رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

تأكيدًا للفكرة التى ذهب إليها مقالنا الخميس الماضى بشأن أهمية التوقيت فى اتخاذ القرار جاءت نتائج أعمال جلسة مجلس الأمن التى عقدت فى اليوم ذاته حول أزمة سد النهضة. وإذا كان من الممكن النظر إلى أو تحليل نتائج مناقشات الجلسة من زوايا مختلفة فإننى هنا أركز على النظر لها من زاوية الموقف المصرى.

لا شك عندى فى أن المناقشات كانت مفاجأة للكثيرين، وأنا وأنت من بينهم، الذين ربما عولوا كثيرا على دور لمجلس الأمن فى إنهاء الأزمة، حيث تعددت المطالبات على مدار سنوات الأزمة بضرورة لجوء مصر إلى مجلس الأمن، بل يمكن القول إن المناقشات ربما اتخذت مسارًا معاكسًا ليس لآمالنا ولكن لما كنا ننتظره من نصرة قضية ربما تمثل قضية نموذجية فى عدالتها. ولكن هذه هى السياسة فى أكثر تجلياتها فجاجة.

أعود لأشير إلى أن جلسة المجلس، وعلى خلاف جلسته العام الماضى، ربما كانت محطة فاصلة أو أساسية فى مسار الأزمة رغم أن مخرجاتها النهائية لم تتم بعد، حيث يمكن القول إنها فى التحليل النهائى ربما تفرض قيودًا على التحركات المصرية، بما قد يعنى بوجه من الوجوه أن عدم انعقادها وعلى النحو الذى تمت به ربما كان أفضل.

بمنظور السياسة فإن أهم نتيجة يمكن القول إن منطق الجلسة قد فرضها هى أن «مبدأ كل الخيارات مفتوحة» لم يعد قائمًا، ليس بمعنى أنه أصبح ممنوعًا، وإنما أصبح واجبًا عملا بفكرة مقتضى الحال. ليس المجال هنا لمناقشة ازدواجية المعايير الدولية أو افتقاد العلاقات الدولية للعدالة أو غير ذلك من قيم هى فى النهاية أخلاقية، وإنما إقرار بواقع يشير إلى أن السياسة تقوم على المصالح الضيقة كما يراها كل فاعل دولى بمنظوره الخاص. ومن أسفٍ أن مجموع هذه المصالح للدول المختلفة الفاعلة فى مجلس الأمن وخاصة الدول دائمة العضوية استقر على اتخاذ موقف ربما – وأقول ربما من قبيل تخفيف نبرة الخطاب – لا يتوافق مع المصلحة المصرية ورؤية القاهرة لسبل التعامل مع أزمة السد، حتى أن المرء ليمكن له القول بثقة ودون إحساس بالمبالغة إن هناك حالة من التواطؤ الدولى ضد مصر فى أزمة سد النهضة إن لم يرتق هذا التواطؤ إلى مستوى المؤامرة.

بعيدا عن تفاصيل ما جرى، يمكن القول إنه إذا كان المثل التقليدى يقول إن كل الطرق تؤدى إلى روما، فإن مجلس الأمن يرى أن كل الطرق يجب أن تنتهى إلى المفاوضات وعن طريق الاتحاد الإفريقى، وهى الخلاصة التى لا أتصور أنها ترضى أو تحقق المطلب المصرى أو لم تكن هدف مصر من طلب تدخل مجلس الأمن، خاصة فى ظل تجاهل المجلس لأمر مواصلة أثيوبيا عملية الملء الثانى والتى تفرض واقعًا يقوض فكرة المفاوضات ويفرغها من مضمونها.

ليس ذلك فقط بل إن الموقف الروسى جرَّ الأزمة إلى منحنى آخر، حين راح مندوب روسيا ينتقد ما اعتبره التهديد بعمل عسكرى رغم أن ذلك الأمر وعلى هذا النحو لم يتم من قبل أى مسئول مصرى بعيدا عما إذا كان ذلك من حق مصر أم لا؟ وإمعانًا فى الخصومة وفى مناصرة الموقف الأثيوبى تم بعد أيام من الجلسة توقيع اتفاقيات تعاون عسكرى بين روسيا وأثيوبيا وهى خطوة لها دلالتها بغض النظر عن طبيعة هذا التعاون وحجمه وتأثيره على ميزان القوى بين دولتى الأزمة وهما مصر وأثيوبيا بالأساس.

لا أتصور أن جلسة مجلس الأمن أو حتى المجلس ذاته، هى نهاية المطاف، وأتصور أن مصر ما زال لديها الكثير من الأوراق التى يمكن لها استخدامها، لكن ذلك لا ينفى أن أعمال الجلسة مثلت خصمًا من حجم الرصيد الذى تمتلكه مصر فى إدارة أزمة السد، وهو الأمر الذى أتصور أنه ربما يجب أن يمثل دافعًا لسرعة التصرف قبل أن ينفد هذا الرصيد!

[email protected]