عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الصعود من القمة (الحلقة السادسة)


"قرار سفري إلى بغداد كان الأصعب فى حياتى"، لأول مره يتحدث الزعيم (مسعود بارزاني)ويروى قراراته بنفسه، فى فصل جديد من فصول كتابه(للتاريخ)؛ يحمل عنوان (الانتفاضة). يصف فيه الزعيم مشاعره وهو ينتقل إلى بغداد رغمًا عنه لئلا يقال: بسبب الأحقاد الشخصية؛ امتنع بارزاني عن التفاوض، وأهدر فرصة معالجة الشعب الكوردى" (ص/43)،وهنا استخدم صيغة المتكلم لأول مرة.

 

  الزعيم مسعود بارزانى، الأخ الأكبر للكورد، ورفيق كفاحهم فى رحلة الحصول على حقوقهم، آثر أن يبدأ كتابه (للتاريخ) بلغة "الحكى"، على حساب دوره الوطنى، ليخطف جمهوره ويسحرهم كحكًاء يحكي عن (تجزئة كوردستان) و(تأسيس دولة العراق) و(ثورة ايلول) و(خطة إبادة الشعب الكوردي وصهره داخل دولة العراق) وبرغم كونه معاصرًا على مدى فترات طويلة لكل هذه التفاصيل، إلا أنه رصدها فى كتابه، دون الحديث عن نفسه او تواجده او دوره العسكرى والسياسي، وفضَل أن يكون الحكى كله توثيقياً، إلى أن جاءت اللحظة الحاسمة حول (الانتفاضة)، فقد كانت انتفاضة شعب كوردستان في ربيع 1991؛ انعطافة تاريخية في حياة الشعب، وكان الزعيم مسعود جزءً لايتجزأ من هذه الانتفاضة، بل كان داعيًا لها وراعيًا لتوابعها.
 أظهر شعب كوردستان فى الانتفاضة نموذجًا رائعًا للأخلاق والثقافة العالية، حيث لم يمد يده للانتقام أبدا. بل على العكس من ذلك، حافظ على حياة آلاف الجنود العراقيين، الذين سلموا أنفسهم (ص/42).
يضيف بارزاني قائلاً:"أستجابت القيادة السياسية الكوردية لدعوة الحوار والتفاوض مع السلطات العراقية فى ذلك الوقت". ويحكى متأثرًا: "كنا نتذكر الجرائم الوحشية التى ارتكبتها دولة العراق ضد شعب كوردستان، وسرنا وسط نهر من الدماء، وصافحنا الأيادى المختلطة بدماء شعبنا،  عندما ذهبنا مع المرحوم (مام جلال) إلى بغداد؛ لإجراء المفاوضات، وفتح صفحة جديدة، والدخول فى مرحلة جديدة لتحقيق السلام"(ص/42).
لايعجب قارئ هذه الكلمات وهو ينتقل بعقله الى كوردستان، وتضطرب روحه، حين يقرأ كلمات مسعود برزانى، واصفاً مشاعره وتأثره باستشهاد ثلاثة وثمانين رجلاً من أفراد أسرته، وثمانية آلاف شخص من عشيرته، ومائة واثنين وثمانين الفاً من قومه بطرق وحشية.(ص/43).
مـرارٌ التجربه أسوأ بكثير من الاستماع إليها، أو من قراءتها. يحكى كاك مسعود المأساة الإنسانية، وكيف دفع شعب كوردستان تلك الضرائب الإنسانية والمادية الكبرى؛ نتيجة لوجوده ضمن دولة العراق؛ منذ عشرينات القرن الماضى حتى الانتفاضة. رصدها فى فصول الكتاب السابقة، والتي عرضناها فى سلسلة مقالاتنا(الصعود من القمة). يتحدث كيف كانت هذه الانتفاضة، ويرصد السر وراء سعى الجميع لإسقاط حقوق الأكراد وهو (النفط) الذى صنع من العراق دوله، ومن قبلها تهافت عليه الانجليز، وكذلك كان سبباً فى العديد من الانقلابات الديكتاتورية والشوفينية.
بينما أقرأ هذه التفاصيل الدقيقة، تذكرت صديقى د.قيس الرضوانى، وهو ينقل لى جزءً من حواره مع كاك مسعود (رجل السلام)؛موضحاً سعيه الدائم للسلام، مثبتاً بالقرائن والأدلة كيف تسنى لأقليم كوردستان خلال الأعوام الأثنى عشر الأخيرة ، أن يثبت وجوده، ويطور ذاته، ويصبح ملاذاً لقسم كبير من المنكوبين والمناضلين والأحرار العراقيين، والقوى العراقية المعارضة بالأمس، التى أمست تحكم العراق اليون، ولم يصبح بأى شكل من الاشكال تهديدِ لجيرانه، وهو أمر عجيب، فكيف لرجل عاصر كل هذا الظلم والقتل والدمار ان يمتلك حنكة التعامل، ويكون (السلام) شعاره الأول.
حلقات جديدة نرصدها فى مقالاتنا القادمة، لنتعرف بشكل أكبر عن دور كاك مسعود فى حماية الكورد، واستحصال حقوقهم بشتى السبل.