رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

 

 

ربما يكون من الصعب تقديم تحليل رصين ومتماسك لما يجرى من أحداث فى تونس على صعيد إقصاء حركة النهضة وما قد يؤدى إليه ذلك من أحداث لا شك أنها ستمثل قضاءً تامًا على مشاركة الإسلاميين فى الحكم هناك. غير أنه فى المقابل فإن ما يجرى وما جرى من أحداث شبيهة ربما يقدم خلاصة مهمة بشأن تجربة الإسلاميين فى الحكم وهى القضية التى طالما أثيرت وجرى تناولها بالنقاش والتحليل على المستوى العربى الإسلامى بل وفى الغرب تحت عنوان «الديمقراطية الإسلامية».

وإذا كان المصطلح– الديمقراطية الإسلامية– يجمع بين متناقضين فى تصور البعض إن لم يكن الكثيرين باعتبار أن الديمقراطية والإسلام فى النظرة العامة التى أيدتها بعض المواقف والتصورات صنوان لا يجتمعان، فإن ظروفًا عدة فرضته فى ضوء التطور الذى انتاب فكر الكثير من قادة العمل الإسلامى سواء على المستوى النظرى أم العملى ما انتهى بهم إلى الانخراط فى العملية الديمقراطية فى بلدانهم فى الحدود التى أتيحت للعملية الديمقراطية بشكل عام فى تلك البلدان.

وإذا كان يمكن التأريخ لانخراط الإسلاميين فى العملية الديمقراطية على المستوى العربى بعقد التسعينات، إذا استبعدنا الإرهاصات الأولى وعمليات الجدل حول قيمة المشاركة فى هذه العملية ذاتها، فإنه يمكن فى حدود هذه السطور المحدودة الإشارة سريعًا إلى أن هذا التطور شهد أربع تجارب أساسية وقد يزيدها البعض تجربة أخرى لتصبح خمسًا كلها انتهت على نحو واحد، وإلى حد يمكن معه القول إن التجربة الأخيرة فى تونس تمثل أفولًا كاملًا لمشاركة التيار الإسلامى فى الحكم والانتهاء التام لتلك التجربة ما يمكن معه الحديث بثقة عن «ما بعد الديمقراطية الإسلامية».

تتمثل أولى هذه التجارب فى تجربة جبهة الإنقاذ فى الجزائر التى احتلت وضعًا مهمًا فى الساحة السياسية هناك والتى فازت فى الانتخابات التى أجريت هناك فى أوائل التسعينات وانتهى الأمر بها على نحو ما هو معروف. أما ثانى التجارب فهى تجربة جبهة حماس فى فلسطين، حيث انخرطت فى العملية الديمقراطية ونجحت فى الانتخابات عام 2006 وتم إسناد مهمة تشكيل الحكومة الفلسطينية لها الأمر الذى واجه عقبات عديدة ما انتهى معه الأمر على نحو ما هو معروف.

ثالث التجارب هى تجربة جماعة الإخوان فى مصر التى تمكنت خلال العقد الأول من الألفية وأثناء حكم الرئيس الأسبق مبارك من شغل عدد كبير فى البرلمان وصل إلى 88 نائبًا ما أدى إلى بروزها كجماعة رئيسية فى إطار النظام السياسى القائم كان من نتيجته تمكنها من الوصول إلى الحكم بعد استغلالها ما جرى خلال ثورة يناير إلى أن انتهى الأمر بها على نحو ما هو معروف.

أما رابع التجارب فهى تجربة حركة النهضة فى تونس التى تمثل فرعًا من الفروع الدولية لجماعة الإخوان التى تمكنت من احتلال مكانة متميزة فى النظام التونسى فيما بعد الثورة التى أطاحت بزين العابدين بن على ومثلت الشرارة الأولى لما اصطلح على تسميته بالربيع العربى. وبعيدًا عن تفاصيل عديدة مثلت الجماعة لاعبًا أساسيًا فى تفاعلات النظام التونسى وسيطرت على البرلمان وكان لها الكلمة والسيطرة على مقدرات الأمور هناك حتى أيام قليلة مضت إلى أن كان ما كان وانتهى بها الأمر على نحو ما هو معروف.

قد يضيف البعض تجربة خامسة على مستوى الحديث عن تجارب ومساعى التيار الإسلامى للمشاركة فى الحكم تتمثل فى تجربة جبهة الإنقاذ فى السودان التى استطاعت السيطرة على الحكم إثر انقلاب 1989 واستمرت أكثر من ثلاثين عامًا إلى أن انتهى بها الأمر منذ شهور قليلة على نحو ما هو معروف.

لماذا كان ذلك كذلك، ولماذا كانت هذه النهايات التى ربما يراها البعض متشابهة؟ هذا ما يتجاوز حديثنا هنا وربما يتطلب دراسات رصينة ليس هذا أوانها ولا مكانها.

[email protected]