رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤية

نتابع تصاعد حالة الهجوم المستمرة على وزير التربية والتعليم وتحميله وزر حالات الانتحار بين أولادنا بعد ظهور نتائج الثانوية العامة والمقاومة الشديدة إلى حد الرفض التى واجهت الوزير منذ إطلاقه خطة التغيير، وقد نتذكر بالمناسبة ما حدث فى أواسط القرن الثامن عشر، حيث كانت الأذهان كثيرًا ما تلتفت إلى مسألة «علاقة العلم بالأخلاق»، وتبحث فى تأثير أو عدم تأثير العلم فى الأخلاق.

ولهذا السبب رأى المجمع العلمى فى «ديجون» فى فرنسا، أن يدعوَ المفكرين والأدباء إلى مناقشة هذه القضية مناقشةً جدية، فطرح على «بساط المسابقة «المسألة التالية: «هل أفضى ارتقاء العلوم والفنون إلى ارتقاء الأخلاق وتزكيتها من شوائب المفاسد؟»

وفى هذا الصدد يذكر الكاتب « ساطع الحصرى « فى كتابه « كتاب آراء وأحاديث فى العلم والأخلاق والثقافة « أن المجمع المذكور قرر عام ١٧٤٩م. منح جائزة مالية لأحسن الردود التى سيتلقاها على هذه المسألة. واطَّلع جان جاك روسو على إعلان المسابقة عن طريق المصادفة، وأنشأ مقالةً عنوانها «خُطبة فى العلوم والفنون والآداب».

احتوت المقالة المذكورة طائفةً كبيرةً من الآراء الطريفة معروضةً بأسلوب خطابى ضخم، وصارت العامل الأول فى شهرة جان جاك روسو، وفتحت عهدًا جديدًا فى حياته الفكرية.

إن خُطبة روسو « فى العلوم والفنون والآداب» كانت أولى الكتابات التى لفتت إليه الأنظار، وقد أثارت إعجاب أعضاء المجمع بكثرة الآراء الطريفة التى تتدفق من مخيلته، ولذلك قرروا أن يمنحوه الجائزة، ولكنهم صرَّحوا فى الوقت نفسه بأنهم اتخذوا هذا القرار دون تصويب الآراء المسرودة فى الخُطبة!

لقد ادَّعى روسو فى خُطبته هذه أن العلوم تُفسد الأخلاق وتسبب انحطاط المجتمعات، وحاول أن يبرهن على ذلك بسلسلة طويلة من الشواهد التاريخية، التى امتازت بالطرافة والإمتاع، وإن أعوزها الشيء الكثير من الصحة والسداد.

ومن الأمثلة التى ساقها « روسو « : « قديمًا قبل أن توجد الطباعة كانت الأضرار الناجمة عن آراء الكُتَّاب لا تتوسع كثيرًا ولا تدوم طويلًا؛ لأنها كانت تبقى مخطوطةً لا تنتشر بين الناس بسهولة، فلا تلبث أن تندثر وتزول بعد موت أصحابها بمدة يسيرة. وأما الآن فقد فشا أمر الطباعة؛ تلك الصناعة التى يجب أن تُسمَّى «صناعة تأييد أباطيل البشر وأضاليلهم»، ولذلك كان من الطبيعى أن يتوسع نطاق تلك الأضرار توسُّعًا كبيرًا خالدًا..».

وأما خلاصة ما قاله معارضوه فى ردودهم فكان منها أن الزعم بأن البشر قد قضَوا زمنًا خاليًا من المساوئ والمفاسد، ضرب من الهذيان؛ لأن التاريخ يشهد أن الأمم لم تكن فى أوائل نشأتها على غير حالة التوحش، وما علمنا أو سمعنا بأن حياة أُمَّة من الأمم الوحشية كانت مثالًا للفضائل الأخلاقية، والتاريخ مليء بالشواهد التى تدل على عكس ما يدَّعيه روسو، ومن المعلوم أن الأثينيين تغلَّبوا على الميديين، فإن تقدُّمهم فى العلوم لم يَحُلْ دون انتصارهم على الشعوب الجاهلة.

ويبقى السؤال : هل نحتاج لمسابقة تعلنها مجامعنا العلمية بشأن تقييم تجربة « طارق شوقى « فى انتظار « روسو « عصرى وخطبة فى مفاسد التعليم العصرية التى تدعى أن تعليم « حافظ مش فاهم « كان كارثة ؟

[email protected]