رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

 

 

 

 

موقفى من إسرائيل بين من يعرفوننى واضح ولا يحتاج إلى بيان، وكم تمنيت لو أسهمت الظروف فى التخفيف من حدة الشعور بالعداء نحوها، ولكن كل يوم يمر يزيد- بسبب سياساتها والتطورات التى تحيط بوجودها- من حجم رفضى لها، ولهذا أستغرب موقف رئيس القائمة العربية الموحدة فى الكنيست الذى يتماهى مع الكيان العبرى كدولة يهودية خالصة القومية الواحدة!

 غير أنى فى هذه السطور ربما أخالف موقفى المبدئى، بل وكذلك نصيحة أحد أساتذتنا على مقاعد الدراسة ما بعد الجامعية هو المرحوم الدكتور أحمد ثابت من أنه لا يجب على المرء مهما كان أن يشيد بعدوه، وهو ما جاء فى سياق حديثه عن حالة الديمقراطية فى منطقتنا العربية مقارنة بنظيرتها الإسرائيلية! وعلى هذا فإنى هنا أقوم بما أعتبره إشادة اضطرارية على غرار الهبوط الاضطرارى الذى لا يجد المرء مفرًا منه لحظة شعوره باحتمال سقوط طائرة!

 المناسبة هى الخبر الذى بثته وكالات الأنباء منذ أيام ويتعلق بعرقلة وزارة البيئة الإسرائيلية اتفاقًا لنقل النفط الإماراتى إلى أوروبا عبر تل أبيب. ورغم أن الخبر ليس كبيرًا فإنه به بتعبيرنا الذى نميل لاستخدامه كثيرًا يحمل العديد من الدروس والعبر المفيدة التى يجب التوقف عندها بالفعل وتأملها والاستفادة منها.

أول هذه الدروس من ظاهر الخبر هو أولوية البيئة لدى الإسرائيليين على المصلحة قريبة المدى أو بعيدتها، حيث يهدد ذلك الشعاب المرجانية فى مدينة إيلات الساحلية– مصرية فى الأصل هى أم الرشراش– التى يتم فيها تفريغ ناقلات النفط ومحاولة لتجنب أن «تصبح إسرائيل جسرًا للتلوث فى عصر أزمة المناخ».

ثانى الدروس هو استقلالية عمل الوزارات فى إطار اختصاصاتها أو هكذا يبدو الأمر حتى لو كان هناك توزيع أدوار، حيث صرح بينيت رئيس الوزراء بأن حكومته لن تتدخل وستسمح لوزارة البيئة القيام بدورها التنظيمى فى الحد من الأنشطة التى تمثل خطرًا على البيئة!

ثالث هذه الدروس أنه فى العلاقات الدولية ليست هناك عداوات دائمة أو صداقات دائمة، وإنما الفيصل هو المصالح وأن كل دولة تجرى وراء مصالحها بعيدًا عن أى شعارات تراها من منظور تلك المصلحة جوفاء. والتفصيل هنا قد يكون غير مفيد إن لم يكن ضارًا بالعواطف والمشاعر!

رابع هذه الدروس وأهمها أن المشاريع المنافسة لقناة السويس لم تعد كما كان يتصور البعض مجرد أحلام أو دراسات حبيسة الأدراج وإنما تحاول أن تطل برأسها على أرض الواقع. صحيح أنها تواجهها العقبات وصحيح أن مصر منتبهة لهذا الأمر ولكن المهم على الجانب الآخر أن هناك من يسعى لأن تكون حية من لحم ودم!

خامس هذه الدروس أن إسرائيل على عكس ما قد يتصور البعض، لا تقدم على مسعى الاندماج فى المنطقة من منطق ضعف، حتى لو اقتضى ذلك أن «تبوس القدم وتبدى الندم على غلطتها فى حق الغنم»، وهو ما كان يعنى أو يفرض سعيها الحميم للضغط على أنصار حماية البيئة لتمرير الأمر، على العكس فربما تتصور الدولة العبرية أنها بمثل تلك السياسة والإقدام على المزيد من تطبيع علاقاتها مع دول المنطقة تقدم جميلًا لنظيراتها العربية باعتبار أن «تل أبيب» فى وعى الكثير من القيادات العربية البوابة الملكية للوصول إلى قلب القابع فى البيت الأبيض!

سادس هذه الدروس أن إسرائيل، وليس فى ذلك منح دور لها أكبر من حجمها، مرشحة فى الفترة المقبلة ومع مزيد من الاندماجات لأن تلعب دورًا تفريقيًا كبيرًا بين الأشقاء العرب عملًا بمبدأ «فرق تسد».. وبعيدًا عن المثال محل التناول، المتمثل فى إيجاد بديل لقناة السويس، نشير إلى الدور الذى تلعبه فى الخلاف بين المغرب والجزائر.

من أجل كل ذلك ربما كانت فكرة المقال.. وإذا وجدت أننى ربما بالغت فى تناولها فأرجو منك عزيزى القارئ أن تقوم بتصويبي!

[email protected]