رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بدون رتوش

بات من الأهمية بمكان أن يدرك المرء استحالة الخلط بين الأديان بمعنى امتزاجهم فى إطار واحد، إذ إن لكل دين مداخله ومعادلاته. وهذا ما أكد عليه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب عندما قال: ( بأن هناك فرقًا بين الأديان: الإسلام والمسيحية واليهودية وبين ما ظهر منذ سنوات قلائل تحت مسمى الديانة الإبراهيمية، فهذه جديدة على الساحة لعبت الصهيونية العالمية دورها فى طرحها، والغرض من ورائه إسقاط الخصوصيات التى يتمتع بها كل دين وجمعهم فى بوتقة واحدة تحت دعوى سياسية خبيثة تسعى نحو ذوبان الأديان فى بعضها البعض بحيث لا يتبين المرء خصائص كل عقيدة). الفكرة فى أساسها سياسية يجرى ترويجها تحت غطاء دينى، ولقد نسى الداعون إليها أن لكل دين خصائصه وشرائعه وبالتالى لا يمكن الخلط والمزج فيما بينهم.

ويبدو أن هذه الدعوى جاءت من منطلق محاولة طرح نظام عالمى جديد يصب بالإيجاب فى مصلحة الكيان الصهيونى، فهى محاولة لترسيخ التطبيع الكامل مع إسرائيل، لا أدل على هذا من أنه جرى تداول مصلح الإبراهيمية منذ أن جرى التطبيع بين كل من الإمارات والبحرين مع إسرائيل، وأطلق على الاتفاق اسم «إبراهام» نسبة إلى إبراهيم الأب للأديان الثلاثة اليهودية والنصرانية والإسلام، التى تشارك فى الايمان بسيدنا إبراهيم والاعتراف بمكانته الكبيرة. ولكن لا يمكن الانسياق بأى حال من الأحوال نحو هذا الطرح الذى يعنى دمج الأديان الثلاثة فى بوتقة واحدة والسعى نحو تبنيه، فدعواه فى الحقيقة هى دعوة نحو العولمة. دعوى ظاهرها إنسانى يرمى إلى توحيد الأديان من أجل مصادرة أى نزاعات أو صراعات، ولكنه فى الحقيقة يرمى إلى مصادرة أغلى ما يمتلكه الانسان ألا وهو حرية الاعتقاد وحرية الايمان وحرية الاختيار، فهى دعوى أشبه ما تكون بأضغاث الأحلام أكثر من كونها دعوة لديها إدراك بحقائق الأمور وطبائعها.

الغريب أن دولًا عربية دعت إلى نشر وتثبيت الدعوة إلى الإبراهيمية، وهو مصطلح له بريقه ولكن يخفى وراءه الوجه القبيح الذى يحمله، إذ إنه ينطوى على أضرار جسيمة بالإسلام والمسلمين، فهو ينزع عن الإسلام تفرده بأنه الدين الوحيد الذى سلم من التخريف، كما أنها قد تؤدى إلى إضاعة العبادات التى شرعها الله. ومن ثم فتح الباب واسعًا للتلاعب بها والانحراف بها عما شرعه الله، وإلغاء كثير من الأحكام التى أمر بها، حيث إن الدعوة تقوم على التلاقى والاجتماع على ما يسمى بالمشترك الإبراهيمى والمقصود به المبادئ والقيم المشتركة بين الأديان والتى تقتصر على العدل والمساواة والحرية والتعايش السلمى، بينما لا وجود لبقية التشريعات الإسلامية لأنها ليست مما هو مشترك.

الدعوة إلى وحدة الأديان دعوة قديمة دعا إليها زنادقة الصوفية والفرق الباطنية وإخوان الصفا. والدعوة إليها لم تكن بعيدة عن السياسة ومراميها لا سيما فى الواقع المنظور الذى يشهد حضورًا كبيرًا للإبراهيمية فى أروقة السياسة ودهاليزها. ولكن الدعوة تظل نبتة شيطانية غريبة عن الإسلام وبيئته، فهى ترمى إلى العبث بالإسلام والكيد له. وهذا منحى قديم منذ عصر سيدنا محمد عليه السلام، وفيه حاول هؤلاء الخلط بين الحق والباطل. أما اليوم فلقد ظهر الحق جليًا تجسيدًا لقوله تعالى: (قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا) الإسراء 81.