رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

فى جو يشتكى فيه الشعر من التجاهل والدخلاء وتقاعص أصحاب القوافى عن التدخل لإنقاذ معشوقهم تأتى ذكراه لأنه يذكرنا دائما بالزمن الجميل, وفى كل عام يزداد احتياجنا لأنه كان – كما وصفه العقاد- علمًا فى جيله, علمًا للمدرسة التى انتقلت بالشعر من دور الجمود والمحاكاة الآلية, إلى دور التصرف والابتكار, فاجتمعت له جملة المزايا والخصائص التى تفرقت فى شعراء عصره, وربما تشابهت تلك الخصائص أو اختلفت, وربما تساوت أو تفاوتت, وربما كثرت أو قلت, ولكنها –على اية حال- موجودة على صورة من الصور فى كلامه.

ولا تلقوا الصخور على قبرى .. ألم يكف همًّا فى الحياة حملته.. فأحمله بعد الموت صخرًا على صخر

  بتلك الأبيات رثا أمير الشعراء أحمد شوقى نفسه، بعدما تنبأ بموته، ولم يكن يعلم أن نبوءته ستتحقق فى مثل هذا اليوم من عام 1932.

عُرف عن « شوقي»، أنه يخاف دائما على حياته وصحته، وكلما توفى صديق من أصدقائه شعر بالقلق والتوتر وانعزل عن الناس لفترة حتى تنتهى فترة اكتئابه، ويحاول ممارسة حياته بشكل طبيعى مرة أخرى.

وعند وفاة الشيخ محمد عبده سنة 1905م وقف على قبره سبعة من الشعراء يلقون قصائدهم، وكان أولهم حفنى ناصف وأوسطهم حافظ إبراهيم وآخرهم شوقي.

وتنبأ أحد الأدباء بأن هؤلاء الشعراء سيموتون بحسب ترتيبهم إلقاء القصائد على قبر«الشيخ محمد عبده»، فمات حفنى ناصف وأعقبه حافظ إبراهيم، فأيقن شوقى أن أجله قد قرب فحزن وسافر إلى الإسكندرية كأنما يهرب من مصيره المحتوم ثم عاد بعد فترة للقاهرة ولكن مات شوقى فجر 14 أكتوبر1932 م، وذلك فى نفس العام الذى مات فيه حافظ .

ولد «أمير الشعراء» فى 16 أكتوبر 1868، بحى الحنفى بالقاهرة، لأب كردى وأم تركية، وكانت جدته لأمه وصيفة فى قصر الخديو إسماعيل، وتكفلت بتربيته ونشأ معها فى القصر، وعندما بلغ الرابعة من عمره، التحق بكتاب الشيخ صالح، وحفظ القرآن وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم التحق بمدرسة المبتديان الابتدائية، وكان من المتفوقين، واهتم شوقى من صغره بالشعر العربي، والتحق بمدرسة الحقوق سنة 1885م، وانتسب إلى قسم الترجمة وبدأت موهبته تجذب انتباه أستاذه الشيخ محمد البسيونى.

كان«شوقى»  صورة كبيرة لتلك المدرسة تشبه الصورة الصغيرة فى ملامحها, ولكنها تكشف للناظر ما ليس ينكشف فى الصور الصغيرة لمن يريد التحقيق والتحليل, ومثله فيما بينه وبين زملائه فى فارق كمثل الرسم الذى يكبره الباحث ليرى فيه دقائق الخفايا فى الظلال, فهو هدف المتأمل والناقد, وهو ملتقى الأنظار الفاحصة, حيث ينبغى أن تلتقى للحكم على الصور جميعا, من محمود فيها ومنقود.

ونستطيع أن نلمس كيف أن الانتماء الوطنى قد أخذ فى مزاحمة الانتماء الدينى تحت وطأة الظروف الجديدة التى فرضها النضال ضد الاحتلال من جهة, والاطلاع على بعض جوانب الثقافة الغربية من جهة اخرى, ولعل الانتقال من فكرة الدين باعتباره تجربة روحية, لم يتجسد بصورة واضحة وحاسمة إلا من خلال الشعر فى تلك الفترة, خاصة شعر شوقى الذى تحدث فيه صراحة عن عبادة الوطن, ولعل الفكرة التى رفعها المصريون شعارا دارت كثيرا فى شعر شوقى سواء على نحو مباشر أو غير مباشر.

--

[email protected]