رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الحاج عمر إدريس، رئيس المجلس الأعلى الفيدرالى للشئون الإسلامية الإثيوبى (مفتى إثيوبيا)، استيقظ على أذان (بيان) الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف فى شأن قضية السد الإثيوبى، مكلفا بالرد، لم يجد مايرد به على بيان راق من إمام طيب يدعو للتعاون والتكامل لرخاء الشعوب، وحفظا للمعاهدات والمواثيق الدولية، وحقا فى الحياة، فالماء هبة الله، ولا يحتكره بشر، ظلما واجتراء وافتراء، الإمام بعلمه وخلقه وأدبه فى الخطاب يؤذن فى العالم بالسلام، وينهى عن الصراع والحرب.

هل راجع الحاج عمر بيان الإمام، الدكتور الطيب قال بالحق المصرى الثابت فى مياه تتنزل من السماء لتروى الأرض العطشى والإنسان والحيوان والنبات، يؤذن بالحق فى الحياة للناس كافة، أعلم أن الحاج عمر ينطق سياسيا بلسان حكومته، وهذا شأنه، والإمام الأكبر أكبر من أن يتوقف أمام مافاه به، ومثل هذه البيانات والتصريحات التى لاتلتزم أدب الحوار، لا فائدة منها، لا تخلف إلا خسارة.

التخليط فى المواقف ظاهر للعيان فى تصريحات الحاج عمر، ويستأهل توقفا وتبيينا، عندما يقول «نحن فى بلد الملك النَّجَاشِى، الملك العادل، والعدالة مازالت فى بلادنا إثيوبيا إلى يومنا هذا”، أنه يقينا يجافى الحقيقة..

حقا وصدقا، الملك النَّجَاشِى كان عادلا بشهادة المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، والنَّجَاشِى هو «

أصحمة بن أبجر «، استقبل الصحابة المهاجرين إليه، واجتمعوا به فى الفترة ما بين ٦١٠-٦٢٩ ميلادية، ومن موقع (دار الإفتاء المصرية) « أصحمة « ملك الحبشة، تابعى من وجه، صحابى من وجه، وقد توفى فى حياة النبى (صلى الله عليه وسلم)، فصلى عليه بالناس صلاة الغائب، ولم يثبت أنه صلى على غائب سواه، وسبب ذلك أنه مات بين قومه، ولم يكن عنده من يصلى عليه؛ لأن الصحابة الذين كانوا مهاجرين عنده خرجوا من عنده مهاجرين إلى المدينة « عام خيبر».

نزل فيه قوله تعالى « لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ « ( المائدة / ٨٢ )

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) وَهُوَ بِمَكَّةَ يَخَافُ عَلَى أصحابِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَبَعَثَ جَعْفَرَ بْنَ أَبِى طَالِبٍ وَابْنَ مَسْعُودٍ فِى رَهْطٍ مِنْ أصحابِهِ إِلَى النَّجَاشِى وَقَالَ إِنَّهُ مَلِكٌ صَالِحٌ لَا يَظْلِمُ وَلَا يُظْلَمُ عِنْدَهُ أَحَدٌ، فَاخْرُجُوا إِلَيْهِ حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ فَرَجًا، فَلَمَّا وَرَدُوا عَلَيْهِ أَكْرَمَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ: تَعْرِفُونَ شَيْئًا مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: اقْرَءُوا. فَقَرَءُوا وَحَوْلَهُ الْقِسِّيسُونَ وَالرُّهْبَانُ، فَكُلَّمَا قَرَءُوا آيَةً انْحَدَرَتْ دُمُوعُهُمْ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: « ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ • وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ « ( المائدة / ٨٢-٨٣ ).

ونزل فيه أيضًا قوله تعالى: « وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ « ( آل عمران / ١٩٩ )

قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَسٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ: أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ نَعَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِرَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) فِى الْيَوْمِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) لِأصحابِهِ: «اخْرُجُوا فَصَلُّوا عَلَى أَخٍ لَكُمْ مَاتَ بِغَيْرِ أَرْضِكُمْ»، فَقَالُوا: وَمَنْ هُوَ؟ فَقَالَ: «النَّجَاشِيُّ»، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) إِلَى الْبَقِيعِ وَكُشِفَ لَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَأَبْصَرَ سَرِيرَ النَّجَاشِى وَصَلَّى عَلَيْهِ وَكَبَّرَ أربع تَكْبِيرَاتٍ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ وَقَالَ لِأصحابِهِ: «اسْتَغْفِرُوا له «..

هذا عن النَّجَاشِى ياحاج عمر، وعن عدله، فلا تخلط تخليطا، نعم أنتم فى بلدٍ الملك العادل تاريخيا، ولكن أن تمد الخط يقطع قرونا لتقرر بأن العدالة مازالت فى بلادكم إلى يومنا هذا، هذا قفز عجيب، فلتنظر الموقف الإثيوبى فى قضية السد، هل تقر بعدالته، هل فيه من عدالة النَّجَاشِى من شيءٍ، هل حبس النَّجَاشِى ماء الحياة وعطش خلق الله عدلا، هل الانقلاب على المعاهدات والنكوص عن المواثيق، والدعوة إلى الحرب من عدالة النَّجَاشِى !

الإمام الأكبر، وبابا مصر، وكل رجال الدين والحكماء والعوام يصلون للسلام، صلى أيضا للسلام، ولتدعو للحوار، ولنقف موقف الإسلام من قضية حياتية، إذا استشهدت بالنَّجَاشِى فعليك بذكر عدالته تأسيا بها، وليت قومك يفقهون عدالته، لكان ذلك خيرا للناس..

العدالة ياحاج أحمد فى تجليها، تعنى رؤية انسانية للمحيط الذى يعيش فیه‌ کل فرد بعيدا عن التحکم. والعدالة عكس الظلم والجور والتطرف، أهداف العدالة الإنصاف والمساواة والتوازن وعدم التعدى وحماية المصالح الفردية والعامة وهى مفهوم أخلاقى يقوم على الحق والأخلاق والعقلانية.