رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وباء يجتاح العالم، يرعب ويُفزع ويُقلق كل البشرية..أين هو؟ غير معلوم.. لكنه موجود! عدو خفى يخيف الإنسان ويستهزئ بكل ما فعله من تقدم وتطور ولهاث نحو التصنيع والامتلاك، تفنن الإنسان فى إيجاد كل وسائل القتل والتدمير والهلاك.. تفنن أيضا فى كل وسائل المتعة والبهجة.. ونسى وتغافل وتجاهل متطلبات البيئة. ضرب عرض الحائط بكل شيء.. المهم هو ذاته فقط دون الالتفات لذلك الكوكب ومتطلباته.. ويأتى ذلك الفيروس الغير مرئى ليجعله فى حالة من الجمود والرعب والدوار إنه الموت الصامت.. كل شيء انهار.. كل أفعاله تجمدت بسبب ذلك الخفى غير المرئى. ودخل الإنسان العالمى لمشاعر الخوف، القلق ، الذعر، والهلع

كورونا.. والمشاعر الوجودية:

تهتم الفلسفة الوجودية بالكثير من الانفعالات والمشاعر التى تعترى الإنسان.. ولماذا المشاعر؟ لأن المشاعر على حد تعبير (ستيفن فروش) هى التعبير عن نجاح الإنسان أو محنته، حيث إنها تقع فى كل من العقل والجسد، فالمشاعر ليست مجرد حلية تضاف على الانفعالات يمكن للمرء الاحتفاظ بها أو إخفاؤها أو نبذها، فقد تكون المشاعر- وغالبا ما تكون- أمرًا كاشفًا لحال الحياة داخل الكائن الحى باعتباره وحدة كاملة- فهى رفع للحجاب بالمعنى الحرفى للمصطلح.

ومع فيروس كورونا الذى انتشر فى أرجاء العالم أصبحت البشرية بشكل عام تعيش تلك الانفعالات وتلك المشاعر بشكل مجسد بطريقة أو بأخرى.. وعلينا أن نقف إلى حد ما على بعض سمات تلك المشاعر لكى نرى إلى أى مدى استحوذت تلك المشاعر على الأفراد وعلى المجتمعات بأكملها.

والخوف.. هو أحد الانفعالات الإنسانية.. وهو يعترى الذات عندما يعتريها مواقف أو أشياء أو أحداث صادمة.. وهذا الخوف يجعل الذات تعيش فى حالة من القلق والذى بدوره يكون له تأثير فسيولوجى أو يحدث حالة من التغيرات الداخلية كاستجابة لتلك المواقف التى تتعرض لها الذات، ومن تلك التغيرات على سبيل المثال زيادة ضربات القلب، جفاف فى الحلق مثلا، جحوظ العينين، توتر فى العضلات، اضطرابات فى التنفس.. الخ

والخوف يعنى أن الذات تعيش حالة من عدم الشعور بالأمان..تعيش حالة من عدم الاستقرار، فى نفس الوقت لا تعرف كيفية الوصول للأمان.. إنها لحظة تعيشها الذات بشكل وجودي، أى بشكل معاناة.. وعندما تطول تلك الفترة أى خبرة المخاوف إلى جانب عدم قدرة الذات أن تصل لحالة الأمان والاطمئنان فإن ذلك يؤدى إلى مشكلات فى النفس الإنسانية وتُدخلها فى مجال الاضطراب السلوكى.

وإلى جانب حالة الخوف التى تعيشها الذات.. نجد ما هو أكثر.. القلق.. فعندما تطول فترة المخاوف تدخل الذات إلى مرحلة القلق.. والقلق من الانفعالات والمشاعر التى اهتمت الفلسفة الوجودية بدراستها.. فنجد أشهر من اهتم بذلك كيركجور وهيدجر وفرويد، والقلق الذى تدخله الذات ممكن أن نقول عنه قلق وجودى.. إنه قلق اللحظة المعاشة والذات تظل فى حالة من التساؤل متى نصل لبر الأمان..هل سنصل للاطمئنان؟ والذات التى تعيش القلق هى تعانى بشكل كبير وواعية بالموقف لكنها فى نفس الوقت تشعر بالعجز وعدم القدرة فى إحداث أى تغيير فى الواقع الماثل..وهنا نجد الذات تعيش حالة من الضجر والذعر والتبرم.. والسؤال السيد هو متى نصل إلى الأمان؟ لكن الإجابة غير موجودة أو منعدمة أو متغيمة أو ضبابية.

إن مشاعر القلق والخوف والألم والذعر وغيرها كما يرى فرويد هى مشاعر ضرورية لتحذيرنا من أشياء تحتاج الانتباه لها سواء أكانت مخاطر فى العالم الخارجى أم أمراضًا فى بدايتها؛ لذا فإن التعاسة فى الجسد ضرورية للحفاظ على سلامتنا.

هذا هو الواقع المعاصر الآن.. لكن تلك الحالة من الانفعالات لا تعترى الجميع، فمجتمع الدهماء أو الغوغاء تجدهم فى حالة من اللامبالاة، بل وقد يصل إلى حد الاستهتار.. وتلك هى الكارثة، فما أسوأ غياب الوعى لدى مجتمع القطيع.

--

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال بأكاديمية الفنون