رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

 

فجعت كما فجع كثيرون غيرى من أحبائه بنبأ رحيل الصديق العزيز الباحث والخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية هانى رسلان.. للوهلة الأولى انتابنى شعور بالندم على أننى لم أسارع إلى لقائه على كثرة الوعود باللقاء فى الفترة الأخيرة والتى حال دونها فيروس كورونا اللعين والذى أودى بحياته. على مدار السنوات الماضية وباستثناء لقاءات عرضية فى مناسبات مختلفة كان الهاتف هو وسيلتنا للتواصل. لم أكن أجد أى حرج عندما تضيق بى السبل وتزداد حيرتى فى أن أتصل به لإزعاجه واستطلاع رأيه فى هذه الجزئية أو تلك بشأن أزمة سد النهضة. ورغم أن القضية سيطرت على اهتمامى وكتاباتى على مدار تلك السنوات، فقد كان الصديق هانى بمثابة الشمعة التى أهتدى بها فى ظلام المواقف المتباينة بشأن مسار الأزمة. كنت أحرص على متابعة لقاءاته فى الفضائيات وكتاباته المختلفة سواء فى الصحف أو على صفحته على الفيس بوك لكى أزداد إلماماً بالأمر. كان من مصادر سعادتى الإضافية أن أرى ابن دفعتى فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية يصول ويجول وينشط هنا وهناك ويكاد لا ينام الليل من أجل الدفاع عن حق مصر فى أهم حقوقها وهى المياه، حتى أننى كنت أعتبره بحق «أسد» من أسود النيل الذين بفضلهم يشعر الخصوم بالخوف وضعف موقفهم جراء وجود أمثال هؤلاء ممن لا يسأمون ولا يتسرب إليهم الملل من أجل قضيتهم. كنت أشعر بالدهشة من أن صفحة هانى على الفيس أصبحت بالنسبة لى وكأنها وكالة أنباء مستقلة ومتكاملة بشأن كل ما يهم تلك القضية وتوابعها فيما يتعلق بعلاقات مصر الإفريقية.

ولذلك لم أستغرب كثيراً أن يكون الراحل هدفاً للكثير من الإثيوبيين وهجومهم لأنه بحق أصبح رمزاً من رموز الدفاع عن موقف مصر إن لم يكن على رأسهم إلى جانب الدكتور نصر علام وإن كان كل فى مجاله، وهو ما لم أتوان عن الكتابة عنه فى حياته فى مقال بعنوان «رموز وطنية فى قضية سد النهضة» كان بمثابة رسالة تحية وتقدير لأولئك الذين يزودون عن الوطن فى قضيته الوجودية.

علت قيمة هانى فى نظرى وتقديرى لوطنيته أكثر مما هى عليه عندما كنت ألمس حماسة مواقفه رغم بعض الاختلاف مع ما يجرى باعتبار أن الموقف المصرى من أزمة السد يجب أن يكون متوحداً فى مواجهة الخارج. من مواقفه الإنسانية التى لن أنساها، عندما اتصل بى والقلق ينتابه لمتابعة الحالة الصحية لصديقنا المشترك الكاتب الصحفى طلعت المغربى رفيق رحلة الصحافة فى «الوفد»، عندما أصابته أزمة مفاجئة ولم يكن يترك فرصة إلا ويتصل للاطمئنان ولم يدخر جهداً فى سبيل تيسير توفير وضع علاجى أفضل له.

وأنا أكتب هذه الكلمات يمر على ذاكرتى شريط العمر وأسترجع ما مضى منذ ٤٠ عاماً عندما التحقت بكلية الاقتصاد عام ١٩٨١ وتعرفت على الصديق هانى فى الكلية مع مجموعة من الأصدقاء والزملاء على رأسهم نصر عارف وعبدالله حشيش ومحمد عبدالسلام ومحمد ملثم وأشرف راضى وأشرف حمدى وعلى الصاوى وآخرين من بينهم طارق عبدالرازق الذى ربما كان أول الراحلين من تلك الدفعة المتميزة.. دفعة ٨٤ علوم سياسية. كان ما يلفت نظرى فى ذلك الوقت ذلك الشاب المتوهج القادم من قنا والذى استطاع بروحه المرحة والمنفتحة مع آخرين أن يفوق ويتجاوز أبناء القاهرة الذين بدوا منغلقين قياسا على انفتاحه.

ورغم رحلته الطويلة مع المرض والتى انتهت به إلى أن يلازم القيام بعملية غسيل كلى منتظم ودائم، إلا أن ذلك لم يفت فى عضده، ولم يؤثر على طموحاته فاستطاع أن يشق طريقه بتميز ونجاح فى مركز الأهرام للدراسات، وتمكن من أن يبلور جهده لتخصصه البحثى فكان مرجعاً فى شئون السودان وقضايا المياه وفى القلب منها النيل، إلى الحد الذى يستحق معه وبجدارة وعن حق لقب «أسد النيل». رحم الله هانى وأسكنه فسيح جناته.

[email protected]