رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

 

 

 

فى مدينة نجع حمادى بجنوب الصعيد، كانت توجد فيها حتى نهاية الثمانينيات تقريبًا أربع سينمات.. منهما اثنتان فى المدينة، وثالثة عامة لسكان مصنع سكر نجع حمادى من الموظفين والفنيين والعمال، والرابعة داخل «الكولونية» أو المستعمرة وهى مثل منتجعات هذه الايام كانت محاطة بسور عالٍ ولها بوابة وكلها حدائق جميلة، ولا يدخلها سوى المقيمين فيها من المهندسين وكبار الموظفين بالمصنع، وكانت قبل ثورة يوليو 52 يسكنها فقط المهندسون والفنيون البلجيك والهولنديون والإنجليز والفرنسيون، الذين كانوا يديرون شركة السكر كما أنشئت لهم كنيسة مع السينما!

وفى دارى العرض بمدينة نجع حمادى شاهدت منذ أواخر الستينيات حتى أوائل الثمانينيات كل انتاج السينما المصرية خلال هذه الفترة، وكذلك الحلقات الأجنبية مثل زورو وغيرها التى كانت تذاع قبل عرض الفيلم وبعد الجريدة السينمائية!

أما فى دارى عرض سينما السكر، كما كنا نسميهما، فقد شاهدت أجمل أفلام السينما الامريكية، والأوروبية، وبالطبع «سينما الكولونية» كانت أفخمهم كلهم، وتمكنت أنا ابن الطبقة المتوسطة من دخولها مرتين أو ثلاثاً بالواسطة.. وأيامها كانت الاتوبيسات العامة وسيارات الفورد الأجرة التى تصل ما بين نجع حمادى وقرية الهو ودشنا ومدينة قنا وتمر على شركة السكر لا تعمل سوى بالنهار، أو لأننا لا نملك ثمن المواصلات فكنت أضطر وأصدقائى أن نمشى لحوالى 4 كيلو صيفاً وشتاءً للذهاب إلى سينما السكر ومثلها فى العودة من أجل رؤية فيلم!

ولا شك.. أن فى كل مدينة على مستوى مصر كلها، كان الشباب يعيش نفس هذه الحالة السينمائية، وأعتقد أن دور العرض فى محافظات وجه بحرى كانت أكثر من الصعيد، وأيامها كانت الفرجة السينمائية هى المكون الرئيسى للشباب فى ذلك الوقت لرؤية الحياة والناس والثقافة بصفة عامة بمنظور أجمل وأعمق، وكان عدد زملائنا المتطرفين فكريًا ودينيا قليلاً جدًا بالمقارنة بما جرى فى السنوات الأخيرة من تطرف غير مبرر!

وإذا.. كنا نعانى الآن من قلة عدد دور العرض فى مصر، يقال إنها لا تزيد عن 400 دار عرض فى كل المحافظات.. فلماذا لا ننتهز فرصة انشاء مدن أو مناطق جديدة بالمحافظات بإنشاء دور عرض جديدة للسينما والمسرح بداخلها، على اعتبار اننا نؤسس لمجتمعات عمرانية متكاملة وليس مجرد مجموعة من العمارات السكانية.. ونفس الشيء بالنسبة إلى مبادرة «حياة كريمة» والتى تهدف إلى تحسين جودة الحياة فى القرى المصرية وهى تزيد عن 4 آلاف قرية.. ولا أظن أن الحياة ستكون كريمة بالمبانى فقط، ولكن بالثقافة والسينما والمسرح والمكتبة فمن المؤكد أن جودة الحياة ليست بيتًا فقط!

إن آخر تقرير للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، عن عدد دور العرض فى المحافظات مخجل جدًا.. ويشير التقرير إلى تراجع عنيف فى أعداد دور العرض السينمائية على مستوى مختلف المحافظات، وخلت 9 محافظات البحيرة، بنى سويف، الفيوم، المنيا، أسيوط، سوهاج، قنا، مطروح، شمال سيناء، من وجود أى سينمات، فيما لم يتجاوز العدد دار سينما واحدة فى 9 محافظات أخرى.!

وكذلك لا يزيد إيرادات الأفلام سنويًا عن 35 مليون دولار بينما فى الإمارات تزيد إيرادات دور العرض عن 400 مليون دولار سنويًا.. يعنى ايراداتنا من السينما لا تتناسب ابدأ مع تاريخنا كثانى دولة دخلتها السينما فى العالم منذ أكثر من 100 سنة.. واقتصاديًا نخسر ملايين الدولارات سنويا لعدم وجود دور عرض بالمحافظات!

[email protected]