رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

ما بين «الأخلاقي» و«الإنساني» تستمر المِحْنَة.. خصوصًا عندما تُغْرِقُنَا الحياة بهوامشها وتفاصيلها، لتقودنا إلى شعورٍ بالسُّوءِ تجاه أشخاص بعينهم، فتمتلئ نفوسنا بالرغبة في الانتصار عليهم.. آملين رؤيتهم يتألَّمون ويسقطون، لنَشْفِي غليلنا!

«إشكالية» متكررة، يمكننا رصدها عند «التعاطف الإنساني» مع الموتى أو المرضى، الذين كنَّا على خلاف معهم، عبر «السوشيال ميديا»، حيث التعليقات الشاذَّة، التي لا تمتُّ إلى الإحسان بصلة، بل تنحدر إلى قاعِ الشَّماتة، وكأن معاناة الآخرين قِصَاص يستحقونه لإجرام منسوبٍ إليهم!

عندما نسمع بكارثة أو مصيبة حلَّت هنا أو هناك، أو بخبر مرض أو وفاة شخص ما.. حاكمًا أم مسؤولًا، سياسيًا كان أم كاتبًا، فنانًا أو حتى إعلاميًا، قد نلحظ بوضوحٍ «إشكالية أخلاقية» يقع فيها الكثيرون، أمام هذا الخبر الإنساني!

أصداء هذا الخبر قد تتحول إلى جدل عقيم، لنرى تعليقات مَن يرغبون بالتعاطف، أو بالرثاء، ليس أدناها «له ما له.. وعليه ما عليه»، بينما نجد آخرين لديهم شِقٌ أخلاقيٌّ يمنعهم من ذلك، بإنزاله مَنْزِلته التي يستحقها.. لكن الأغرب أن كليهما يُصدران الأحكام، ويتوقعان مصيره المحتوم!

معارك ضارية وقدحٌ وذمٌ وتلاسنٌ عبر مِنَصَّات التواصل الاجتماعي، تعقبُ تعاطفًا أو شماتةً، لتُغري البعض بنشوة الانتصار والفرح.. وفي الحالتين يبقى شعورًا متطرفًا، يترك سواده في طيَّات النفس، ويُخَلِّف أثرًا سلبيًّا ينتقص من مساحة الإنسانية ونقائها.

وبما أن الشَّمَاتة تعني السماح للكُرْهِ أن يستوطن مشاعرنا، وللحقد بأن يُلوِّن قلوبنا، وللغضب بأن يتملكنا ويحاصرنا، فإن الأخلاق الدينية والإنسانية، في أقل درجاتها، تدعو لضبط النَّفْس والمشاعر، وعدم إبداء الفرح لِسُوءٍ أَلَمَّ بالآخرين.

ربما نلاحظ الشعور المتطرف بالشماتة خلال السنوات الأخيرة، لبعض «الشامتين السابقين»، «أصحاب المواقف المدفوعة مقدمًا»، ظنَّا منهم أن الله تعالى أعطاهم صكوك الغُفران ومفاتيح الجِنان، أو أنهم غير مُعَرَّضِين للمصائب والابتلاءات، أو أن الدنيا ستكون متقلِّبة على غيرهم فقط!

نعتقد أنه يجب الابتعاد عن تلك الاصطفافات الحادَّة، والشماتة، وكَيْل الاتهامات للآخرين، الذين حَلَّ بهم المرض أو غَيَّبَهُم الموت، أو ادعاء امتلاك خارطة طريق إلى السماء، أو تحديد المصير الأخروي، أو مَنْح صكوك الجنة والنار، لأن ذلك يتنافى كليًا مع المنطق الإنساني والأخلاقي.. بل يسيء للعدالة الإلهية المُطْلَقَة!

أخيرًا.. إن مسألة مَنْح صكوك الرحمة والعذاب على مَن نتفق أو نختلف معهم، ليست سوى وساوس شيطانية، تم ارتداؤها لباسًا دينيًا، أو فكريًا.. ولذلك فإن ما ينطق به البعض من أحكام مسبقة، يرسخ لمفهوم الاستقطاب البائس، ودليل على الإفلاس الفكري والأخلاقي!

 

فصل الخطاب:

من روائع الشعر العربي: «إذا ما الدهرُ جَرَّ على أناسٍ ** حوادثه.. أناخَ بآخرينا»، «فقل للشامتينَ بنا: أفيقوا ** سيلقى الشامتونَ كما لقينا».

[email protected]