رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

من المؤكد أن الرئيس السيسى لمس وترًا حساسًا وأصاب كبد الحقيقة حين أشار فى تصريح له مؤخرًا إلى قلق المصريين من أزمة سد النهضة وتفهمه ذلك القلق واعتباره قلقًا مشروعًا داعيًا إيانا إلى الصبر باعتبار أن المفاوضات عملية طويلة الأمد وتتطلب مثل هذا الأمر.

وقد كشف رد الفعل الشعبى على تصريحات وزير الخارجية سامح شكرى الأسبوع الماضى بشأن عدم وجود مخاوف من عملية الملء الثانى، وهى التصريحات التى تم تجاوزها أو تصحيحها بمعنى أصح من خلال أخرى مغايرة، عن حجم هذا القلق وأنه قلق استثنائى ويأتى ليس فقط للخوف من تأثيرات السد وإنما من نمط التعاطى المصرى مع الأزمة بالشكل الذى بدا جانب منه فى التصريح المشار اليه، وهو ما يمكن أن يؤدى بنا فى منظور بعض القلقين إلى طريق مسدود لا يحقق بأى حال المطالب المصرية.

باختصار شديد فى تقديرى أن جانبًا من القلق لدى قطاع كبير من المصريين المتابعين لقضية سد النهضة سببه هو المسكوت عنه فى الأزمة أو بمعنى آخر نقص المعلومة وهو أمر يمكن أن يشعر به المرء من متابعته لمسار المفاوضات وما يخرج عنها من معلومات وهو محدود.

بعبارة أخرى ليس هناك تفاصيل بشأن المفاوضات ومواقف أطرافها، هناك رؤى عامة لكن ليس هناك مثلا إيضاحات بشأن ما جرى فى زيارة المبعوث الأمريكى فيلتمان أو الرئيس الكونغولى، والتى ربما كانت وراء موقف شكرى، حيث من الصعب تصور أن ما قال به وزير الخارجية «زلة لسان» وإنما بناء على ترتيبات تتعلق بالمواقف التفاوضية والتى ينقلها الوسطاء الدوليون.

طبعا هناك قضايا لا يجب أن تطرح على الملء هكذا وإنما يجب أن تقتصر على الكواليس، لكن المشكلة أن كواليس سد النهضة أكبر بكثير من واجهاتها، وهناك منطق لمن يدير العملية التفاوضية فى مصر من وراء ذلك.

أتصور أنه انطلاقًا من خطورة القضية وتأثيراتها فإن المفاوض أو النظام المصرى يرى أن موقف الشارع أو حتى الإعلام لا يجب أن يسبقه بشأنها أو يقوده بمعنى أصح، على أساس أن ما يحكم موقف الشارع عادة ما يكون اعتبارات عاطفية لا تتسم بالرشادة التامة، ما يتناقض مع طبيعة الأزمة التى ربما تقتضى التعامل «الجراحي» معها ومع تفاصيلها.

إذا أضفنا إلى ذلك طبيعة توجهات النظام المصرى فى السنوات الأخيرة والتى تميل إلى التعامل الهادئ البعيد عن الضجيح فى العديد من القضايا – خذ مثلا بعض المشروعات التى لا يتم الإعلان عنها إلا بعد اكتمالها، يمكن لنا استيعاب طبيعة التعامل المعلوماتى مع أزمة سد النهضة.

أما البعد الثالث وراء هذا النهج، فيتمثل فى وجود فصيل شق عصا الطاعة وخرج على الجماعة وهو الإخوان تشير مواقفه إلى حالة تربص تصل فى بعض الأحيان إلى حد تمنى الفشل للنظام مهما كانت حيوية القضية التى يتصدى لها مثل قضية المياه التى تعتبر مسألة حياة أو موت للمصريين لا فرق فى ذلك بين مواطن وآخر. وربما على هذا الأساس يتم التعاطى بحذر بشأن ما يطرح من معلومات أو تفاصيل بشأن مسار أزمة سد النهضة.

غير أن مشكلة هذا النهج أو تبعاته ربما تكون سلبية بل وخطيرة أيضا، وقد تفرض عبئًا على النظام ذاته لجهة اتساع مساحة القلق «المكتوم» لدى الجماهير واتساع نطاق الشكوك بشأن سلامة «اقترابه» من الأزمة ونسب نجاحه فى تحقيق أهدافه. تتعزز تلك المشكلة بشكل خاص فى ضوء حقيقة أنك تواجه خصمًا يتخذ مواقف عنترية واجهتها المتحدث باسم الخارجية الاثيوبية دينا مفتى والذى تذكرنا تصريحاته بتلك التى كان يدلى بها محمد سعيد الصحاف وزير الإعلام العراقى خلال الغزو الأمريكى لبلاده والتى صحا معها العراقيون على كارثة رغم تنويهاته وتأكيداته المتنوعة بقوة جيش بلاده!

ورغم كل ذلك فإن ما يبدد القلق لدى المصريين ويجعلهم يشعرون بالطمأنية الثقة الكبيرة فى قيادة بلدهم وقدرة قواتهم على حماية مصالحهم بالشكل الذى يجعلهم ينامون قريرى العين، هادئى البال.

[email protected]