رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

طلة

هو حى لا سفير فيه ولا سفارة ومع ذلك يحمل هذا الاسم الخادع «حى السفارات». عندما أخبرت زوجتى منذ أكثر من عشرين عاما بأن لدينا فرصة ننتقل لحى فى مدينة نصر اسمه حى السفارات سألتنى مندهشة: وهل يسمح لغير الدبلوماسيين بالسكنى فى مثل هذا الحي؟ قلت وأنا أتقمص دور الواعظ: لا فضل لدبلوماسى على صحفى إلا بالمحفظة، فقالت وهى تداعب محفظتى الخاوية: وهل تعتقد أن محفظتك تنافس محفظة الدبلوماسى يا زين الرجال؟ فقلت لها: وأنا أداعب الغويشتين فى معصمها: «ماهو يا ست الستات إيد لوحدها ماتصقفش واهو غويشتين منك على كام جمعية على قرضين تلاتة من البنوك نغير الشقة وننتقل بقى نقلة لفوق،، فقالت: هو حى السفارات ده كومباوند زى إللى بنسمع عنهم»؟ فأجبتها: «لا مش أوى كده لكن اعتبريها يا ستى خطوة تمهيدية للكومباوند إللى بنحلم بيه».

لم تكدب الست الخبر وسلمتنى الغويتشين راضية مرضية،، ولم أكدب أنا الخبر وأصبحت أهم عميل فى البنوك المصرية ولو راجعت تقارير البنك المركزى لوجدت العبد لله صاحب فضل كبير فى إقالة العديد من البنوك من عثرتها باستخدام السيولة المتوفرة لديها، حيث حصلت على عدة قروض مع شد الحزام على البطون لتوفير المبلغ والانتقال لحى السفارات تمهيدا للقفزة الكبرى بالانتقال للكومباوند المأمول، ذلك الكومباوند الذى هو مصير كل المصريين مثلما تؤكد لنا إعلانات التليفزيون التى تشعرنا أن من لا يسكن الكومباوند هو مواطن نص كم فاقد الأهلية.

فى أول يوم لنا فى حى السفارات قالت لى زوجتي: مش العمارة إللى جنبنا خطفوا منها عيل الصبح وهو واقف مستنى أتوبيس المدرسة فقلت لها وأنا أتقمص دور أحد الباشوات: طبيعى ده مجتمع أغنياء والعين عليه، المهم إنتِ بس خدى بالك من نفسك ومن البنات. وطبعا لم يكن ذلك الخبر الوحيد الذى نقلته لى زوجتى منذ انتقالنا لذلك الحى الذى يعانى من كل العشوائيات التى تعانى منها بقية أحياء المحروسة،، مثل أكوام القمامة التى تنتشر فى جميع الأنحاء ومثل استيلاء محلات السوبر ماركت والخضار على أرصفة الشوارع دون رادع والكلاب التى تنتشر ليل نهار مهددة حياتنا وحياة أطفالنا، حيث عقرت مؤخرا أكثر من مواطن ناهيك عن الشباب الذين يستغلون هدوء المنطقة نسبيا فيتخذونها مرتعا ترقد فيه سياراتهم حتى الساعات الأولى من الصباح يتناولون كل صنوف المخدرات، ورغم وجودى حاليا فى الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أننى أتابع على جروبات سكان السفارات يوميا معاناة الناس سواء من الشباب الساهر فى السيارات أو من الكلاب التى ترتع فى الحى وتنام فوق السيارات.

الغريب فى الأمر أننا فى حى السفارات نحصل على كل السلع والخدمات كما لو كنا سفراء بجد فترى أسعار الخضراوات والمنتجات فى أى سوبر ماركت مثلا ثلاثة أضعاف سعرها فى أى مكان، وأتوقع أن تتضاعف طبعا عشرات المرات بعد قرار زيادة رواتب ومعاشات الدبلوماسيين والوزراء وبأثر رجعى رغم أن حى السفارات لا سفير فيه ولا وزير لكن الصيت ولا الغنى، ولك أن تعلم أن أى صنايعى كهربائى مثلا أو سباك يعتبر العمل لمدة ساعتين فى أى شقة بالسفارات تساوى إعارة سنتين فى الخليج لابد أن يعود منها بمبلغ يؤمن مستقبله، كيف لا والزبون يسكن فى السفارات، ذلك الحى الذى أصبحت عالقًا فيه فلا أنا قادر على الرجوع للأحياء الشعبية ولا قادر على القفز للكومباوندات.

هذا هو حالنا نحن أهل السفارات فكيف حالكم يا أهل الكومباوندات، هل وجدتم ما أخبرتكم به الإعلانات حقًا أم تراكم مثلنا قد رفعتم شعار «من ساب داره اتقل مقداره»؟

[email protected]