؤدى بدوره إلى خفض الطلب ومن ثم تراجع معدل التضخم. وهو ما نجحت به الحكومة المصرية حتى عام 2021؛ حيث كانت مصر الدولة الوحيدة التى حققت تراجعا متتاليا لمعدل التضخم على مدار أربع سنوات، وهو أكبر انخفاض للتضخم بالأسواق الناشئة، وذلك بمقدار 19 نقطة مئوية عام 2020/2021 مقارنة بعام 2016/2017، حينما سجل مستوى قيسيا عند 23.5% آنذاك.

الان وفى ظل استعار حمى التضخم عالمياً كأثر مباشر للأزمة الأوكرانية، وارتفاعات الأسعار أصبحت واقعاً محسوساً على النحو الذى دفع نشطاء السوشيال ميديا إلى التندر بأن «شهر شعبان ترفع فيه الأعمال وليس الأسعار»، بات واجباً مراجعة ثقافتنا الاستهلاكية، الرقابة الحكومية للأسواق ضرورة لا شك، لكن الرقابة الشعبية ومدى الوعى بما يحدث فى العالم هى الأهم.

نحن نعانى على المستوى الشعبى مما يطلق عليه «الأمية الاقتصادية»، فى هذا السياق يشير الأستاذ فى جامعة مينيسوتا، مارك بيرجن، فى كلية كارلسون للإدارة، إلى أن «المستهلكون فى حاجة إلى بناء المعرفة - من خلال زيادة محو الأمية بشأن التضخم - حول عواقب التضخم لتحديد كيفية رد فعلهم عندما ترتفع الأسعار. قد يعنى ذلك الدفع نقدًا الآن بدلاً من التمويل، أو التفاوض على المرونة من خلال شروط الدفع، أو إضافة 10-20٪ أخرى فى ميزانية البقالة كل شهر، أو الاحتفاظ بمزيد من السلع والأصول المادية التى تحمل قيمتها أثناء التضخم».

المبدأ الرئيسى فى حماية المستهلكين يقوم على ضمان حصولهم على المعرفة التى يحتاجونها لاتخاذ قرارات رشيدة تمامًا، لذلك نحن فى حاجة ماسة إلى ربط مفهوم المعرفة الاقتصادية بمفهوم محو الأمية الاقتصادية، الآن ونحن مقبلون على شهر رمضان الكريم، المعروف بكثافة النمط الاستهلاكى للمصريين، فإننا جميعاً فى حاجة ماسة لمراجعة قرارتنا الاستهلاكية بما يتناسب مع الأوضاع الحالية.

فى السياق ذاته؛ هى فرصة للمستقبل لتضمين مناهجنا التعليمية فى إطار عملية التطوير لعديد المصطلحات والمعارف الاقتصادية وعلى نحو مبسط، فى المراحل التعليمية المختلفة، حيث تعمل مناهج اقتصاديات المستهلك ومحو الأمية المالية والاقتصادية على تمكين الطلاب بمعلومات قيمة للمساعدة فى السيطرة على الشئون المالية الشخصية واتخاذ القرارات بشأن المال، وأن تكون مستهلكًا حكيمًا ومستنيرًا.. لينشأ جيل لديه حد أدنى من المعرفة والثقافة الاقتصادية.