رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

نستكمل سلسة مقالاتنا المعنونة الأمن القومى الإلكترونى (القانون.. والمواجهة) والذى نتناول فيها الجريمة الإلكترونية ودور المشرع المصرى فى مواجهتها بإصدار القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات ونلقى الضوء على أهم ما يميز هذا القانون والذى يعد وبحق أفضل التشريعات العربية المقارنة فى هذا المجال لما ولاه المشرع من اهتمام بحماية حرمة الحياة الخاصة، وهذا ما عهدناه من المشرع المصرى فقد ضمن المشرع الدستورى بنصوص دستور عام 2014 بتأكيده بنص المادة 57 منه من أن للحياة الخاصة حرمة، وهى مصونة لا تمس وقرر الحماية الدستورية للمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائى مسبب، ولمدة محددة، فى الأحوال التى يبينها القانون، كما تلتزم الدولة بحماية حق المواطنين فى استخدامها بكافة أشكالها، ولا يجوز تعطلها أو وقفها أو حرمان المواطنين منها، بشكل تعسفى، وعليه قرر حماية خاصة ضد أية انتهاكات قد تحدث من وسائل التقنية المعلوماتية، ومنها الاهتمام بالحفاظ على سرية المحادثات والمراسلات البريدية وغيرها من وسائل الاتصالات والمعلومات، وحظر رقابتها أو وقفها أو تعطيلها أو للحد من كفاءتها أو التنصت عليها إلا بأمر قضائى.

وقد التزم المشرع بقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات بذلك وأفرد المشرع بالفصل الثالث من الباب الثالث منه والمعنون «الجرائم المتعلقة بالاعتداء على حرمة الحياة الخاصة والمحتوى المعلوماتى غير المشروع «لمكافحة الجرائم التقنية التى تقع على حرية الإنسان وانتهاك خصوصيته ونص بالمادة (25) منه على تجريم كل فعل ينطوى على اعتداء يقع على أى من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصرى أو انتهاك حرمة الحياة الخاصة، أو القيام بإرسال رسائل الإلكترونية لشخص معين بكثافة دون موافقته، أو منح بيانات شخصية إلى نظام أو موقع إلكترونى لترويج السلع أو الخدمات دون موافقة صاحب الشأن، أو نشر معلومات أو أخبار أو صور وما فى حكمها عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات يترتب عليها أن تنتهك خصوصية أى شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أو غير صحيحة، مقررًا عقوبة الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وقد ضاعف المشرع الحد المقرر للعقوبة إذا ما تعمد الجانى استعمال برنامج معلوماتى أو تقنية معلوماتية فى معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى مناف للآداب العامة، أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه وفق نص المادة 26 من ذات القانون.

ونود أن نشير إلى أن الفعل الإجرامى لتعمد الإزعاج ليس جديدًا على التشريع المصرى فقد سبق وأن نص عليها قانون العقوبات المصرى وقرر عقوبة الحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تزيد على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من تسبب عمدًا فى إزعاج غيره بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات التليفونية ولكن المشرع بقانون مكافحة جرائم المعلومات كان أكثر حرصًا على إضفاء الحماية لحرمة الحياة الخاصة من إساءة استعمال وسائل تقنية المعلومات ورسائل البريد والمواقع الاليكترونية.

وتطبيقًا لذلك اتجهت أحكام القضاء إلى تجريم كل ما ينطوى على معاكسات أو أفعال غير مشروعة تؤدى إلى إزعاج أو مضايقات تتم بواسطة أو من خلال أى وسيلة من وسائل الاتصال سواء تليفونا أو حاسب آلى أو بريد إليكترونى أو رسائل إلكترونية منها الحكم الشهير لمحكمة القاهرة الاقتصادية والمؤيد استئنافيًا بمعاقبة إحدى شركات إبادة الحشرات بغرامة مالية لقيامها دون وجه حق وبالمخالفة للقانون بإرسال رسائل مزعجة للمواطنين من خلال إنشاء شبكة اتصالات واستخدامها فى خدمة الرسائل الجماعية وإجراء الاتصالات وذلك دون ترخيص واستخدام وسائل غير مشروعة فى إجراء خدمات الاتصالات. بالإضافة إلى تهمة تعمد إزعاج المواطنين والانتفاع دون وجه حق، وحيازة برنامج مخالف للقانون واستخدامه، ومنح البيانات الشخصية للمواطنين لنظام إلكترونى للترويج عن السلع والخدمات دون الحصول على موافقة منهم، كذلك قضاء محكمة طنطا الاقتصادية بإدانة الجانى لقيامه بإرسال ريال بريد إلكترونى إلى موقع المجنى عليها الإكترونى وقام بوضعها على شبكة المعلومات الدولية الانترنت وتعمده إزعاج المجنى عليها وسبها وخدش حيائها والإساءة إليها.

كان ذلك جزءًا من مميزات قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات والتى تفرد بها المشروع المصرى لحسن الصياغة واهتمامه الخاص بحرمة الحياة الخاصة ومواجهة انتهاك الخصوصية.

وللحديث بقية

--

المحامى بالنقض والإدارية العليا

خبير الضرائب والشئون المالية