رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نستكمل حديثنا اليوم مع الأديب البليغ سيد قطب مفتى الموت ومنظر الإرهاب، والذى ما يزال يحكم فكر وسلوك فريق الإرهاب الدولى إلى الآن. السؤال الملح هنا عزيزى القارئ لماذا أصبح الكتاب الأدبى البليغ سببًا فى انتشار فكرتى التكفير والعنف؟ والإجابة تكمن فى أن سيد قطب كتب «فى ظلال القرآن» بأسلوب أدبى جذاب، ولكنه لم ينضبط بالضبط الفقهى أو قواعد العقيدة الإسلامية الصارمة، والأسلوب الأدبى فضفاض وغير منضبط، وتختلف لغة الأديب المرسلة الحالمة عن لغة الفقيه المنضبطة، فالفقيه أشبه بالمحاسب الذى لديه المعادلة الحسابية، أما الأديب والشاعر فلغته حالمة خيالية فضفاضة، ويمكن أن تكون لديه المعادلة الحالمة، وهذه اللغة الأدبية الفضفاضة لا تصلح أن تؤخذ منها أحكام الفقه فضلا عن أحكام العقيدة، وإذا كانت لا تؤخذ منها أحكام الحلال والحرام، فكيف تؤخذ منها أحكام الكفر والإيمان، أو القواعد العامة للإسلام أو مقاصده العليا، فاللغة الأدبية أشبه ما تكون بتفسير القرآن الاشارى عند الصوفية الذى لا تؤخذ منه أحكام الحلال والحرام أو الكفر والإيمان، إنما لطائف ورقائق ومعانٍ إنسانية وقلبية يستفاد منها.

قام سيد قطب بتسمية كتابه «فى ظلال القرآن» ولم يسمه تفسير القرآن، ولكن المصيبة الكبرى أن أكثر الجماعات التى تأثرت بالكتاب أخذت كل ما كتبه قطب على أنه قرآن منزل أو أحكام فقهية أو عقائدية متفق عليها أو مجمع عليها، ويا ويل من يناقشها، فأخذوا ينزلون كلمات قطب على مجتمعهم وحكوماتهم ودولهم بطريقة خاطئة، ويتعاملون معها تعامل المعصوم، دون أن يفرقوا بين الإسلام المعصوم بقرآنه وسنة نبيه وبين الفكر الإسلام غير المعصوم الذى يصدر من أى عالم أو مفكر يخطئ تارة ويصيب أخرى.

أطلق قطب كتاب «فى ظلال القرآن» تعبير الجاهلية فى أكثر أحاديثه عن سور القرآن وأعادها وكررها، رغم أن الكلمة لم تتكرر فى القرآن كثيرا، ولم تدر آياته حولها، ثم أطلق الجاهلية وقسمها، فتارة يتحدث عن حكم الجاهلية، والمجتمع الجاهلى، وأفاض فى الحديث عن الجاهلية التى ربطها بالكفر بطريق غير مباشر، دون تحديد دقيق لمعنى الجاهلية، وأن أى مسلم أو مؤمن يمكن أن تعتريه صفات الجاهلية فى بعض الأوقات ولا يخرج عن الإسلام بذلك، فلم يفصل قطب فصلا دقيقا واضحا بين مصطلحى الجاهلية والكفر، على الرغم من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف أحد الصحابة الأجلاء بقوله «إنك امرؤ فيك جاهلية» ولم يقل أحد بكفر هذا الصحابى، بل لم يأتِ هذا المعنى فى ذهن أى أحد، فالمعنى الدقيق للجاهلية الوقوع فيما يخالف الإسلام، وهل هناك بشر لم يتلبس يوما بمعصية كبيرة أو صغيرة أو يخالف الدين فى صغيرة أو كبيرة، البشر كلهم ليسوا معصومين باستثناء الأنبياء.

استخدم سيد قطب كل آيات القرآن العظيم كله حول فكرة إنزال جماعة الإخوان الارهابية محل جماعة الرسول الأولى، وإنزال عبدالناصر وأعوانه، وكل الحكام العرب منزلة أبى جهل وقريش الذين يصدون عن سبيل الله ويرجونها عوجا، وأن الصراع بينهما محوره الإيمان والكفر، رغم أن حقيقة الصراع بينهما كانت سياسية فى أصلها وأساسها، وأسوأ ما يضر القرآن هو توظيفه سياسيا من قبل الحكام لمصلحتهم أو توظيفه سياسيا من قبل الجماعات الحركية لمصلحتهم كذلك، القرآن أسمى وأبقى وأغلى من الحكام والجماعات أيضا، وآياته أشمل من أن تحصر فى معنى واحد من هذه المعانى السطحية الوقتية.

كتاب فى ظلال القرآن له سلبيات كثيرة وكان يحتاج إلى مراجعة علمية دقيقة، لامتداد الآثار السلبية لأفكار سيد قطب على الشباب خاصة وصول التفكير إلى الاغتيالات والتفجير والتكفير بناء عليه، الحديث عن سيد قطب اليوم ليس ترفًا فكريًا، ومن يفكر بتلك الطريقة هو جزء من المشكلة لكونه لا يعلم مدى تأثير سيد قطب حتى يومنا هذا فى التنظيمات الإسلامية المتطرفة، وإن أى مشكلة لا تعالج من جذورها ستنبعث مرة أخرى، بدليل أن مثل هذه التنظيمات المتطرفة تتوالد، بكلّ يسر وسهولة، لأن سيد قطب ما يزال يحكم فكر وسلوك هؤلاء، من قبره.. وللحديث بقية.

[email protected]