رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

  الموت هو خروج الروح من جسم الإنسان والانتقال إلى الحياة الأخرى، ويعتقد الجميع أن الموت نهاية رغم أنه بداية؛ لذا فهم يدعون على من يستعجلون نهايته بالموت. ولا تخلو خطبة جمعة من الدعاء على الأعداء وأعوانهم بالموت، ورغم ذلك لايموت الأعداء، بل نموت نحن غيظا وكمدا.

  والمصرى يقدس الموت ويؤمن به، ويعتبره الحقيقة الوحيدة فى الحياة. والدليل على ذلك «كتاب الموتى» والذى يتضمن مجموعة من الوثائق الدينية والنصوص الجنائزية التى كانت تستخدم فى مصر القديمة، لتكون دليلًا للميت فى رحلته للعالم الآخر. واهتم المصريون اهتماما خاصا بالموت مع كراهيتهم له. وتعلقوا بالأمل فى البعث بعد الموت. وكانت «الندابات» - ومازلن حتى الآن فى بعض قرى مصر- يسرن أمام الموكب الجنائزى ويتوقفن كثيرا ليهلنَ بعض التراب على رؤوسهن، ويرددن كلمات أقرب للترانيم تعبيرا عن الحزن.

  وقد ورد لفظ الموت فى القرآن الكريم مئة وخمسا وستين مرة، أما لفظ الحياة فقد ورد فى مئة وتسعين مرة (أكثر من لفظ الموت، فالإسلام دين حياة، ورغم أن الثقافة المصرية هى ثقافة حياة، إلا أننا لا نغفل عن الموت. ونستخدمه فى الدعاء على بعض، رغم اعترافنا بأن (لكل أجلٍ كتاب). ومع ذلك لا ضير أن ندعو على كثير من ظواهر المجتمع بالموت. وسوف تظل جملة «يا رب تموت» سلاحا نشهره فى وجه من يأسنا من إصلاحه، ومن لا نقدر على مجابهته بالحياة.

  وهناك العديد من الظواهر التى أصبحت مستعصية على الحل، ولا يجدى معها إلا الدعاء عليها أو على المتسبب فيها، علَ الله أن يستجيب فتختفى من حياتنا، مثل الثانوية العامة، القلق داخل كل أسرة مصرية والصداع فى رأس كل حكومة. فشلنا فى حلها رغم تغيير نظامها أكثر من مرة، ورغم المؤتمرات والرؤى والاستراتيجيات، ورغم «طارق شوقي». وعجزنا عن السيطرة على تسريب الامتحانات، والذى أصبح جزءا من طقوس الثانوية العامة حتى فى نظام «التابلت» ولم يبق إلا أن نقول لها يا رب تموتى، ونقول للمسئول عن هذه المشكلة «يا رب تموت».

التكاتك ذلك السرطان الذى استشرى فى شوارعنا، ويتسبب فى الكثير من الحوادث، بالإضافة إلى القبح الذى يضيفه إلى الشوارع، ولا وسيلة لحسابه لأنه غير مرخص. إلى المتسبب فى دخوله مصر ليجنى ملايين الجنيهات من وراء ذلك، وإلى الذى أعطى له شرعية (مات) وإلى الساكتين عليه، نقول لهم «يا رب تموتوا».

القضية الفلسطينية من 1948 وحتى الآن ولم تحل، رغم دخول العرب فى حروب ومفاوضات سواء مع الأعداء أو مع أنفسهم، هذه القضية التى لم تعد قضية العرب الأولى لانشغالهم أو إشغالهم بقضايا داخلية، لا نملك الآن إلا الدعاء على كل من تسبب فى هذه القضية، بدءا من «مارك سايكس» وزير خارجية انجلترا الأسبق والفرنسى «فرانسوا جورج بيكو» اللذين قاما بتوقيع اتفاق (سايكس بيكو) منذ مائة عام، وصولا إلى كل عربى خان الوطن وباع القضية، نقول له «يا رب تموت».

ولكن أحيانا يكون الموت حياة، فى حال أن يموت المحبوب فى حبيبه، ويقول له «بموت فيك يا حياتي».

«آخِرِ الحَيَاة الْمُوتْ»: حكمة جرت مجرى الأمثال، تقال للتذكير، وقد تُقال إظهارًا لعدم المبالاة بالتهديد والوعيد. وأيضا يُقال: «كلها عيشة وآخرها الموت.» (أحمد تيمور، الأمثال الشعبية).